محسن عادل يفند تحديات الاقتصاد المصرى ومتطلبات الاستثمار
بحصول مصر على الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي، يكتمل برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الناجح حتى الآن سواء على مستوى التزام الحكومة بكل تعهداتها نحو الإصلاح الشامل أو على مستوى نتائج هذا البرنامج، ولكن ظهرت تحديات جديدة أمام الاقتصاد تزامنت معها تغيرات بالمشهد الاقتصادى العالمى والإقليمى، ويفند الخبير الاقتصادي محسن عادل الرئيس السابق للهيئة العامة للاستثمار، أبرز تلك التحديات ومقترحات حلولها.
وكانت الحكومة المصرية، قد أعلنت منتصف عام 2016، عن حاجتها لنحو 21 مليار دولار لتمويل برنامج للإصلاح الاقتصادي يستمر لمدة 3 سنوات، وبعدها بشهرين، وبالتحديد في أغسطس من ذات العام، أعلن صندوق النقد الدولي عن موافقته على إقراض مصر مبلغ 12 مليار دولار.
وبحسب ما أعلن وقتها، فأن برنامج الإصلاح الاقتصادي يهدف إلى خفض عجز الموازنة من خلال التحول لضريبة القيمة المضافة بدلا من المبيعات، وإلغاء الدعم التدريجي للوقود، مع تحفيز جذب استثمارات أجنبية مباشرة من خلال إصدار قانون الاستثمار وقوانين أخرى لتيسير مناخ الأعمال، بالإضافة إلى تحسين أسواق الصرف الأجنبي من خلال تحرير سعر الصرف، وزيادة النمو لخلق فرص العمل، وخاصة للنساء والشباب، كما يهدف البرنامج أيضا إلى حماية الأقل دخلاً في المجتمع أثناء عملية الإصلاح، وقد تم تنفيذ كافة تلك الخطوات.
وصرف صندوق النقد الدولي، قرضه لمصر من خلال 6 شرائح، يرتبط صرف كل شريحة بمراجعة يجريها وفد من الصندوق، عن مدى التزام مصر بتطبيق البرنامج، وسبق للصندوق أن أجرى 5 مراجعات وهم المراجعة الأولى في 13 يوليو 2017 والمراجعة الثانية في 20 ديسمبر 2017 والمراجعة الثالثة في 29 يونيو 2018 والمراجعة الرابعة في 4 فبراير 2019
يقول محسن عادل: "ليس خافيا على أحد أن رياح تغير المشهد الاقتصادي العالمي تهب بقوة على كافة أنحاء العالم لتعيد صياغة القوي الاقتصادية وتحركات رؤوس الأموال وأماكن جذب الاستثمارات وتحركات الصادرات والواردات عالميا بل أن الامور الحالية قد تؤدي إلى تعديلات جذرية في العديد من النظريات الاقتصادية الحالية بما قد يغير من مستقبل الاقتصاد العالمي بصورة كلية.
ويضيف عادل، لـ"اليوم السابع"، أنه رغم هذه التحديات الكثيرة والتي قد تدفع العديد من الدول لتبني سياسات تجارية وقائية الأمر الذى سيدفع العديد من الشركات الصينية إلى إقامة استثمارات خارجية في السلع ذات التعريفة الجمركية المرتفعة، وتوفير تدفقات إضافية من الاستثمار الأجنبى المباشر خارج الصين، مع فتح قنوات التجارة،.
وفي ضوء مؤشرات الأداء الاقتصادي المصري المعلنة مؤخرا نؤكد على أن التدفقات الاستثمارية طويلة الأجل بجانب الموارد الذاتية للدولة هي التي يمكن التعويل عليها في تحقيق الاستقرار المنشود، وبالتالي تحتاج الحكومة للعمل بشكل أسرع على تهيئة المناخ للاستثمارات الأجنبية".
واقترح عادل، لتنشيط الاستثمار فى مصر، تدشين البنك المركزي المصري، حملة مكثفة لبرنامج لتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية مع توسيع قاعدة البرنامج ليشمل تطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية وتطويرها، بالإضافة إلى إعادة النظر في القيود المفروضة على مساهمة البنوك في رؤوس الشركات الجديدة وهو ما يحد من تنويع العملية التمويلية بالسوق المحلية.
وأشار عادل، إلى أن التحديات العالمية وضعت مصر أمام ضرورة حتمية لتكثيف الجهود الترويجية لدعوة المستثمرين في تلك الدول للاستثمار في مصر بهدف التصدير، خاصة وأن هذه التغيرات العالمية تشكل فرصة هامة لاستمرار دخول صادراتهم، نظراً لعدم خضوع المنتجات المصرية لتلك الإجراءات الحمائية وكذا الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة بين مصر ومعظم هذه الدول مع التركيز على دعوة الشركات الأجنبية للاستثمار في الصناعات كثيفة العمالة مثل: صناعات الغزل والنسيج ومكونات السيارات والأجهزة المنزلية (الصناعات الهندسية) بما يساهم في توفير المزيد من فرص العمل وكذا زيادة الصادرات المصرية.
وذكر كما يستدعي الأمر الترويج لاستخدام السوق المصرية كمحطة لإنتاج وتصدير المنتجات بالأسواق الإقليمية والعالمية، في ظل تطلع الشركات إلى استغلال إمكانيات وموارد مصر للتوسع والاستثمار داخل القارة الإفريقية والشرق الأوسط، مع التركيز حاليا على أسواق دول غرب أفريقيا للاستفادة من الفرص التصديرية الضخمة المتاحة بأسواق هذه الدول.
ولفت عادل، إلى أهمية حصر الطاقات الإنتاجية المعطلة في القطاعات المختلفة وطرح برنامج متكامل للتشغيل وتطوير الطاقات الإنتاجية غير المستغلة وتحديثها من خلال اتفاقيات دولية لنقل التكنولوجيا بالتعاون علي وجه الخصوص مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، وبتمويل ميسر وطويل الأجل من هذه الجهات، مع ضرورة الانتهاء من الخطة الاستثمارية للدولة بأقصي سرعة مما سيساهم في تحديد القطاعات والصناعات التي يجب تحفيزها إنتاجيا خلال الفترة القادمة.
وتوقع عادل، أن يساهم المشهد الاقتصادى العالمى الحالي في إعادة هيكلة خريطة سلاسل الإمداد العالمية والتي كانت ترتكز بشكل أساسي في الصين معتمدة في ذلك على التكنولوجيا الأمريكية، وبالتالي من الممكن أن تستغل مصر موقعها الاستراتيجي وخاصة منطقة محور قناة السويس لجذب العديد من الشركات الصينية وكذا العالمية التي تبحث عن موقع جديد لتوطين استثماراتها وخطوط إنتاجها، مع الترويج لجذب الشركات العالمية المتضررة من التحولات الاقتصادية وتشجيعها على الاستثمار في مصر مما يتسق مع اتجاه الحكومة المصرية نحو تشجيع الإنتاج لزيادة الصادرات وإحلال الواردات لتعويض الفجوة في الميزان التجاري بين مصر والصين.
وتابع أنه رغم صعوبات الأوضاع الاقتصادية العالمية إلا أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي تم تنفيذه واستراتيجية تهيئة البنية الاستثمارية على مدار السنوات الأربع الأخيرة، قد وضع مصر في موقف أكثر قوة ضمن هذه الحزمة من المتغيرات الاقتصادية العالمية.
وشدد محسن عادل، على أن المشهد الاقتصادى الحالى لا يحتمل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، فالتضخم وإن ارتفعت معدلاته وهو أمر متوقع فى ظل الإصلاحات الهيكلية ورفع الدعم عن المحروقات وإعادة تسعير العديد من المنتجات، فهو مدفوع بشكل أساسى بالتكلفة وليس بارتفاع الطلب على السلع والخدمات أو ارتفاع الدخول المتاحة للإنفاق، وبالتالى تبقى قدرة أسعار الفائدة المرتفعة على تحجيم هذا النوع من التضخم محدودة، لذا يجب إعادة النظر في أسعار الفائدة الحالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة