بعد 18 عاما يظل يوم 11 سبتمبر 2001 هو أحد العلامات الفارقة فى شكل ومضمون النظام العالمى والإقليمى، ليؤكد أن تأثيرات أى حدث يقع لا تظهر فورا، لكنها تبدأ بتغييرات كمية، تتفاعل وتتخذ أشكالا أخرى على مدى سنوات.
فى أعقاب هجمات سبتمبر، قادت الولايات المتحدة أكبر حرب وغزو بدعوى مكافحة الإرهاب، قاد بوش حلفاء الولايات المتحدة لغزو أفغانستان وتم تدمير البلد، لكن بقى الإرهاب قائما بل إنه انتشر فى العالم، خاصة بعد أن خاض بوش عملية غزو العراق، تحت مزاعم امتلاك أسلحة الدمار الشامل، والنتيجة كانت إعادة إنتاج الإرهاب وظهور داعش التنظيم الأكثر دموية من القاعدة.
وقد اعترف مسؤولون أمريكيون بأن غزو العراق كان بداية لإعادة إنتاج الإرهاب، وبالفعل سجل جون نيكسون شهادته وهو محلل فى وكالة الاستخبارات الأمريكية استجوب صدام حسين وألف كتاب «استجواب الرئيس»، وأكد أن أخطاء الولايات المتحدة قادت إلى ظهور داعش والحالة التى انتهت لها العراق كدولة فاشلة، وخسائر للعراق بلغت 3 آلاف مليار دولار وثلاثة ملايين قتيل وملايين الجرحى.
قبل الغزو روج الإعلام الأمريكى «واشنطن بوست نيويورك، تايمز فوكس، سى إن إن»، تقارير عن رعب الدمار الشامل، وتم تسويق قصة حصول صدام على اليورانيوم من النيجر، لم تظهر أسلحة دمار، كان جورج دبليو بوش وفريقه من اليمين الأمريكى، يتحدثون عن كسب العقول والقلوب، لكنهم فى الواقع اشتروا الحرب وجروا العالم وراءهم.
قبل مغادرته البيت الأبيض أقر الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش لقناة الـ«إى. بى. سى» أنه اعتمد على معلومات استخباراتية خاطئة لشن الحرب على العراق، وذلك أشد ما يؤسفه خلال رئاسته، شريكه تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق، قال لـ«سى. إن. إن» عام 2015 المعلومات الاستخبارية التى تلقيناها كانت خاطئة، أعتذر عن خطئنا فى فهم ما بعد الإطاحة بالنظام،. وأجد صعوبة فى الاعتذار عن الإطاحة بصدام، وأقر بلير أن غزو العراق ربما ساهم فى ظهور تنظيم «داعش» فى سوريا والعراق.
كولن باول وزير الخارجية الأمريكى أثناء الغزو ألقى خطابا فى 5 فبراير 2003 أعلن فيه ما قال إنه صور أدلة على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، ووصف الخطاب أنه «سيئ السمعة»، باول قال فى مذكراته «دروس فى القيادة والحياة» 2012: إن الأدلة كانت مزورة واعتبر خطابه عارا يلاحقه مدى الحياة.
زعماء الغزو وهم يعترفون بزيف الأدلة، قالوا إنهم وقعوا ضحية العراقيين المنشقين، وعلى رأسهم أحمد الجلبى، رئيس المؤتمر الوطنى العراقى الذى أقنع أمريكا بغزو بلاده، وعند وفاته فى نوفمبر 2015. كتب سويل تشان فى نيويورك تايمز، أنه كان أكثر العراقيين تأثيرا بقرار الرئيس بوش بغزو العراق، ومعه شبكة واسعة من العراقيين، وأن المؤتمر الوطنى بقيادة الجلبى تلقى أكثر من 100 مليون دولار من «سى. آى. إيه». دونالد رامسفيلد قال إنهم دفعوا 200 مليون دولار لعراقيين سهلوا الغزو.
زعماء الحرب، بوش وبلير، رامسفيلد وتشينى، علقوا الفوض، برقاب المنشقين العراقيين الذين حرضوا وساعدوا على غزو بلادهم، وعددت نيويورك تايمز أسماء المنشقين الذى ساهموا فى غزو العراق بالمعلومات الخاطئة، مع أحمد الجلبى، وقالوا إن هدفهم بناء الديمقراطية، واكتشف الأمريكيون أنهم عقدوا صفقات وبنوا ميليشيات، وسرقوا ثروات بلادهم.
18 عاما على 11 سبتمبر تم تدمير العراق ولم يصبح العالم أكثر أمنا بل العكس، وما يزال يراوح مكانه عاجزا عن استعادة توازن الدولة التى تم تفكيكها، بناء على أساطير وهمية وتقارير مغسولة وقصص مختلقة، بعضها مأخوذة من قصاصات صحف صفراء مثلما كتب جون نيكسون فى كتابه، وأكد أن حربا مدمرة قامت على أساس من صناعة أكاذيب وتصديقها وترويجها فى الصحف والمحطات التلفزيونية.
كانت عملية غزو العراق فى الأصل حرب دعاية لا تستند على الحقائق، بقدر ما تقوم على المبالغة واختلاق الأدلة.