أظهرت معطيات جديدة وثقها تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة وصل منذ فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية إلى مستويات قياسية مقارنة بالأعوام الـ20 الأخيرة.
وأشار التقرير - الذي يغطي الفترة من 24 إلى 30 أغسطس الجاري - إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي رفعت من وتيرة البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة في عهد إدارة ترامب، وسط تبدل في تعاطي البيت الأبيض سياسيا مع النشاطات الاستيطانية المخالفة للقوانين الدولية في الضفة الغربية المحتلة، علما بأن الإدارات الأمريكية السابقة عكفت على اعتبار الاستيطان عائقا أمام "عملية السلام" في الشرق الأوسط.
وأوضح التقرير أن إدارة ترامب غضت الطرف عن النشاط الاستيطاني في الأرض الفلسطينية، حتى أن وزارة الخارجية الأمريكية أوقفت في أبريل الماضي، استخدام تعبير الأراضي المحتلة، في إشارة إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
ووفقا للتقديرات، فإن إسرائيل أقامت منذ احتلال مدينة القدس الشرقية عام 1967، عشرات المستوطنات في محيط مدينة القدس وأقامت فيها أكثر من 55 ألف وحدة سكنية على أقل تقدير، فيما طرأ خلال الفترة بين العامين 2017 و2018، عقب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية تصاعد هائل في وتيرة البناء الاستيطاني في المدينة المحتلة، حيث تمت المصادقة على بناء 1861 وحدة استيطانية جديدة بارتفاع يبلغ 58% مقارنة بالعامين 2015 و2016 في ظل تفاوت كبير في تراخيص البناء الممنوحة للمقدسيين، الذين تتجاوز نسبتهم الـ38% من مجمل سكان القدس، ولم تتجاوز نسبة تصاريح البناء، التي وافقت عليها لجنة التخطيط والبناء التابعة للحكومة الإسرائيلية في بلدات وأحياء القدس المحتلة، 16.5% فقط من مجمل تراخيص البناء.
ووثق التقرير خلال الفترة التي يغطيها مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخططاتها الاستيطانية بوتيرة متصاعدة، ففي الأسبوع الماضي أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن إقامة حي استيطاني جديد في مستوطنة "دوليف" وسط الضفة الغربية المحتلة، وقال "إنه أصدر تعليماته إلى مدير عام مكتبه بغية تقديم خطة للمصادقة عليها في جلسة لجنة التنظيم والبناء القريبة، وتقضي إقامة حي استيطاني جديد في المستوطنة المذكورة، حيث سيضم الحي الاستيطاني 300 وحدة سكنية جديدة".
وسبق تعليمات نتنياهو ببناء الحي الاستيطاني الجديد، مصادقة ما يسمى بـ"مجلس التخطيط الأعلى" التابع للإدارة المدنية للاحتلال خلال شهر أغسطس الجاري، على إيداع مخطط لبناء 200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة "ميتساد"، وعلى سريان مخطط لبناء 100 وحدة سكنية في مستوطنة "إيبي هناحال".
وتقع المستوطنتان في شرقي الكتلة الاستيطانية "غوش عتصيون" في منطقة بيت لحم، كذلك صادق "مجلس التخطيط الأعلى" على شرعنة بناء لمؤسسة عامة في مستوطنة "غفاعوت"، وعلى شق شارع لمبان تخطط سلطات الاحتلال لبنائها في هذه المستوطنة.
وفي محافظة بيت لحم، جرفت آليات الاحتلال الإسرائيلي أراضي في منطقة المخرور شمال غرب بيت جالا لشق نفق تحت الأرض على غرار آخر يوصل بين القدس ومجمع مستوطنة "غوش عصيون" بمسافة تصل قرابة الكيلو متر، وذلك في إطار توسيع الشارع الالتفافي رقم "60"، علما أن أعمال التجريف ستسلب العشرات من الدونمات من أراضي المواطنين في بيت جالا، وذلك في ظل الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تتعرض لها المنطقة.
وفي محافظة رام الله، جرفت قوات الاحتلال الإسرائيلي طريقا زراعيا في منطقة العين التابعة لقرية الطيرة غرب رام الله التي أعاد المجلس القروي تأهيلها قبل نحو عام، لتسهيل تنقل المواطنين إلى أراضيهم، والطلبة أثناء توجههم إلى المدرسة.. وأعلن الاحتلال المكان منطقة مغلقة، ومنع وصول المواطنين إليها، ويساعد ذلك الطريق الذي يبلغ طوله 800 متر الطلبة في الوصول إلى المدرسة التي تطل على شارع "443" خلال فترة قصيرة، في الوقت الذي كانوا يضطرون لسلوك طريق طويلة جدا وخطيرة، كونها تقع بمحاذاة الجدار العنصري، ويسعى الاحتلال من خلال إجراءاته إلى ربط الطريق بمستوطنة "بيت حارون" الجاثمة عنوة على أراضي المواطنين، ضمن مخطط استيطاني توسعي يسعى الاحتلال إلى تنفيذه.
وفي القدس، تواصل جمعية العاد الاستيطانية وسلطة آثار الاحتلال توسيع وتعميق الحفريات جنوبي المسجد الأقصى في منطقة القصور الأموية حيث تقوم سلطة الآثار بأوسع عملية حفر وتنقيب واستهداف أساسات المسجد الأقصى وتنقل كميات كبيرة من الأتربة بحاويات مشابهة لتلك الحاويات التي تنقل الأوزان الثقيلة وتقوم بإخراجها من باب المغاربة، حيث تقف عند مدخل ساحة البراق حاويات مغطاة وتستمر هذه العملية حتى ساعات الليل وهناك أصوات حفر ونقل للأتربة من المنطقة الغربية الجنوبية كما يبدو استكمالا للحفريات التي تجريها دائرة الآثار مع جمعية "العاد" الاستيطانية في النفق الجنوبي الذي يطلق عليه مركز الزوار في واد حلوة إلى داخل أسوار البلدة القديمة أسفل المسجد الأقصى باتجاه ساحة البراق.
وعلى صعيد متصل وضمن مساعي الاحتلال الرامية لتهويد مدينة القدس المحتلة، يعتزم وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس جمع وتقديم تبرعات مالية لدول أجنبية بهدف تشجيعها على نقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، وهذه التبرعات من المتوقع أن تأتي من يهود مانحين وجهات أخرى من مختلف دول العالم، وستتيح لكاتس تشجيع الدول على فتح سفارات في القدس، والتي قالت سابقا إنها تمتنع عن ذلك بسبب نقص التمويل.
وبحسب بعض المصادر، فإن النائب العام لأمور وزارة الخارجية وافق على المبادرة لتصبح قرارا حكوميا، مشيرا إلى أن هدف كاتس أن ينقل أكبر عدد ممكن من السفارات إلى القدس، ورجح أن يتم جمع التبرعات خلال احتفالات إسرائيل بالذكرى الـ70 لإقامتها.
وكانت صحيفة (يسرائيل هيوم) العبرية الموالية لليكود ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قد كشفت نهاية الشهر الماضي عن خطة يعدها كاتس بهدف الطلب من الحكومة تمويل عمليات نقل السفارات.. وأوضح التقرير أنه وفق المعطيات التي وثقها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان خلال فترة إعداد التقرير، فقد واصل المستوطنون خلال الأسبوع الماضي الاقتحامات والاعتداءات على أبناء الشعب الفلسطيني في مناطق مختلفة في الضفة الغربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة