جرائم خيانة الأمانة و إساءة أو خيانة الائتمان من الجرائم المستقلة بذاتها التى زادت معدلات ارتكابها فى الوقت الراهن نتيجة تشابك وتعقد المصالح والمعاملات بين الناس فى ظل تدنى الوازع الدينى والأخلاقى، من خلال اعتداء شخص على ملكية شخص أخر وانتهاك حقوقه عن طريق خيانة الثقة التى أودعت فيه.
وعدم إلمام الكثير من المواطنين بمعنى خيانة الأمانة وخيانة أو إساءة الائتمان، والعقوبة المرتبة عليهما، وعدم معرفة الفروق الجوهرية بينهما، يجعل الكثير منهم يقعون فيها، فيبددون أموال الناس وينتهكون حقوقهم بغير رادع فى ظل إيثار المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وغياب الوازع الأخلاقي والديني.
في التقرير التالى "اليوم السابع" يلقى الضوء على إشكالية الفرق بين خيانة الأمانة وخيانة الائتمان حيث أن تلك الجرائم لا تقتصر على تبديد المال وإتلافه فقط، بل تمتد لتشمل استخدام الشىء المؤتمن عليه فى غير الهدف منه لخدمة أغراض معينة، وبما يوقع ضرراَ على المالك كتسليم الوديعة أو العين المستأجرة لشخص بصفته وكيلاَ بأجرة أو مجاناَ بقصد عرضها للبيع أو استخدامها فى غرض معين لمنفعة المالك، ويقوم الوكيل باستخدامها فى غير ما خصصت له أو يبددها أو يتلفها – بحسب الخبير القانونى والمحامى حسام الجعفرى.
نصت المادة ٣٤١ من قانون العقوبات: "كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك أضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلإ على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفه كونه وكيلا بأجره أو مجانا بقصد عرضها للبيع أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزداد عليه غرامه لا تتجاوز مائه جنية مصرى".
فجريمة "خيانة الأمانة" من جرائم الاعتداء على الأموال المنقولة ويمكن تعريفها بأنها: "استيلاء الجانى على مال منقول مملوك للغير فى حوزته بمقتضى عقد من العقود الواردة بالنص وذلك بخيانة ثقة المجنى عليه في الجانى الذى سلمه هذا المال على سبيل الوديعة فخان ثقته فيه واستولى عليه بنية تملكه".
وتتمثل عقود الأمانة فيما يلى :
1-الوديعة. 2- الإجارة. 3- عارية الاستعمال.
5-الرهن. 5- الوكالة. 6- القيام بعمل مادى.
والعقود التى تخرج عن نطاق تطبيق المادة ٣٤١عقوبات:
1-عارية الاستهلاك 2- عقد البيع 3- عقد المعاوضة.
وأركان الجريمة
1-الركن المادى لجريمة خيانة الأمانة يتمثل فى الاختلاس والتبديد والاستعمال، وينطوى حتماً على الاحتفاظ بالشىء مع نية تملكه.
2- الضرر: وهى أن توقع الجريمة " أضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعى اليد عليها "، ولا يشترط تحقيق الضرر فعلاً بل يكفى أن يكون وقوعه محتملاً، ولا يشترط أن يكون الضرر مادياً، بل تقع الجريمة ولو كان الضرر أدبياً كما فى تبديد أوراق شخصية أو أشياء ليس لها إلا قيمة تذكارية.
3- الركن المعنوى "القصد الجنائى"
يثبت القصد الجنائى من أى طريق وبأى دليل طبقاً للقاعدة العامة للإثبات فى المواد الجنائية، ولقاضى الموضوع القول الفصل فى ذلك متى قرر أن القصد متوافر للأسباب التى بينها فى حكمه، فلا رقابة لمحكمة النقض إلا إذا كان العقل لا يتصور إمكان دلالة هذه الأسباب عليها.
ماذا لو انتفي ركن التسليم بجريمة خيانة الأمانة
لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا أقتنع القاضى بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر فى المادة ٣٤١عقوبات، وكانت العبرة فى القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود فى صدد توقيع العقاب، أنما هى بحقيقة الواقع، بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على إعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة.
و من المقرر قانوناً أنه إذا كانت هناك منازعة فى واقعة التسليم، يتعين على المحكمة حسمها قبل أن تقضى بالإدانة، فإذا لم يثبت تسلم المال بناء على أحد عقود الأمانة فقدت الجريمة أحد أركانها وتعين الحكم بالبراءة، فمثلا يقوم شخص بتوقيع إيصال أمانة ضمانا لتأجيره شقه أو ضمانا لأى علاقة تجاريه فهنا ينتفى ركن التسليم لعدم استلام الشخص أموال من المجنى عليه.
أما لو قام الشخص المؤتمن على الورقة الممضاة علي بياض وكَتب فى البياض الذى فَوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة، فذلك يمثل جريمة خيانة الائتمان حيث نصت المادَة ٣٤٠ من قانون العقوبات على : "كل من أؤتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب فى البياض الذى فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التى يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا، وفى حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأى طريقة كانت فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير" .
والمادَة سالفة الذكر تُجرم فعلين الأول خيانة الأمانة فى ورقة ممضاة أو مختومة على بياض وهو قيام الخائن وكتابته فى البياض الذى فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالص، وأما الثانى هو استحصال شخص أخر غير الذي اؤتمن على الورقة بأى طريقة وكتب فوق البياض الذى فوق الإمضاء سند دين أو مخالصة، فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير .
ولابد من توافر ثلاثة شروط لهذه الجريمة:
1-وجود ورقة ممضاة أو مختومة على بياض.
2-أن تكون الورقة قد سلمت إلى الجانى على سبيل الأمانة.
٣- فعل الخيانة بالكتابة فى البياض.
4-القصد الجنائى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة