يقف "الناضورجى" على مدخل الشارع أو المنطقة التى تشهد نشاطًا غير مشروع، مهمته هى تنبيه تجار الصنف فى حالة وجود حملة أمنية، ورغم دوره البسيط إلا أنه يعد واحد من أهم أفراد العصابة. لأن مصيرها يرتبط بمدى قدرته على تنفيذ المهمة الموكلة إليه، وظهر "الناضورجى" كثيرًا فى الأعمال السينمائية التى سلطت الضوء على نشاطه غير المشروع، وارتبط فى ذلك الوقت بكلمته الشهيرة التى استخدمها لتنبيه أفراد عصابته "كبسة".
مع التطور التكنولوجى الذى شهده العالم، وانتشار الكاميرات فى مختلف المناطق والشوارع، بات دور "الناضورجى" ليس ذوو قيمة، فأصبحت القضايا مدعمة بأدلة وأسانيد قوية لا يمكن للمتهمين الإفلات منها، واتضح ذلك جليًا فى الفيديو الذى انتشر مؤخرًا لأحد تجار المخدرات وهو يوزع "أقراص مخدرة" على عملائه فى إحدى المناطق، بنطاق محافظة الجيزة، وتم تصويره بالصوت والصورة.
اللواء عبد الرحيم سيد: الناضورجى يرجع أصله إلى بصاصى الدولة العثمانية والمملوكية
يقول اللواء عبد الرحيم سيد الخبير الأمنى، إن بداية "الناضورجى" تعود إلى عصر المماليك والدولة العثمانية، الذين كانوا يستعينون بشخص يدعى "البصاص "، وكان دوره تأمين المدن، من هجمات الأعداء، وإيصال معلومات بشأن العمليات العدائية التى يسعى الأفراد لتنفيذها ضد الدول، أو الهجمات المباغتة.
وتابع "سيد" فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، كان يتم اختيار البصاصين "المراقبين" من الأشخاص الذين يمتازون بحدة البصر، وبعد فترة تم التوسع فى استخدامهم، وأصبح يعمل لدى "جابى الضرائب" ويقوم دوره على مراقبة الأسواق لمعرفة أصحاب التجارة، ومصادر دخلهم، لتوصيل معلومات لجامع الضرائب، الذى يقدر حجم الضرائب المفروضة على التجار.
خبير أمنى: أحمد رشدى اقتحم أوكار المخدرات بسيارات إسعاف بسبب "الناضورجى"
وفى العصر الحديث، ومع انتشار تجارة المخدرات، أصبحت العصابات تستعين بـ"البصاص" الذى أصبح يسمى فى ذلك الوقت "الناضورجى" ويقوم دوره على مراقبة الطرق التى من المتوقع أن تشن من خلالها الأجهزة الأمنية حملة على أوكار بيع وتداول المواد المخدرة، ويقوم بتنبيه أفراد العصابة بعدة أشارات بعدها سمعية، كإصدار صوت معين، أو بصرية عن طريق إشعال النيران فى شىء ما.
وأضاف "سيد"، أن منطقة الباطنية شهدت نشاطًا رائجًا فى تجارة المخدرات، وانتشرت العصابات التى تروج تلك السموم على المواطنين، وخلال تلك الفترة، ذاع صيت "الناضورجى" وأصبح مقترنًا بتلك العصابات بصفة أساسية، وساهم فى تأمين نشاط تجار المخدرات بشكل كبير، وهو ما دفع وزير الداخلية الأسبق اللواء أحمد رشدى، إلى اقتحام أحد أوكار المخدرات عن طريق "سيارات الإسعاف" حتى يضبطهم متلبسين، ودون أن تصل إليهم معلومات الحملة عن طريق "الناضورجى".
ويؤكد "سيد"، أن التطور التكنولوجى الذى شهده العالم خلال الفترة الأخيرة ساهم بشكل كبير فى اختفاء دور "الناضورجى"، حيث تنتشر كاميرات المراقبة فى كافة المحال التجارية، فضلًا عن وجود كاميرات فى كل هاتف محمول، تستطيع التقاط أى نشاط غير مشروع، إضافة إلى التطور الكبير الذى شهدته معدات وأدوات الأجهزة الأمنية التى تمكنها من توفير دلائل إدانة دامغة ضد تجار الكيف، والإيقاع بهم متلبسين.
خبير قانونى: الناضورجى يواجه تهمة الفاعل الأصيل وعقوبتها تصل إلى المؤبد
يواجه "الناضورجى" عقوبات الفاعل الأصلى، ومعاونته المتهمين فى الاتجار بالمخدرات تضعه فى نفس موضعهم القانونى، يقول "ممدوح عبد الجواد" المحامي والخبير القانونى؛ إن القانون واضح فى تلك النقطة، فالمشارك فى الجريمة سواء بتسهيل حدوثها أو تأمين العاملين فيها، يواجه نفس العقوبات التى يواجهها المشارك الأصيل "تاجر المخدرات".
ويضيف "عبد الجواد"، إنه إذا كان المتهم هناك شخص ذهب لقتل شخص آخر، وأصطحب معه شخص لتأمينه فقط وتسهيل خروجه عقب إتمام جريمته، فأن الشخصين يعاقبان بنفس العقوبة، ويواجهان نفس التهمة وهى تهمة القتل، وهذا يعنى أن الناضورجى الذى سهل وأمن عملية بيع وتجارة المخدرات، يواجه تهمة الاتجار فى المخدرات.
ويتابع "عبد الجواد"، أن عقوبة الاتجار فى المخدرات، تختلف وفقًا لكمية المواد المضبوطة ونوعيتها، وتصل فى بعض الأحيان إلى السجن المؤبد أو السجن المشدد، ويواجه "الناضورجى" ذات العقوبة مع التاجر، إلا أن المحكمة من الممكن أن تتخفف مع "الناضورجى" فعاقبته بعقوبة أقل من عقوبة تاجر المخدرات، باعتبار أن فعله مختلف عن فعل التاجر، ولكن الأصل أنه يعاقب بعقوبة الفاعل الأصيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة