مسألة المواريث وتقسيم التركات من الأمور التي تتسبب في خلق العديد من الأزمات بين الأهل والأسرة الواحدة ليس ذلك فقط بل وصل الأمر في كثير من الأحيان إلى حد قتل الأخ لأخيه والابن لأبيه، فوقع على عاتق الشرع والقانون مهمة التصدي للميراث والتركات لإنهاء تلك المنازعات بشكل قانوني.
والمشرع المصري أتاح العديد من الطرق التي يمكن أن تنهي حالة الجدل المقام على المواريث والتركات، فكان الحل الأمثل من بين تلك الحلول إقامة دعاوى "الفرز والتجنيب" للسندات للعقارات والأراضي والأملاك.
في التقرير التالي "اليوم السابع" يلقى الضوء على إشكالية سند المدعى في دعاوى الفرز والتجنيب هل يلزم لدعوة الفرز والتجنيب أن يكون سند المدعي مسجلا؟ أو بمعنى أدق هل القانون لم تتطلب أن يكون سند المورث مسجلا أو مشهرا لكى يأخذ الوارث نصيبه فى التركة مفرزا عن طريق دعوى القسمة؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامى سامح رسلان.
فى البداية – يجب أن نعلم بشكل واضح وصريح أنه لا يلزم لإقامة دعوى الفرز والتجنيب أن يكون سند المدعى مسجلا حيث أن القانون لم يتطلب أن يكون سند المورث مسجلا أو مشهرا لكي يأخذ الوارث نصيبه في التركة مفرزا عن طريق دعوى القسمة.
ومن الأزمات التي تحدث كثيراَ بخصوص دعاوى الفرز والتجنيب أن تقضى محاكم أول درجه بعدم قبول دعوى القسمة، لأن سند المدعى فيها غير مشهر أو مسجل بالشهر العقاري وهو شرط غير وارد فى القانون، وقد انتهت محكمة النقض في العديد من أحكامها إلى أن عقد البيع الابتدائي ينتج كافة أثار العقد المسجل عدا عقد الملكية ويكون للمشترى بعقد عرفي أن يقتسم العقار مع شريكه، وذلك طبقا للطعن رقم 1244 - لسنة 55 قضائية - تاريخ الجلسة 31-5-1989 .
كما أن القانون لم يتطلب أن يكون سند المورث مسجلا أو مشهرا تقبل لكي يأخذ الوارث نصيبه في التركة مفرزا عن طريق دعوى القسمة حيث تنص المادة 834 من القانون المدني على أنه: "لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع ما لم يكن مجبراً على البقاء في الشيوع"، وتنص المادة 904 من القانون المدني على أنه: "تسرى على قواعد التركة القواعد المقررة في القسمة".
وفى هذا المعنى يقول الفقيه الدستورى الدكتور عبد الرازق السنهورى: لما كان لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع إلا باتفاق كما هو الأمر في ملكية الأسرة أو بنص في القانون كما هو الأمر في الشيوع الإجباري، فإن الوارث الذي يطلب تسلم حصته مفرزة، إذا لم يوجد اتفاق أو نص يمنعه من التقدم بهذا الطلب، لا بد أن يجاب إلى طلبه، ويتعين في هذه الحالة أن يجري قسمة أموال التركة، حتى يفرز نصيب الوارث .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "إذا لم يوجد مانع من إجابة الوارث إلى طلب تسليم نصيبه مفرزاً، تولى المصفي تجنيب حصته مفرزة بالاتفاق مع الورثة، فإن لم يتفقوا جميعاً، رفع دعوى القسمة وتكون نفقاتها على الورثة، ويسري على هذه الدعوى أحكام دعوى القسمة، ويترتب عليها نفس الأحكام".
وبالتالى فإن هذه النصوص لم تشترط أن يكون سند المورث مشهرا والقول بغير ذلك يجعل الملكية الشائعة دائمة إلى الأبد بل وهو قول مخالف للمستقر عليه بأن أموال التركة طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 77 لسنة 1943 تنتقل ملكيتها إلى الورثة بمجرد الوفاة .
وهو ما انتهت إليه محكمة النقض في العديد من أحكامها بقولها: " إن مفاد نص الفقرتين الأولى والثانية للمادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المشرع لم يجعل شهر حق الإرث شرطاً لانتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثة حتى لا تبقى هذه الحقوق بغير مالك لحين شهر حق الإرث، وإنما تؤول هذه الحقوق للورثة من وقت وفاة المورث باعتبار أن انتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية العقارية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة"، طبقا للطعن رقم 2245 - لسنة 65 قضائية - تاريخ الجلسة 16-5-2006.
ذلك الأمر لأن الميراث الشرعي هو أحد المصادر السبعة لكسب الملكية وهى الاستيلاء والوصية والالتصاق والعقد والشفعة والحيازة المواد 915 و 922 و935 و968 من القانون المدني، فورثة المالك الأصلي يخلفون مورثهم كل بنسبة نصيبة الشرعي فى الميراث على ملكية ما ترك من أعيان، ويعتبر الميراث الشرعي من أخصب مصادر الملكية وأسباب كسبها، وأهم المستندات الدالة على ملكية المال الشائع في دعوى القسمة هو إعلام الوراثة – ذلك أن الملكية تثبت بمجرد الوفاة طبقا لنص المادة الأولى من القانون رقم 77 /1943.
ومن ثم فشرط تسجيل ملكية المال الشائع لا يكون إلا فى حـالة التصرفات القانونية "الملكية عن طريق العقد"، أما فى حالة الميراث فيكفى إعلام الورثة فقط – فى دعوى القسمة ولا يشترط التسجيل ولا يوجد بالقانون ولم يصدر أى حكم لمحكمة النقض وضع مبدأ رفض دعوى القسمة في حالة الميراث إلا بتسجيل سند ملكية المورث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة