أحمد إبراهيم الشريف

مونديال القطيبى.. أحمد خالد والصعيد الذى كان

السبت، 03 أغسطس 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شرعت فى قراءة كتاب "مو.." للشاعر والكاتب الصحفى أحمد خالد، فأخذتنى المقدمة التى جاءت تحت عنوان "مونديال القطيبى" وأثارت فى نفسى تاريخاً من الفرح والحزن، وأشعلت ذكريات عما يمكن أن نسميه تاريخ الصعيد الجميل، الذى ولى فى غير رجعة، عندما كانت قيم الناس فى أشخاصهم وليس فى تليفوناتهم أو ملابسهم غالية الثمن أو نوع سجائرهم.
 
ذكرتنى المقدمة بسنوات الثمانينيات فى الصعيد، عندما كانت القرى باعثة على الهمة وكانت المدرسة صانعة الأحلام وكان المدرس حامل المعرفة إلى العقول وحامل الإنسانية إلى القلوب، بينما المتعلم معترفا بالفضل للمكان والإنسان، راغبا فى رد الجميل.
 
يحكى أحمد خالد تجربة مثيرة، وقعت لقريته "الرئيسية" فى قنا، عندما فكر العمدة هناك، أن يجعل الجميع على قلب رجل واحد، فدعا إلى تشيكل فريق كرة قدم يمثل القرية، وعهد إلى المهندس "القطيبى أحمد حفنى" بهذه المهمة، ويخبرنا أحمد خالد بأن المهندس القطيبى الذى أنار القرية بالكهرباء أنار عقول أبنائها بالرياضة أيضا.
 
يتتبع أحمد خالد التجربة المثيرة فى تشكيل الفريق  والقوانين الصارمة (اللعب باسم الفريق وليس العائلة، والتوقف عن التدخين والمكيفات) هذه القوانين وضعها المهندس القطيبى، الذى امتلك معرفة رياضية من القراءة والمشاهدة والملاحظة والتحليل، كما يستعرض "خالد" تجربة التصفيات التى ظهرت فيها الروح القوية والجميلة للاعبين ولأهل القرية الذين وقفوا بقلوبهم وبأرواحهم وراء أبنائهم، ولعل المباراة مع "بهجورة" كانت كاشفة لكل ذلك يقول أحمد خالد "كانت مباراتنا مع قرية بهجورة فى الساعة الخامسة، وهو نفس موعد آخر أتوبيس يغادر إلى نجح حمادى التى يفصلها عن قريتنا نحو 20 كم، وكانت أزمة كبيرة، إذ كيف نعود للبلد من دون وسائل مواصلات؟ واتفق الفريق على: سنلعب، ونعود مشيا، لكن المفاجأة الكبرى حدثت حين فوجئنا بالأتوبيس الذى يقوده عبده أبو الوكيل، يقتحم الملعب حاملا معه أهالى قرى الرئيسية والعبدية والشاورية الذين كانوا يقضون مشاغلهم فى نجح حمادى، رجالا ونساء وعجائز وأطفالا، فقد قرر عبده تحويل مسار الأتوبيس والاتجاه به للملعب، لتشجيع الفريق وانتظاره حتى ينتهى من المباراة، وانتهت المباراة الفاصلة ليعلن صعود فريق الرئيسية لتصفيات أبطال المراكز على مستوى المحافظة، وهى التصفيات المؤهلة للدرجة الثالثة، وعدنا مع أهالينا فى أتوبيس عبده للبلد بعد صلاة العشاء، رافعين تميمتنا (أبو قردان) رمز النصر والسلام".
 
الحكاية ملأت عينى بالدمع، ودفعتنى لذكريات قديمة فى قرى أسيوط، نعم كانت التجربة مختلفة من حيث الأحداث، لكنها متشابهة من حيث الروح، ومن حيث جوهر الإنسان، عندما كان الرجال الكبار يقفون ليتأملوا أطفالا صغارا يلعبون الكرة فى شوارع القرية.
 
المحزن فى الأمر أن هذه الظواهر الطيبة لم تتطور مع الزمن، بل انتهت، وصارت النفوس "ضيقة" لا تتوقف لشجيع طفل أو حتى لاكتشاف موهبته.






مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة