توفيت الطفلة "جنى" ضحية وحشية خالها وتعذيب جدتها "لأمها".. الخبر الأكثر إيلاماَ خلال الساعات الماضية والذى أحدث حالة من الغضب الشديد على مواقع التواصل الاجتماعى، تمثلت أزمة "جنى" باختصار شديد أن "والدتها" طلقت وتركت ابنتيها مع والدهما ثم استصدرت حكما قضائيا بضم الطفلتين لوالدتها نظرا لزواجها.
حضانة جنى فى القانون
ولأن الحضانة فى القانون المصرى تكون حسب الترتيب التالي، للأم فإذا تزوجت تؤول إلى أم الأم، فقد كان الأمر هينا، لكن الجدة لم تكن حاضنة جيدة بل إنها تفتقر لأبسط معانى الإنسانية، فساهمت فى اغتصاب الطفلة من قبل خالها، فكانت شريكة فى إشباع رغبات الخال الحيوان والذى كان يربطها فى السرير ليقوم بجريمته.
بعد أن علمت الجدة بجريمة ابنها وبدلا من تقديمه للعدالة بعد اغتصاب حفيدتها لجأت لحيل شيطانية لإخفاء معالم جريمتها، حيث أحرقتها فى أماكن حساسة بدعوى أنها تتبول على نفسها وزاد التعذيب لدرجة لا تطاق ولا يتحملها بشر حقا، والنهاية كتبتها - مستشفى المنصورة العام - التى أعلنت وفاة الطفلة نتيجة التعذيب ولم يفلح معها العلاج حتى بتر قدمها لمحاولة علاجها لم يفلح.
قوانين الحضانة
وبعيداَ عن سرد حكاية "جنى" التى يعتقد البعض أنها انتهت بوفاتها، نطرح سؤالا هنا: لماذا لا نأخذ القضية فى الاعتبار ونعيد النظر فى قوانين - الحضانة - وفى كيفية انتقالها ؟ لماذا نتمسك بقوانين جامدة روتينية بغض النظر عن حماية المحضون وعن راحته ورعايته؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامية المتخصصة فى الشأن الأسرى شيماء حسنى.
فى البداية – النهاية التى تعرضت لها الطفلة "جنى" هى أفضل نهاية للملاك البرئ، قد يعتقد البعض أن فى ذلك قسوة لكن الواقع يقول إن فى رحيلها رحمة، ولن أتحدث عن قوانين الولايات المتحدة الأمريكية التى تولى رعاية فائقة للمسئوليات المتعلقة بالأطفال فى "اتفاق الحضانة"، لا تكاد تغفل شيئا عن حضانة الطفل وكيفية رعايته وانتقاله فى الإجازات السنوية والعطلات الرسمية ومسئولية كل طرف حتى بعد الانفصال وزواج كل منهما "مسئولية مشتركة"، وبذلك لا يخسر الطفل كثيرا عند الانفصال ولا يُستخدم من قبل أى طرف كأداة حرب تجاه الآخر، وكذا قوانين بريطانيا واستراليا وغيرها من الدول الأوربية – وفقا لـ" شيماء حسنى".
حضانة الأبناء فى القانون الإماراتى
لكننا سنتطرق هنا بعيداَ عن العقوبات والقانونى الجنائى فى عقوبة المتهمين الذين تصل عقوبتهم للإعدام كما فى هذه الحالة، ولكن سنتحدث بإيجاز شديد عن قوانين دول عربية، مثلا قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، ففيه إذا وجدت المحكمة أن الأم "غير كفؤ"، تُمنح الحضانة تلقائيًا للأب بغض النظر عن عمر الأطفال، وتحدد المحكمة الكفاءة بناءً على التقدير الشخصى إذا الأب أحق بتربية أبنائه بعد الأم ولا مانع من ذلك طالما لا يقصر فى رعايتهم.
حضانة الأبناء فى القانون المغربى
أما المادة 171 من القانون المغربى فهى تخول الحضانة للأم، ثم للأب، ثم لأم الأم، فإن تعذر ذلك، فللمحكمة أن تقرر بناء على ما لديها من قرائن لصالح رعاية المحضون، إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية، مع جعل توفير سكن لائق للمحضون من واجبات النفقة.
حضانة الأبناء فى القانون العراقي
ونظرة على قانون الأحوال الشخصية العراقى نجد أن المادة 57 الفقرة الثانية تنص على أن يشترط أن تكون الحاضنة بالغة وعاقلة أمينة وقادرة على تربية المحضون وصيانته، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها من آخر، وتقرر المحكمة فى هذه الحالة أحقية الأم أو الأب فى الحضانة فى ضوء مصلحة المحضون.
حضانة الأبناء فى القانون الكويتى
فى الكويت، يعطى الحق فى الحضانة للأم وأقاربها قبل الأب وأقاربه، وإذا تزوجت الحاضنة بغير محرم تسقط حضانتها، وتنتقل إلى أحد الأشخاص الأولى بالحضانة، وتنص المادة رقم "189" من قانون الأحوال الشخصية الكويتى على "حق الحضانة للأم، ثم لأمها وإن علت، ثم خالة الأم، ثم عمة الأم، ثم الجدة للأب، ثم الأب، ثم الأخت، ثم العمة، ثم عمة الأب، ثم خالة الأب، ثم بنت الأخ، ثم بنت الأخت، بتقديم الشقيق للأم ثم الأب فى الجميع، وإذا لم يوجد مستحق للحضانة من هؤلاء انتقل الحق إلى الأخ ثم الجد العاصب ثم الجد الرحمى ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابنه بتقديم الشقيق للأم ثم الأب".
كما تنص المادة رقم "191" من قانون الأحوال الشخصية الكويتى على: "إذا تزوجت الحاضنة بغير محرم للمحضون، ودخل عليها الزوج، تسقط حضانتها، وسكوت من له الحق فى الحضانة مدة سنة بلا عذر بعد علمه بالدخول يسقط حقه فى الحضانة، وادعاء الجهل بهذا الحكم لا يعد عذرًا، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المحضون عندها بعد بلوغ السابعة من عمره".
حضانة الأبناء فى القانون اليمنى
وفى اليمن، يكفل القانون اليمنى حق الأم وأقاربها والأب وأقاربه فى حضانة الطفل بعد الانفصال، ولكن يسقط حق الحضانة عند إصابة الحاضن بالجنون أو المرض أو سوء الخلق أو الزواج من شخص غريب، وينتقل حق الحضانة إلى الأولى حسب ترتيب الأقارب فى القانون، تنص المادة رقم "30" من قانون حقوق الطفل فى اليمن الباب الثانى الحقوق الشرعية للطفل على "إذا ماتت الأم أو بطلت حضانتها، انتقلت الحضانة إلى والدة الأم، ثم خالات الصغير، ثم الأب المسلم، ثم أمهات الأب، ثم أمهات أب الأم، ثم الأخوات، ثم بنات الخالات، ثم بنات الأخوات، ثم بنات الإخوة، ثم العمات ثم بناتهن، ثم بنات العم، ثم عمات الأب، ثم بناتهن أعمام الأب، وإذا انعدم النساء انتقلت الحضانة إلى الأقرب فالأقرب من الذكور العصبة المحارم، ويجوز للقاضى أن يتجاوز عن الترتيب فى الحضانة، إذا رأى فى ذلك مصلحة الصغير".
وتنص المادة رقم "31" من القانون اليمنى على: "تنتقل الحضانة من الحاضن إلى ما يليه بأحد أمور، هى الجنون ونحوه من المنفرات كالجذام والبرص والعمى والإهمال والفسق وترك حفظ الصغير والزواج إلا أن يكون ذا رحم للصغير".
إعادة النظر فى قانون الحضانة
إذا القوانين لابد أن تكون فى مصلحة الطفل المحضون بغض النظر عن أى شئ آخر، ولابد من إعادة النظر فى القانون المصرى لأن الأطفال مسئولية مشتركة بين الأم والأب أولاَ، فإذا تخلى كل منهما عن مسئوليته بإرادته أى أعلن انه لن يتحمل مسئولية الأطفال أو لم يستطع متابعتهم ورعايتهم على الوجه الأكمل تنتقل الحضانة لأحد الأقارب سواء أم الأم أو أم الأب أو غيرهما على حسب ما تراه المحكمة فى مصلحة الطفل- الكلام لـ"حسنى".
وفى الحقيقة ربما تتزوج الأم بعد طلاقها وتظل قادرة على رعاية أبنائها، فلا ينبغى حرمانها من حضانتهم لأنها قررت أن تخوض تجربة أخرى فى حياتها بعد فشل تجربة، وربما يتزوج الأب أو لا يتزوج ولكنه يصلح لتربية الأبناء ورعايتهم فلماذا نحرمه من حقه الطبيعي؟، ها نحن نرى أن حتى بيت أم الأم ليس آمن دائماً للأطفال، ولعل تلك الجريمة إنذار لتعديل القوانين بما يتناسب مع مصلحة الطفل، أما تحليل الجريمة من الناحية الجنائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة