د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: اخْتَرْ ما شئت

السبت، 03 أغسطس 2019 07:21 م
د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: اخْتَرْ ما شئت داليا مجدي عبد الغني
داليا مجدي عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفطرة والمُكتسبات، هما العنصران اللذان يُكونان شخصية الإنسان، فهو يأتي إلى الحياة على فطرته السليمة، ثم يكتسب الكثير من المُكتسبات، بعضها إيجابي والآخر سلبي، ولكن تظل فطرته تتصارع مع مُكتسباته، ولكن السؤال هو، من فيهما الأقوى؟
 
البعض يقول أن الفطرة هي الأقوى؛ لأنها الأساس والبداية والأصل، والبعض الآخر يُردد أن المكُتسبات أقوى؛ لأنها تحدث بفعل الزمن، وبإرادة ووعي صاحبها، ولكنني مبدئيًا أرفض مُصطلح "الفطرة السليمة"، فمن قال أن كل إنسان تكون فطرته سليمة، ألم نلحظ وجود أطفال صغار في مهدهم، يكون لديهم ميول عُدوانية، بدون أي أسباب منطقية، فالجينات الوراثية لها دور كبير في تكوين طبيعة الإنسان وميوله، فأنا أرى أن الفطرة هي كالصفحة البيضاء، لا يُوجد بها أي مؤشرات تُوحي بالخير أو الشر، ثم يبدأ صاحبها في تلوينها، وهذه الألوان ليست كلها مُكتسبات خارجية، وإنما تبدأ عادةً باختيار شخصي من صاحبها، لا علافة لها بالمجتمع.
 
علاوة على أننا دائمًا نتحدث عن المُكتسبات, وكأنها كل ما هو سلبي وشاذ، وخارج عن المألوف، بالرغم من أن أهم وأفضل الأمور في حياتنا، كان أساسها هو المُكتسبات، فعلى سبيل المثال "العبادة"، بكل أشكالها وصورها هي مُكتسب ديني، فنحن لم نُولد نُصلي ونصوم ونُزكي، و"الإرادة" نحن نكتسبها بمرور الوقت؛ بسبب ما نمر به من صُعوبات، و"الخبرة"، هي نتاج مجموعة من التجارب التي تارةً تنجح، وتارةً أخرى تخفق، و"الحب"، هو مشاعر طيبة وبريئة، وصادقة، نُعضدها بسلوكياتنا.
 
وهكذا، فليس كل مُكتسب هو سلوك رديء، وليست كل فطرة هي في أصلها سليمة، فالصفحة البيضاء نحن من نُلونها كيفما نشاء، ولكن سيبقى السؤال، أيهما أقوى، الفطرة أم المُكتسبات، أيًا ما كانت الفطرة سليمة أم لا، أو المُكتسبات سلبية أم إيجابية؟
 
والإجابة على هذا السؤال، أتت مُنذ قرون طويلة، في الآيات الكريمة (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) صدق الله العظيم.
أي أن الإنسان له كامل الاختيار في أن يُغَلِّب الخير أو الشر، سواء كان هذا الخير هو فطرته أو مُكتسباته، وسواء كان هذا الشر كامنًا في فطرته أو مُكتسباته، فللإنسان مُطلق الحرية في أن يُغَلِّب ما يشاء، غير مُقيد بالفطرة أو المُكتسب، فكلاهما كامن بداخله، وعليه أن يُغَلِّب ما يشاء منهما؛ لأنه لا يقوي منهما، سوى ما يريد هو، وهو أن يُقويه بداخله.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة