فى ذكرى ميلاد أو رحيل الكبار، يتأمل الواحد منا أحوالهم، ويفكر فى دنيتهم وهمومهم وإنتاجهم وإبداعهم، ويتأمل فى تراثهم وأعمالهم فيتأكد أنهم لم يكونوا كبارا بالفتونة وفرض العضلات بل بالموهبة والعمل عليها.
واليوم تمر ذكرى ميلاد شاعر مصر الكبير سيد حجاب، 23 سبتمبر من عام 1943، الذى استطاع أن يصبح أيقونة ثقافية، يكفى أن تقرأ اسمه على "تتر" العمل الفني، لتشعر بنوع من "الجدية والإتقان" الذى حرص صناع العمل على تحقيقه، فكلمات سيد حجاب البوابة الأولى لعمل يحترم عقل المشاهد ويحترم قلبه أيضا.
جعل سيد حجاب الأغنية "ديوان المصريين، حسبما كان يردد كثيرًا، وتنبه جيدًا لكلماته التى يعرف أنها تدون حالة العمل الدرامى وحالة المشاهد الذى يجلس أمام التليفزيون، لم يشأ أن يقول كلامًا والسلام، كان يعرف أنه سوف يأتى يوم تصبح فيه كلمات سيد حجاب واحدة من أهم التجارب فى ذاكرة أغانى الدراما.
كان سيد حجاب مدركًا للنفس ومواجعها، وعن تجربة شخصية عندما سمعت كلمات أغنية مسلسل حلم الجنوبى «يا وابور الليل يا رايح ومقبل ع الصعيد.. عاود لينا بروايح زمن الفرحة البعيد»، كنت أظن أن سيد حجاب صعيدى أبًا عن جد، وذلك لأنه استطاع أن يدرك علاقة الغربة التى يثيرها وجود القطار فى نفس الصعايدة.
أعاد سيد حجاب للأذهان سلطة الشعر، وقدرته على أن يصبح الموسيقى التصويرية لحياة الناس، كان يعرف أنه بذلك يصنع سلطة للنص وسلطة للشاعر، يراهن على أن الجمهور المصرى ذواقة، يفرق بين الجيد والردىء، أى يمكن القول بأن سيد حجاب كان يصنع سلطته بوعى، عارفًا بأبعاد هذه الصناعة.
رحل سيد حجاب فى 25 يناير من عام 2017 تاركا خلفه "فراغا" كبيرا لم يملأه أحد حتى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة