القارئ رضا الصفتى يكتب.. الحب أساس المجتمع

الخميس، 05 سبتمبر 2019 04:13 م
القارئ رضا الصفتى يكتب.. الحب أساس المجتمع رضا الصفتى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نتحدث فى هذا المقال عن حالة من الحالات الاجتماعية التى تمثل حجر الأساس لبناء مجتمع حضاري، وهى حالة الحُب، تلك الحالة التى تعددت حالاتها ودرجاتها بحيث لا ينجو منها أحد.

 

حـب الأب، حُب متبادل بين أب وأبناء، حُب يشعُر فيه الأب بحنين تجاه الأبناء يصل به إلى دعائه لهم بأن يكونوا أفضل حال منه فى كل شىء، حُب يشعر فيه الابن بأنه يملُك هذا المثل الأعلى والقدوة له فى كل شىء، الأب الذى يفتخر به هذا الابن فلا يقدر يومًا على تحمل فراقه إلا بمُعجزة من عند الله، تُلهمه هذا الصبر وتلك السكينة اللتين يُذكراه بقوله تعالى بسورة الكهف "وكان أبوهما صالحًا"، فيتذكر آنذاك أنه لابد وأن يكون هو هذا الولد الصالح الذى يدعو لأبيه دائمًا راجيًا من الله أن يُدخله الجنة بغير حساب، وعدد سنين هذا النوع من أنواع الحب تبدأ منذ ساعة ولادة هذا الابن وتنتهى بوفاته، وهو نوع خاص من الحُب لا يعرفه فى زمننا هذا إلا من رضى الله عنه.

 

حُـب الأم، نوع من الحب لا يختلف كثيرًا عن حُب الأب وإنما يتميز بكونه يختلط فيه حنين الأم بحنين الأبناء، فيعزفا سويًا أُنشودتى ست الحبايب يا ضنايا أنت وست الحبايب يا حبيبة، فتتسم بالرومانسية بين الأم والابن أكثر من الواقعية، ولكنه نوع من أنواع الحُب يؤدى إلى سبيل الجنة، وعدد سنينه طالما الأم على قيد الحياة، ومن ثم وجب الفوز بهذا النوع لكسب رضاها الذى يسعد به الحاصل عليه،

حُـب الإنسان نوع خطير من أنواع الحُب وحالاته، ينشأ بين رجل وامرأة ــ بالمفهوم الواسع ــ ليبدأ كل منهما فى التفكير فى بناء أسرة، وهذا هو أحد الأعمدة الرئيسية لبناء المجتمعات، وقلما يشعر بهذا النوع من حالات الحُب أفراد مجتمعنا هذا، فجيل بأكمله لا يعرف عنه سوى فتاة عارية على صفحات النت ترغب فى قليل من الأدب، لا يعرف عنه سوى أنه مجرد شهوة جنسية بين رجل وامرأة، شاب وفتاة، وتنتهى هذه الحالة بمجرد إشباع تلك الشهوة من كليهما، وهذا ليس حُبا كما يعتقده الكثيرين، وإنما هو نزوة من صنع أنفسنا بمساعدة الشيطان تنتهى دومًا بالبكاء والنواح، أو الانحراف، أما ذاك النوع من الحُب الذى أعتبره بالفعل الحُب الحقيقى بين بنى الإنسان، فهو الذى تتلاقى فيه روحان قبل جسدين، فينظر كل منهما إلى الآخر فلا يرى إلا نفسه كما يراها فى المرآة، يخاف كل منهما على الآخر إلى الحد الذى يجعلهما إنسان واحد وروح واحدة، وهنا تكون النهاية السعيدة التى يبغاها كلاهما تحت مظلة رب العباد، فتصير نقطة التقائهما هى الله سبحانه وتعالى، فيبارك لهما هذا الحُب الذى تُنتج ثماره جيلاً مباركًا فيه، وسنين هذا النوع تمتد إلى نهاية العمر لطرفيه، بل وتمتد بينهما حين لقائهما فى الجنة، وهو الحُب الشريف الذى يرضى الله عنه.

حُــب الوطن، نوع آخر من الحُب يشعر به كل المتمتعين بالانتماء إلى أرض هذا الوطن، نوع يولد لدينا بالفطرة كحب الوالدين، ولكنه يتميز عنه بكونه حُب جارف قد يصل بصاحبه إلى حد الاستشهاد من أجل الدفاع عن وطنه هذا، حُب يضحى فيه المرء بالكثير من أجل هذا الوطن، حُب يصل بصاحبه إلى الوقوف وجلاً حين سماعه السلام الجمهورى لبلده، وسنين هذا الحُب تمتد إلى آخر عُمر المُحب، وهذا النوع يتميز بدرجة رفيعة قد تصل بالوطن إلى أعلى الدرجات بين سائر الأوطان.

حــب الرسول، حُب روحانى قوامه العقيدة السمحة التى تصفو من المصالح، حُب طاهر لسيدنا النبى الرسول المصطفى محمدًا عليه الصلاة والسلام، ومهما بلغت درجاته عند العباد، فلن تصل مُطلقاً لمقدار محبته عليه الصلاة والسلام لأتباعه من المسلمين، فهو شفيعهم يوم يفر المرء من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه، ويناجى ربه أُمتى أُمتى، حُب قائم إلى يوم الدين، وهو فى مرتبة عليا من درجات هذا الحُب.

حُــب الله أرفع وأرقى وأعظم درجات الحب، حُب لا يقسو فيه المحبوب على حبيبه مهما جافاه، حُب من الله لعباده قوامه الرحمة والمغفرة، العفو رغم المقدرة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون شيئًا عن هذا النوع من الحُب، لأن قوام حُب العبد لربه طاعته، أى إتباع ما أمر به والابتعاد عما نهى عنه، فينال أحسن الجزاء، هو حُب تتلاشى فيه ذات العبد فى محبة ربه، فيتذكر أن المآل الجنة التى يكافئ بها الرب عباده لمجرد طاعته، فما بالكم بالمحبين لله الواحد الأحد، فكم أنتظر يوماً أرى فيه أجمل ما فى الجنة، تلك التى وُصفت بأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولكنى أنتظر يوماً أُبصر فيه أجمل ما فيها، وهو رؤية وجه الله الكريم حين يتجلى بوجهه البديع على أهل الجنة فى كل يوم جمعة لأحصل بذلك على كامل الرضا والهناء والسعادة الأبدية التى هى أحسن الختام، وسنين هذا الحب أبدية لا نهاية لها، وهو أعلى درجات الحب بكافة أنواعه، فاللهم ارزقنا محبتك وعطفك وعفوك وحنانك ورضاك، فإنك سبحانك الحنان المنان نعم المولى ونعم النصير رب كل شئ وخالقه ورازقه، رب العرش العظيم، اللهم آمين.

 

وفى الختام، الحُب الحقيقى الصادق هو حُب الله، والحُب بين من إلتقيا سوياً عند رضاء الله، فيُظلهم بظله، وأما ما دون ذلك من حالات الحُب التى لم أذكرها، فأعتقدها بمنأى عن هذا المُسمى، وياليت الجميع يسعى جاهدًا للفوز بالنوع الأخير من الحب، والأنواع الأخرى التى تحدثت عنها، حتى ينال قسطاً من السعادة وراحة البال.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة