"وألزمته بالمصاريف".. جملة يتم تدوينها فى نهاية كل حكم، حيث إنه من المتعارف عليه من الناحية القانونية أن المحكمة مُصدرة الحكم يجب عليها عند إصدار حكمها أن تحكم من تلقاء نفسها فى مصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه، وفقاَ لما ورد بالمادة 184 من قانون المرافعات.
وتوجد إشكالية قانونية، الأمر الذى جعل "اليوم السابع" يلقى الضوء عليها، حيث يثار التساؤل عادة فى العديد من القضايا المنظورة أمام المحاكم، هل للمحكمة أن تلزم الخصم الذى كسب الدعوى بالمصاريف؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد عبد التواب.
فى البداية - نظمت المادة 185 من قانون المرافعات هذه المسألة، حيث نصت على: "للمحكمة أن تحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه، أو إذا كان المحكوم له قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة فيها أو كان قد ترك خصمه على جهل بما كان فى يده من المستندات القاطعة فى الدعوى أو بمضمون تلك المستندات".
شروط المحكمة حتى تحكم بإلزام الخصم
من خلال ما تقدم نرى أن المادة 185 من قانون المرافعات وضعت شروطا للمحكمة حتى تحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى بالمصاريف أو جزء منها وهى :
1-إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه .
2-إذا تسبب المحكوم له بمصاريف لا فائدة منها .
3-أو إذا ترك المحكوم له خصمه على جهل بما فى يده من مستندات .
هل تصدت محكمة النقض للأزمة؟
الشروط الثلاثة السابقة أيدتها محكمة النقض فى أحكامها، حيث نصت على : مؤدى نصوص المواد 184 ، 185 ، 186 من قانون المرافعات أن المشرع نظم بهذه النصوص القواعد التى تحكم تحديد الخصم الذى يتحمل الرسوم القضائية والمصاريف الرسمية التى استلزمها رفع الدعوى، فلا تسرى هذه النصوص فى حالة "انتهاء" الخصومة بغير حكم فى الدعوى – وفقا لـ"عبد التواب".
وكان هذا "الانتهاء" – سالف الذكر - يرجع إلى أسباب مختلفة نظم قانون المرافعات فى بعضها الخصم الذى يتحمل مصروفات الدعوى، كما كان فى حالة ترك الخصومة ولم ينظم البعض الآخر كما فى حالة انتهاء الخصومة فى الاستئناف بغير حكم بسبب تنازل المدعى المحكوم له عن الحكم المستأنف أثناء نظر الاستئناف المرفوع من المحكوم ضده إذ يترتب على هذا التنازل أن يصبح الحكم المطعون فيه غير قائم وتنقضى الخصومة فى الاستئناف بقوة القانون.
وفى الحقيقة أن إغفال هذا التنظيم يُعد نقصاً تشريعياً يوجب على القاضى تكملته بالالتجاء إلى المصادر التى نصت عليها المادة الأولى من القانون المدنى ومنها قواعد العدالة، فإن الحل العادل فى الحالة سالفة البيان هو تحمل المتنازل عن الحكم المستأنف جميع المصاريف الناشئة منج الخصومة، لأنه قد حال بتنازله بين المحكمة والمضى فى نظر الدعوى والفصل فى موضوعها وبيان وجه الحق فيها، وهو ما يتساوى مع ترك الخصومة الذى يترتب عليه الحكم على التارك بجميع المصاريف التى نشأت عنها طبقاً لنص المادة 143 من قانون المرافعات – الكلام لـ"عبد التواب" .
تطبيقات محكمة النقض
أما عن تطبيقات محكمة النقض فى هذا الشأن، فقد ورد فى الطعن المُقيد 11508 لسنة 82 جلسة 2014/12/01 كالتالى: "وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بالمصاريف برغم أن تنازل المطعون ضدها عن الحكم المستأنف الصادر فى غيبة الطاعنة يتساوى مع ترك الخصومة بما يوجب تحملها جميع المصاريف الناشئة عنها فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه".
حكم آخر
وأيضا ما جاء فى حكم آخر حيث نص على : "إن النص فى المادة 185 من قانون المرافعات يدل على أن الأصل الحكم بمصاريف الدعوى على خاسرها إلا إذا توافرت إحدى الحالات الواردة بنص تلك المادة وأن مجرد انتهاء الدعوى بحكم بغير طلبات رافعها لا يعنى بطريق اللزوم والحتم أن الدعوى قد أقيمت بغير سند بما يلقى على رافعها ملامة التسبب فى إنفاق مصاريف بلا طائل بل يجب على المحكمة أن تتحرى موقف طرفى التداعى وقت إقامة الدعوى"، طبقا للطعن المُقيد برقم 2252 لسنة 68 جلسة 2010/12/27 س 61 ص 1038 ق 176.