أكرم القصاص - علا الشافعي

قرأت لك.. "إخوان الشتات" ماذا تفعل الجماعة فى أوروبا وأمريكا

الإثنين، 02 سبتمبر 2019 07:00 ص
قرأت لك.. "إخوان الشتات" ماذا تفعل الجماعة فى أوروبا وأمريكا غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رصد كتاب مركز المسبار للدراسات والبحوث "إخوان الشتات: المدخل لدراسة التنظيم الدولى" أنشطة جماعة الإخوان وفروعها فى الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأستراليا وكوريا الجنوبية، متناولاً السياق التاريخى لوجودهم فى هذه البلدان، وتفاعلهم النفعى مع قضايا المجتمعات المسلمة فيها، ومحاولة مصادرة "شرعية تمثيلها"، والتحايل على فكرة الاندماج لتوفير فرصٍ سياسية يتربح منها تنظيمهم الدولى.
اخوان الشتات
 
 
تتكيف الجماعة الإخوانية وفقاً لمعطيات البيئة التى تعيشها، وفى الحديث عن نشاط الإخوان فى الخارج، ثمة محطات ملتبسة، يتيه الدارسون فى فهمها، من مثل اضطراب الهيكل التنظيمى، وتخفى الأجندة، والخلاف بين الداخل والخارج، وإنتاج منظومة القيم غير الوطنية، أو العابرة للوطنية. لا يدعى الكتاب أنه يقدم أجوبة قطعية لحل هذه الاشتباكات، بل يعرض لعدد من المقدمات التى تساعد الباحث على صناعة صورة أوضح، تتيح له فهم الكيفية التى تعمل بها تنظيمات الإسلام السياسى على توظيف الوقائع لخدمة أجندتها التكتيكية أو الاستراتيجية، فكل أنموذج من النماذج المطروحة فى هذا الكتاب يعكس حالةً تنظيمية تتقاطع -إلى حد كبير- مع الأطراف الأخرى.
 
هذا الكتاب ليس خلاصة نهائية، وإنما هو مقدمة تمهيدية تحاول تعبيد الطريق لدراسات مستقبلية أكثر عمقاً، بغية تمييز الثقافة السياسية الفرعية الطارئة التى تكتسبها تنظيمات الإسلام السياسى فى الخارج، وانعكاساتها فى البنية التنظيمية فى الوطن الأم؛ صحيح أن المواد المدرجة لا تعرض لتحليل وتفسير تشكل التنظيم الدولى المعروف، أو السرى المنكور، ولا للخلافات الإدارية واللوجستية لكنها تضع المفاتيح الرئيسة التى تمكِّن الباحث الحصيف من رصدها، والتى لم تنشأ لكونها مجرد صراع على الموارد بين الداخل والخارج، وليست محض «تمثيلية سياسية» فجة، ولكنها نسيج من ذلك كله، يضاف إليها حقيقة وجود تنظيمٍ دولى يستقل بذاته مكوِّناً الفروع الإخوانية الخارجية بعيداً عن سطوة المرشد فى الوطن، فبقدر ما هم يهربون من «الدولة» يهربون من التنظيم الداخلى أيضاً، حسب إحدى الفرضيات.
 
يبدأ هذا الهروب على شكل حساسيات صغيرة، ثم ما تلبث أن تتحول إلى خلافٍ حول المال والإدارة. ساهمت هذه العلاقة فى تعقيد دراسة التنظيم الدولى للإخوان، وفروعه الخارجية، فبينما تكون البنية الفكرية أكثر تماسكاً وتشابهاً، فإن السلوك المتنافر فيما بين الكيانات الإخوانية كلها، يجعل حصرها تحت مظلة واحدة صعباً، ولكنه ممكن. هذا ما يمهد له هذا الكتاب.
 
يتتبع الكتاب نمو المصالح البراجماتية لنشاط الإخوان فى الخارج، وفقاً لاستجابة التنظيمات الإخوانية للضغوط والإكراهات التى تفرضها عليها الدول التى تستضيفهم، مما قد يؤدى إلى التبعية للخارج والارتهان للداعمين الجدد، حتى ضد مصلحة التنظيم ذاته، لا يكون ذلك بسبب عداء ظرفى للدولة، أو الوطن، أو الأنظمة السياسية. كما يكشف عن حالات ارتكبتها التنظيمات، لصالح تركيا، ضد المصلحة القومية لبلدانهم، وعكس الإرادة الجزئية لتنظيماتهم!
 
استخدم الإخوان المسلمون فى أمريكا الجنوبية، وسائل عدة مثلت "مراكز لعملياتهم" ونفوذهم وعمقهم الاجتماعى يمكن تحديدها فى أربع: المساجد، المراكز الثقافية والإسلامية؛ منظمات وهيئات العمل الخيرى والإغاثي؛ والسيطرة على تجارة اللحوم الحلال. عموماً، تُعد هذه الروافد الدعائم الحيوية التى تعمل عبرها جماعة الإخوان فى الغرب، وذلك بامتلاكها قدرات مالية، وروابط سياسية واجتماعية تساعدها على اختراق المؤسسات السياسية، وتشبيك علاقاتها مع الأحزاب، واستقطاب المسلمين الجدد.
 
 تطرق الكتاب إلى «الإسلامويين المغاربة فى أوروبا» الغربية وطرح ثلاثة محاور أساسية: المفاتيح النظرية للمشروع الإسلامى الحركى، آليات اشتغال العقل الإسلامى الحركي؛ ومعالم وأداء المشروع الإسلامى الحركى المغربى فى أوروبا. إن درس التنظيمات الإخوانية فى الشتات، يجب النظر إليه كجزء لا ينفصل عن أداء المشروع الإسلاموى الحركى بشكل عام، ككتلة حركية صلبة ترتكز على خطاب سياسى ودعوى يفعّل وجوده فى المؤسسات التمثيلية ومنظمات المجتمع المدنى، بمقتضى العمل بقاعدة الانتشار العمودي، مع توظيف آليات التقية والاختراق، والإفادة من الصراعات والأزمات التى قد تعانى منها بعض الجاليات المسلمة.
 
ومن أجل الدراسة العميقة لنشاط الإخوان فى الغرب، من الضرورى الاعتماد على تحليل متعدد الجوانب، بمعنى أن المقاربات السياسية لا تكفى وحدها لرصد هذا الحضور الإسلاموى، ذلك أن الجماعة الأم منذ نشأتها تبنى عمقها الاجتماعى والدينى والأيديولوجى، وقد ساعدها النشاط الاجتماعى على فرض نفوذها لدى الجاليات المسلمة المنتشرة فى الدول الأوروبية، وأمريكا وأستراليا، يضاف إلى ذلك ما يمتلكه الإخوان وأفرعهم من منابر إعلامية فى دول الشتات تساعدهم على التلاعب بالحقائق؛ وهذا يفرض علينا التقدم بجملة من الإشكاليات المرتبطة بالظاهرة الإسلاموية: كيف استطاع الإسلاميون بناء عمقهم الاجتماعى على غفلة من الدول؟ ولماذا تنجذب فئات اجتماعية للمشروع الإسلاموى على الرغم من معاكسته للأنظمة السياسية الديمقراطية الحديثة؟ وما السبل الأنجع للحد من تمددهم؟ وهل الصراع هو صراع من أجل الوعى أم على هوية الإسلام والدين؟
إن التشكلات فى السياسات المعاصرة فى السنوات الأخيرة فى ضوء صعود اليمين ونجاحاته فى الغرب، تشى بأن العالم يتجه نحو مزيد من نمو الخطابات المتشددة وانغلاق الحدود، وهذا يعطى جرعة قوة إضافية للحركات الإسلاموية التى تتقاطع فى العديد من المواقف مع أحزاب اليمين، خصوصاً وأنها حركات تقوم على مبدأ الاتساع والهجرة، وتستغل قوانين اللجوء كما فى حالة كوريا الجنوبية.
 
هذا الكتاب إلماحة وسعى لجمع النماذج لتيسير الطريق أمام الباحث الجاد، لتقديم تحليل جديد يعمل على رصد انغلاق التنظيم الإخوانى الدولى، والكيانات المرتبطة به والمتموضعة فى الخارج. عسى أن يؤدى ذلك إلى فهمٍ يساهم فى تعزيز فكرة الدولة التى تنخرها أفكار الجماعة، فى الوطن الأم وبلدان المهجر.
 
فى الختام، يتوجه مركز المسبار بالشكر لكل الباحثين المشاركين فى الكتاب، ويخص بالذكر الزميل ماهر فرغلى الذى نسق العدد، ونأمل أن ترضيكم ثمرة جهده وفريق العمل.
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة