ماتزال قضية أعضاء تنظيم داعش تتفاعل فى أروقة أجهزة الأمن الأوروبية والأمريكية، وبالرغم من الإعلان عن هزيمة التنظيم فى سوريا والعراق هناك توقعات بأن الأفكار التى قام عليها التنظيم ما تزال قائمة، خاصة مع مصير معلق لعشرات الآلاف من الإرهابيين وأسرهم وأولادهم وما تزال أوروبا ترفض استقبال مواطنيها من الدواعش، وحتى مئات الأسر من زوجات وأطفال، يمثلون خطرا، خاصة أن داعشيات كثيرات ما يزلن متمسكات بأفكار التنظيم الإرهابى، ومعهن مئات الأطفال والمراهقين الذين ولدوا فى ظل صعود التنظيم، وبعضهم تم ضمه لداعش وتدريبه على القتال والتفجير.
وظل الأوروبيون يعتقدون أن داعش ظاهرة شرق أوسطية حتى اكتشفوا انخراط الآلاف من شبابهم فى صفوف التنظيم. عودة شبابهم وقد اعتنقوا الفكر التكفيرى ويؤمنون بالقتل والذبح، وهؤلاء لم يكونوا من شباب الدول العربية والإسلامية، لكنهم ولدوا وتعلموا فى أوروبا ومع هذا وصلوا إلى الفكر الداعشى بشكل دفعهم للسفر إلى سوريا والعراق.
هناك اختلاف فى أرقام المقاتلين الأجانب فى صفوف داعش، وهناك 30- 40 آلاف مقاتل أجنبى، حسب إحصائيات الأمم المتحدة، قَدِموا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى تنظيمات إرهابية. ويقدر عدد الدواعش الأوروبيين بين 4-5 آلاف وتصل بعض الإحصائيات بالرقم إلى 8 آلاف أوروبى، يمثلون أزمة عالقة، فى ظل رفض بلادهم استعادتهم.
ونشرت لوفيجارو الفرنسية، فى مايو الماضى، أن العراق تسلم 20 عنصرًا من تنظيم «داعش»، منهم 14 فرنسيًا من قبل قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، ودعا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العواصم الأوروبية لإعادة مواطنيها المحتجزين خلال حملة «داعش» ضد سوريا. لكن بعض دول أوروبا قررت إسقاط الجنسية عن مواطنيها من حاملى الجنسيات المزدوجة، وترفض فرنسا وألمانيا السماح بعودة دواعش أوروبيين. وبالفعل سحبت السلطات البريطانية الجنسية ممن انخرط فى القتال مع «داعش» من مزدوجى الجنسية، مثل شميمة بيجوم التى انضمت إلى التنظيم فى الخامسة عشرة، وتم تجريدها من جنسيتها وعدم السماح لها بالعودة إلى بريطانيا. من جهتها دعت أنجريت كرامب، خليفة أنجيلا ميركل فى رئاسة حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطى فى ألمانيا، إلى ضرورة تمرير قرار سحب الجنسية الألمانية ممن قاتل مع تنظيم «داعش» من ذوى الجنسيات المزدوجة.
الأزمة فى حال إطلاق سراح هؤلاء المقاتلين أو تسربهم إلى دولهم، خاصة العناصر غير المسجلة لدى أجهزة الأمن والتى يمكن أن تمثل خطرًا قائمًا على أوروبا. صمن ما أسميه «الإرهاب المعولم»، حيث خطر التهديد لا يتوقف على منطقة الشرق الأوسط، لكنه يمتد إلى دول أوروبا وغيرها، وظهر فى سيرلانكا.
فى أوائل يوليو الماضى حذر معهد دراسات الحرب، فى واشنطن، من أن داعش لم يُهزم نهائيًا، ويستعد للعودة مجددًا، على نحوٍ «أشد خطورة»، رغم خسارته أراضى «دولة الخلافة» المزعومة، فى سوريا والعراق، حيث يمثل أكثر من 30 ألف مقاتل خطرا محتملا وإمكانية للعودة، استغلالا لثغرات أمنية أو استعادة تنشيط الخلايا النائمة.
وبالرغم من الهزيمة، يطل داعش برأسه، ويمثل خطرا قائما بشكل واضح، يعيد التذكير بنشأته الغامضة.