بالطبع فإن الاقتصاد يشغل مقدمة اهتمامات الدول السبع الكبار، وأيضا فإن السياسة تلقى بظلالها، ففى حين تزدهر صناعة السلاح على خلفية الصراعات الإقليمية فإن التباطؤ الاقتصادى يشغل جزءا رئيسيا من النقاش، حيث تحضر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، على خلفية تبادل فرض رسوم على الواردات بين الولايات المتحدة والصين، الأمر الذى يجعل الحضور الصينى واضحا بالرغم من الغياب، فالخلافات التجارية تتخطى الصين لتصل إلى أوروبا نفسها التى تختلف سياسات الرسوم التى تفرضها الولايات المتحدة، وتبدو فيها كأنها تضرب اتفاقية التجارة العالمية.
أوربا الحليف التقليدى للولايات المتحدة، ترفض الرسوم الأمريكية، وأيضا تظهر بعض الاختلاف فيما يتعلق بمعالجة التوتر بين واشنطن وطهران، على خلفية إلغاء الاتفاق النووى مع طهران، وارتفاع حدة التوتر لتبلغ أقصاها فى خليج هرمز وإيقاف ناقلات بريطانية ردا على إيقاف ناقلة إيرانية فى جبل طارق.
وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف وصل إلى مقر قمة الدول السبع فى مدينة بياريتز الفرنسية، فيما بدا أنه ترتيب فرنسى، حيث قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن زيارة ظريف لم تكن مفاجأة، وأن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تحدث معه وطلب منه الموافقة على الزيارة.
ترامب قال ذلك فى جلسة مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسى على هامش قمة السبع فى فرنسا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب فى تغيير النظام فى إيران، ولكن يجب على إيران التخلى عن المشروعات النووية والصاروخية.
وفيما يبدو أن مصر كانت طرفا فى طرح إنهاء التوتر بين واشنطن وطهران، ضمن مساعى لنزع التوتر الإقليمى، حيث سبق وأعلن الرئيس السيسى أثناء مؤتمر الشباب الأخير بالعاصمة الإدارية أن المنطقة لاتحتمل اشتعال أى صراعات أخرى، وكان يعبر عن سياسة مصرية تدفع دائما إلى الحلب السياسى للقضايا والصراعات فى المنطقة باعتبار إنهاء الصراعات من شأنه أن يخفف من مشكلات الاقتصاد ويساعد على التنمية والاستثمار. وكانت هذه محاور المباحثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الأمريكى التى تناولت القضية الفلسطينية كجزء من عناصر التوتر وأن الحل العادل من شأنه أن يخفف التوتر.
الرئيس السيسى كان حريصا على تكرار رؤية مصر لإنهاء التوتر، وطرح قضية ليبيا، سواء فى لقاءاته الثنائية مع رئيس الوزراء الإيطالى، أو مع قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأيضا فى كلمته التى ألقاها أمام القمة، وتحدث عن «طموحات شعوب أفريقيا فى تحقيق السلام والتنمية المستدامة والارتقاء بمستوى معيشة شعوبها»، معتبرا أن المعوقات أمام تحقيق تلك الأهداف، تتمثل فى الأزمات الدولية والإقليمية القائمة، وتسارع أحداثها وتشابكها. حيث لا بديل عن الحوار المتواصل حولها، و«إشراكنا بشكل أكثر فى معالجتها، بما يتمشى مع المصالح المشتركة والمتبادلة، وكذا مع قواعد الديمقراطية التى يجب أن تسود وتترسخ فى العلاقات الدولية.»
وانتقل إلى الوضع فى ليبيا وتفاقم الأوضاع بشكل أثر ذلك على أمن واستقرار مواطنيها، ودول الجوار، جراء التهديد الذى تشكله المنظمات الإرهابية، والميليشيات المسلحة، وجدد الرئيس السيسى رؤية مصر لحل الأزمة الليبية فى «عملية تسوية سياسية شاملة، تعالج كل جوانب الأزمة، وفى القلب منها قضية استعادة الاستقرار، والقضاء على الإرهاب وفوضى الميليشيات، وإنهاء التدخلات الخارجية، وضمان عدالة توزيع موارد الدولة والشفافية فى إنفاقها، واستكمال توحيد المؤسسات الليبية على النحو الوارد فى الاتفاق السياسى الليبى.
وتربط الرؤية المصرية بين الاستقرار السياسى والمنى من جهة، والتنمية من جهة أخرى، واعتبار أول خطوة فى مكافحة الإرهاب هو مساءلة حقيقية لداعميه ومموليه، والحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها، حيث ترتبط التنمية بالاستقرار، وترتبط بمواجهة تداعيات الفقر مثل البطالة والهجرة غير الشرعية، وهى نتاج للإرهاب والفقر.
حضرت السياسة والأمن فى قمة السبع، حضرت إيران وليبيا، وبدت أوروبا ساعية لإنهاء توتر الخليج مع ايران، وبدا أن القمة تسعى لفك التشابكات مع السياسة الأمريكية.