تمر اليوم الذكرى الـ1184، على ميلاد السلطان أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية فى مصر والشام، وأول أمراء الولايات المستقلة عن الدولة العباسية، إذ ولد فى 20 سبتمبر من عام 835م.
قام ابن طولون بعدة أعمال فى فترة حكمه، منها إنشاء مدينة القطائع، والتى اتخذها عاصمة لدولته، وكذلك بنى مسجده المعروف بمسجد أحمد بن طولون، واهتم بالعمارة الإسلامية، ومن الآثار الباقية حتى منذ عصره.
بدأ احمد بن طولون بناء جامعه سنة 263 هـ (876م) بعد أن شكا الناس اليه ضيق جامع العسكر بهم وكمل بناؤه سنة 265هـ (879م)، وقد بناه فوق هضبة تتوسط القطائع عرفت بجبل يشكر.
ويعد جامع ابن طولون ثالث مسجد جامع أقيم فى مصر الاسلامية بعد جامع عمرو وجامع العسكر الذى اندثر بعد زوال مدينة العسكر وموقعها اليوم حى زين العابدين والمذبح بالسيدة زينب، بلغت مساحة المسجد الكلية حوالى ستة أفدنة ونصف (حوالى 27000م2)، وظهرت فى عمارة المسجد الساليب المعمارية العراقية التى وفدت من سامرا الى مصر مع دخول احمد بن طولون سواء من ناحية التصميم أو التخطيط والزخرفة.
وبحسب كتاب "ملامح القاهرة فى ألف سنة، القاهرة" للأديب الراحل جمال الغيطانى، تقول كتب التاريخ أن أحمد بن طولون كان رجلاً جاداً، لا يضيع جزءاً من وقته فى العبث أو اللهو، وفى أحد الأيام، كان يجلس مع بعض رجال دولته، وكان الحديث حول المسجد الجديد الذى نوى بناءه فى مدينته الجديدة التى اختطها "القطائع" ساد صمت، أطرق ابن طولون، وراح يلف ورقة حول إصبعه، انتبه فجأة إلى أنهم ضبطوه فى لحظة عبث أراد أن يبرهن لهم أنه كان منصرفاً على عمل نافع يتدبره، فثبت الورقة على وضعها حول إصبعه، وقال بسرعة: "اعملوا لى مئذنة على هيئة هذا المخروط".
ويرى "الغيطانى"، أن القصة ربما تبدو مقنعة لتفسير هذا الشكل الغريب لمئذنة ابن طولون، أقدم مآذن القاهرة، لكن لو عرفنا أن ابن طولون قضى أوج حياته فى مدينة سامراء العراقية، قبل أن يفد إلى مصر، وإذا لاحظنا مئذنة جامع سامراء القائمة فى الزيادة الشمالية للمسجد (تماماً كمئذنة ابن طولون) التى لا تتصل بسائر مبنى المسجد، تبدو كأنها منفصلة عنه، ولا ترتبط به إلا بواسطة قنطرة محمولة على عقدين متجاورين، وكلتا المئذنتين تتكون من قاعدة مربعة تقوم عليها ساق أسطوانية يلف حولها من الخارج سلم دائرى عرضه حوالى 90 سنتيمتراً له سور دائرى أيضاً، هناك إذن تشابه بين مئذنة ابن طولون ومئذنة جامع سامراء.
وأكد المؤلف: زرت كلا المئذنتين، ولا شك أن كلا منهما توحى بالأخرى، خاصة عند صعود السلم الدائري، والوصول إلى قمة أى منهما. الفرق أن سلم ملوية سامراء غير مسور أما سلم مئذنة ابن طولون فيحف به سور منخفض. ولا شك أن مئذنة سامراء كانت ماثلة فى ذهن ابن طولون والمئذنة التى نراها اليوم فى زمنين مختلفين، نصفها الأسفل المربع، والجزء الأسطوانى من البناء الأصلي، أما الجزء العلوى المكون من طابقين فقد أضافهما السلطان لاجين عام (1296م)، ويقال أنه فعل ذلك نتيجة لنذر قطعه على نفسه عندما كان مطارداً، واختبأ فى المسجد قبل اعتلائه كرسى السلطنة وكانت المئذنة وقتئذ مهدمة، تطل برثاء على المسجد الفسيح الساكن، والذى عبر كل الأعاصير والتقلبات ووصل إلى زماننا سالماً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة