اسمع الشعبَ (دُيُونُ) كيف يُوحون إليه
ملأ الجوَّ هُتافًا بحياتيْ قاتليْه
أثَّر البهتانُ فيه وانطلى الزور عليه
يا له من بَبَّغاء عقله فى أذنيه
فى "الاشتغالة" الأخيرة التى بثها الإعلامى عمرو أديب كثير من المعانى التى قصدها أمير الشعراء أحمد شوقى فى الأبيات السابقة، هكذا يتم خداع الشعوب وغسيل الأدمغة والتلاعب بالوعى، جزءا من الصورة، وجانب بسيط من الحقيقة تستكمل بأطنان من الأكاذيب.
كان الضيف هو محمود السيسى فعلا، وهو العضو المنتدب لمجموعة صيدليات مشهورة، لكنه ليس نجل رئيس الجمهورية، والرجل لم يظهر ليتحدث حول شئون الحكم والرئاسة، لأنه ببساطة لا علاقة له البتة بهذه الأمور، كما أفتى الفتايون على مواقع التواصل الاجتماعى.
أظهرت هذه الاشتغالة ،كيف تتطاير الشائعة فى ثوان معدودة لتصبح خبرا عبر وسائل التواصل الاجتماعى ،وكيف أنتقل جنرالات المقاهى الى الواقع الافتراضى ليدلى كل منهم بدلوه، ويتحدث فى كل شىء، للحد الذى دعا بعضهم الى استباق الفقرة بالحديث عن أجندة اللقاء، والأمور التى سيكشف عنها نجل الرئيس فى أول ظهور إعلامى من نوعه.
عمرو اديب
لدى السوشيال ميديا معيار واحد فقط هو، سرعة نقل الخبر ،أما الصدق فلا مكان له على الشاشات الزرقاء، يقع أصحاب الحسابات فى الفخ بسهولة ،ويتم تدوير الشائعة حتى يتوهم البعض أنها حقيقة ،وقد يبنى موقفه ،محتجا وغاضبا ثم متظاهرا بهذا الوعى الزائف ،فكيف ينبت التزييف إصلاحا؟
الطامة الكبرى هى أن وسائل الاعلام تحولت الى مجرد ناقل للاخبار من السوشيال ميديا ،فقدت أهم ما يميزها ،ويميز حرفة الصحافة مكتوبة أو مرئية هو البحث عن الحقائق ،وهذا هو أكبر خطر على المهنة، أن تتحول الى بوق بعد أن كانت ناقلا أمينا للأحداث، وشيئا فشيئا تفقد وسائل الإعلام مصداقيتها.
تويتر
حتى الصورة والفيديو فقدوا مصداقيتهم فى عصر السوئيال ميديا ،صار كل شيئ خاضعا للكذب والزيف ،الفيديوهات تستخدم فى غير موضعها ،والهتافات تفبرك حتى يتم تحقيق الغرض، ويقتص الكلام من موضعه ليخدم غرض بعينه، نفس المقطع يستخدم مرة لاقناعك بالشىء، ويستخدم مرة أخرى لإقناعك بالنقيض، إنه حقا عصر الأكاذيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة