تاريخ تركيا ملطخ بالدم، والتاريخ شاهد على ما ارتكبته هذه الدولة ورجالها منذ قديم الأزل من مذابح فى حق الإنسانية والمستضعفين فى الأرض، ولعل ما لحق بالأرمن من قبل العثمانيين الأتراك أكبر دليل على هذا الكلام.
انطلقت الحرب العالمية الأولى وكانت الدولة العثمانية طرف أساسى فيها، وانطلقت معها مأساة الأرمن، فمنذ عام 1915 ارتكبت السلطات العثمانية مجزرة بمعنى الكلمة فى حق الأرمن، قتلا وتشريدا.
قام ضباط الدولة العثمانية بقتل عدد كبير من الأرمن عن طريق عمليات إطلاق نار جماعية، ولقى كثيرون حتفهم خلال عمليات الترحيل الواسعة نتيجة للمجاعة والجفاف والتعرض للمخاطر والأمراض، إضافة إلى ذلك تم إبعاد عشرات الآلاف من الأطفال الأرمن قسرًا عن أسرهم.
كانت البداية عندما ادعت الخلافة العثمانية أن روسيا تواصلت مع الأرمن الروس المقيمين قرب الحدود الروسية العثمانية، وزعمت أن هذه الجماعات حاولت اغتيال السلطان عام 1905م، وعملت على إثر ذلك بتهجير عدد كبير من الأرمن بين عامى 1915-1917، فضلا عن قتل الملايين.
وقعت مذبحة الأرمن عام 1915م، فى عهد السلطان عبد الحميد الثانى وهو السلطان السادس والعشرين من سلاطين آل عثمان، حيث قام العثمانيون بالقبض على 240 قائدًا أرمينيًا فى القسطنطينية فى 24 أبريل 1915، وقامت بترحيلهم تجاه الشرق، وادعى العثمانيون أن الثوار الأرمن تواصلوا مع العدو وأنهم على استعداد لتسهيل دخول القوات الفرنسية - البريطانية، وعندما واجهتهم قوى الوفاق ثم الولايات المتحدة الأمريكية المحايدة برروا عملية الترحيل باعتبارها إجراءً احترازيًا، وتحسبًا لدخول الحلفاء إلى شبه جزيرة جاليبولى التى تحظى بأهمية استراتيجية.
وبداية من مايو 1915، توسعت الحكومة فى عمليات الترحيل، بغض النظر عن بعدها عن مناطق القتال، وتنفيذًا لأوامر الحكومة المركزية فى القسطنطينية قام ضباط الإقليم بعمليات إطلاق نار واسعة وترحيل بمساعدة مدنيين محليين، وقتلت الأجهزة العسكرية والأمنية العثمانية ومساعدوهم غالبية الرجال الأرمن فى سن القتال، إلى جانب آلاف النساء والأطفال، وخلال المسيرات القسرية عبر الصحراء تعرضت قوافل كبار السن والنساء والأطفال الناجين إلى هجمات وحشية من ضباط الإقليم والعصابات البدوية والعصابات الإجرامية والمدنيين.
المهم أن الدولة العثمانية ارتكبت مجازر بحق الأرمن وقامت بإعدام المثقفين والسياسيين الأرمن والتحريض ضدهم، ويقدر الباحثون أعداد ضحايا الأرمن بين مليون و1.5 مليون شخص.
وقد صدرت كتب كثيرة تؤرخ لهذه المجازر الفظيعة، منها كتاب صدر عن المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، عنوانه "قتل أمة"، مذكرات هنرى مورجنطاو، السفير الأمريكى فى تركيا ما بين "1913 – 1916"، عن المذابح الأرمنية فى تركيا، ترجمة الدكتور ألكسندر كشيشيان.
وكتاب مهم تناول فيه مؤلفه مجمل المحن والنكبات التى تعرض لها الأرمن تحت وطأة الحكم العثمانى – التركى فى إطار ما كان يعرف فى أوائل هذا القرن العشرين بالمسألة الشرقية، أو بجانب مهم منها، هذه المسألة التى كانت القضية العربية والقضية الأرمنية تشكلان أبرز وجوهها الشائكة والمعقدة .
وحتى الآن ترفض الدولة التركية الحديثة الاعتراف بالجريمة الكارثية التى شهد بها العالم، ويواصل أردوغان ورجاله إنكار الدم الذى سال فى كل مكان من الأرمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة