يصدر قريبًا عن صفحة سبعة للنشر والتوزيع ترجمة الأولى لكتاب رسائل من المنفى لسينيكا، بترجمة الطيب الحصنى.
ورسائل سينيكا واحدة من روائع الفلسفة الرواقية، كُتبت منذ حوالى 2000 عام فى فترة اعتزال الفيلسوف السياسة مخافة بطش الإمبراطور به فى السنوات الأخيرة من حياته.
ومن أجواء الكتاب:
وهكذا يُدفعُ المرء إلى الاعتقاد بأنه إن لم يطوّر جدلاً منطقياً من الطراز الأرفع، ويختزل المغالطات المنطقية إلى صيغة قصيرة مُحكمة حيثُ يعرف كيف يتمُّ الوصول إلى نتيجةٍ خطأ من منطلقٍ صحيح، فإن المرءَ لن يكون مؤهلاً للتفريق بين ما يجب أن يطمحَ إليه وما يجب أن يتجنبه. إن هذا يخجلُ الإنسان: أن رجالاً فى عمرنا المتقدم هذا يتعاملون مع مسألةٍ جدية كهذه وكأنها لعبة:
’الفأر مقطع صوتي، والفأر يقضم الجبنة، ولذلك فالمقاطع الصوتية تقضمُ الجبنة‘
تخيلْ معى للحظة أننى لا أرى المغالطة فى ذلك، فما الخطر الذى تضعنى فيه قلة بصيرةٍ من هذا النوع؟ أى تداعيات جدية لذلك علي؟ ما يُخشى على منه، بلا شك، هو أنْ أمسك بمقطع صوتى داخل مصيدة فئران، أو أن يباغتنى كتابٌ فيأكل جبنتي. إلا، ربما، إذا كانت سلسلة الأفكار التالية أكثر خطورة:
’الفأر مقطع صوتي، والمقطع الصوتى لا يقضم الجبنة، ولذلك فالفئران لا تقضم الجبنة‘
أى بلاهاتٍ طفولية هذه! هل هذا ما يتغضَّنُ جبيننا نحن الفلاسفة من كثرة التفكير فيه؟ هل هذا ما نطيلُ لحانا من أجله؟ هل هذا ما نحاضر فيه بوجوه صارمة جادة؟
هل أخبرك بما تقدمه الفلسفة للبشرية؟ النصح. أحد البشر يواجه الموت، والآخر ملعونٌ بالفقر، والثالث تعذبه الثروة (ثروته أو ثروة غيره)، أحد الرجال مرتعبٌ من سوء حظه بينما الآخرُ يتوق إلى الخلاص من ثرائه الخاص. بعضُهم يعانى على أيدى الرجال، وبعضهم الآخر على أيدى الآلهة. ما الفائدة من اختراع السخافات كالنوع الذى تحدثتُ عنه تواً؟ هذا ليس مكاناً للعب، بل نحن مطلوبون لنقدم يد المساعدة... إلى أين ترحل؟ ما شأنك؟ إن هذا الشخص الذى تدخل معه فى لعبة الكلام هو الخوف – اذهب إلى مساعدته".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة