انتهى المهرجان القومى للمسرح المصرى الذى تشبعنا من خلاله بحالة مسرحية مصرية، وعرفنا حال المسرح المصرى وحال مصر بما طُرح من قضايا وأفكار فى عروضه، وتستمر الحالة المسرحية فى مصر مرة أخرى، ولكن بمهرجان آخر يهل علينا وهو مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى أحد أهم المهرجانات المصرية، الذى من خلاله نأمل أن نتشبع بحالة مسرحية مختلفة وانفتاح على تجارب عالمية بما يحتويه من عروض لـ40 دولة عربية وأجنبية يقدمون لنا 22 عرضا مسرحيا تناقش أمور الحياة.
وقال الفيلسوف المسرحى وليم شكسبير فى إحدى مسرحياته «هاملت»: «الحياة مسرحية، أعجبتنا أم لم تعجبنا، فقد دفعنا ثمن التذكرة» وهذا معناه أننا علينا معايشة الأدوار والمشاهد التى تجرى على خشبة مسرح الحياة بغض النظر عن رضانا عنها أم لا، وهكذا فسوف يتعايش جمهور المسرح التجريبى والمعاصر بأفكاره وشخصياته ليصبح المسرح وعيا وفنا وسلوك حياة، فالمسرح كالحب واللغة إن لم يكن ممارسة وسلوك معيشة فلا جدوى من التظاهر بحبه، ولذلك فكل المسرحيين من كل العالم ستكون وجهتهم مصر وسيأتون إلينا بمسرحياتهم وثقافاتهم وقضاياهم التى هى نفس قضايانا الإنسانية من خلال مهرجان المسرح التجريبى والمعاصر برئاسة الدكتور سامح مهران الذى أعلن أن تلك الدورة هى آخر الدورات التى سيتولى رئاستها ليترك الراية لأجيال جديدة من الشباب تتولى المسؤولية وتكمل مسيرة المهرجان.
- تكريم 6 مسرحيين فى الافتتاح وتوزيع 7 ميداليات فى حفل الختام
يكرم مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى فى دورته الـ 26 التى ستنطلق يوم 10 سبتمبر 6 مسرحيين من مختلف دول العالم فى حفل افتتاحه كما يمنح 7 ميداليات تسمى « ميدالية التجريبى» لتكريم عدد من المسرحيين المصريين الأحياء والراحلين.
فمن «أمريكا» يكرم لى بروير وهو كاتب ومخرج وشاعر ومنتج وهو المدير الفنى المؤسس لشركة «مابو ماينز» للمسرح ومن أهم أعماله عربة اسمها الرغبة لـ «تنيسى ويليامز» التى أخرجها للكوميدى فرانسيز La Comédie-Française.
كما يكرم المهرجان الفنان ثيودوروس تيرزوبولوس من اليونان وهو مؤسس فرقة مسرح أتيس فى عام 1985 فى دلفى وقام بإخراج العديد من المسرحيات، والأوبرا، والمسرحيات المعاصرة لأبرز الكتاب اليونانيين الأوروبيين والمعاصرين، كذلك قام بالإخراج فى العديد من المسارح الدولية، ومن أوغندا تكرم «جيسيكا قهوة» وهى محاضر أول فى أقسام الفنون المسرحية والأفلام فى جامعة ماكيريرى بكمبالا حاليًا، وكانت منسقة لعدد من المبادرات الوطنية التى سعت إلى استخدام المسرح والإعلام كقوة بناءة فى ظروف الصراع وتحسين الصحة.
ومن الجزائر يكرم المخرج المسرحى زيانى شريف عياد الذى قام بإخراج قرابة الثلاثين مسرحية، منها عدة مسرحيات تمثل العصر الذهبى للمسرح الجزائرى وفاز بالعديد من الجوائز، خاصة فى أيام قرطاج المسرحية، كجائزة أحسن إخراج مع «قالوا العرب قالوا» «1983» المُقتبسة من «المهرج» للكاتب السورى محمد الماغوط كما يكرم المهرجان الفنان محسن العلى من دولة العراق مؤسس فرقة مسرح النجاح ومستمر برئاستها منذ عام 1988.
وحصل على عدة جوائز منها الجائزة الكبرى لمهرجان قرطاج المسرحى عن أفضل عرض مسرحى متكامل لمسرحية «الجنة تفتح أبوابها متأخرة» وجائزة أفضل مخرج مسرحى عام 1985 لمهرجان المسرح العراقى.
أما المكرم المصرى الذى اختارته إدارة المهرجان فهو الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلامونى، وهو من أكثر كتَّاب الجيل الثالث من كتَّاب المسرح المصرى تميزًا وإنتاجًا ووعيًا بخطابٍ يتبناه ويؤسس له ويعيد تقديمه للجمهور وحرص بوعى وفهم على أن يخاطب قراءه ومتفرجيه بلغة هى الأقرب لهم، وكتب أكثر من ثلاثين مسرحية منها حلم ليلة حرب، تحت التهديد، فرسان الله والأرض، الحريق، حلم ليلة حرب، رجل فى القلعة، المزرعة، محكمة الحكماء، دكتوراة فى الحب «بحبك يا مجرم»، أبو نضارة، مولد يا بلد، ملاعيب عنتر، ست الحسن «تغريبة مصرية»، أمير الحشاشين، وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة التشجيعية 1984، وسام الدولة فى العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1986، جائزة الدولة فى التفوق فى الفنون 2012، جائزة الدولة التقديرية 2019، جائزة أفضل عرض مسرحى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب 1992، أفضل نص مسرحى من منظمة الأليسكو فى مهرجان قرطاج الدولى بتونس.
ويمنح المهرجان فى حفل ختامه 7 ميداليات تسمى « ميدالية التجريبى» لكل من الفنانة سميرة عبد العزيز والناقد والكاتب عبد الرازق حسين والفنان سيد رجب والفنان أحمد كمال والفنان الراحل هناء عبد الفتاح والكاتب والناقد المسرحى الراحل حازم شحاته والمخرج المسرحى الراحل محمد أبوالسعود.
- محور فكرى عن المسرح الأفريقى و5 محاضرات علمية و6 ورش و5 إصدارات.. أبرز فعاليات الدورة «26»
لا يقتصر مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى على العروض المسرحية فقط، لكن بجعبته الكثير من الفعاليات الموازية، التى منها محاضرات علمية وورش وندوات فكرية وإصدارات مختلفة، فمثلا تقدم خلال أيام المهرجان 4 محاضرات أولها محاضرة فى المسرح الغنائى تقدمها الفنانة والمغنية المعروفة سوزانا مارس وعازف البيانو والمغنى اريك ليتل والدكتورة كاترينا جالكا، وتقدم تلك المحاضرة بمسرح إيوارت بالجامعة الأمريكية ومحاضرة ثانية للمخرج اليونانى المُكرَّم ثيودوروس تيرزوبولوس ، عن العلاقة بين الأسطورة و الواقع ومحاضرة ثالثة عن التمثيل للفنان الأمريكى فين شامبرى وجوزى سيد وجوناثان والترز، ومحاضرة أخرى يقدمها المخرج الأمريكى المكرم لى بروير عن «علاقة الممثل بالمخرج» وآخر محاضرة تقدمها الأوغندية جيسيكا قهوة «عن العرض المسرحى ومسرحة الزمان والمكان».
أما الورش فهى 6 تقدم بدعم من الهيئة العربية للمسرح والمكتب الثقافى بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسسة اليابان بمكتب القاهرة، وأولها ورشة بعنوان «التعبير الشعرى للجسد» يقدمها الفرنسى سباستيان بروتيه ميشيل وورشة أخرى يقدمها الأسترالى بيتر ايكرسول عن الدراماتورج، كما يقدم اليابانى تشيمى فيوكومورى ورشة بعنوان « ذكريات الفضاء و الجسد» كما يقدم الأوغندى جينجو إسماعيل ورشة بعنوان مشروع كومب للفنون والورشة الخامسة يقدمها الأمريكى دان سيفر عن إخراج المسرح الراقص، كما يقدم الأمريكى جاى رايان ورشة إضاءة مسرحية.
ويقدم المهرجان فى محور الندوات ندوة رئيسية تمثل المحور الفكرى للدورة الـ 26 عن المسرح الأفريقى المعاصر بدعم من المعهد الدولى للمسرح، ويفتح باب النقاش فى هذا المؤتمر حول ماهية المسرح الأفريقى وخصوصيته، ويقام حفل خاص لإصدارات المهرجان بحضور الدكتور محمد سيف والدكتور عمر فرتات والدكتورة أسماء يحيى الطاهر والدكتور حاتم حافظ، ويدير اللقاء رئيس المهرجان الدكتور سامح مهران كما يوجد مائدة مستديرة حول أحوال المسرح العربى، أما عن الإصدارات فيصدر المهرجان 5 كتب منها ما هو مترجم وما هو مؤلف، فمن المترجمات كتاب «شعرية الجسد» تأليف جاك لوكوك وترجمة الدكتور محمد سيف، وكتاب آخر بعنوان «أرسطو أو مصاص دماء المسرح الغربى» تأليف فلورنس دوبون وترجمة الدكتور محمد سيف، وكتاب آخر يحمل عنوان «محاضرات فى الإخراج المسرحى» تأليف يفجينى فاختانجوف وترجمة قاسم محمد، ومن الكتب المؤلفة كتاب «المسرح الأفريقى المعاصر» تأليف أسماء يحيى الطاهر وكتاب «مسرح المهمشين فى الولايات المتحدة الأمريكية» بعد عام 1968 تأليف الدكتور حاتم حافظ.
- 22 عرضا مسرحيا لـ40 دولة عربية وأجنبية على 13 مسرحا بالقاهرة
أكد الدكتور سامح مهران، رئيس مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى والمعاصر، أن الدورة الـ 26 تقدم للمشاركة فيها 68 دولة تقدمت بـ«197» عرضاً، منها 39 دولة أجنبية تقدمت بـ «92» عرضاً وكانت أكثرها مشاركة هى دولة الهند التى شاركت بثمانية عروض وتلتها اليونان والبرازيل وقد تقدمتا للمشاركة بسبعة عروض لكل منهما، أما على مستوى الدول العربية فقد تقدمت سبعة وثمانين عرضًا من خلال 16 دولة عربية، وكانت أكثرها تقدماً للمشاركة هى دولة تونس، إذ تقدمت بخمسة عشر عرضًا مسرحيًا، بالإضافة إلى عرضين إنتاج مشترك بين دولة عربية وأخرى أجنبية.
وأضاف مهران: شكلت إدارة المهرجان لجنتى مشاهدة إحداها للعروض الأجنبية برئاسة المخرج عصام السيد، وعضوية كل من الدكتورة دينا أمين، والدكتور مصطفى رياض، والدكتورة سحر الموجى، والدكتور جليليان كمبانا، كما تشكلت لجنة للعروض العربية برئاسة المخرج ناصر عبد المنعم، وعضوية كل من المخرج فهمى الخولى والناقد محمد مسعد والدكتورة ياسمين فراج والناقدة رنا عبد القوى، وقد اختارت اللجنة الأولى 10 عروض أجنبية، واختارت اللجنة الثانية 8 عروض عربية، بالإضافة إلى 4 عروض أفريقية من 18 عرضا تمثل 13 دولة أفريقية غير عربية، لتصاحب الندوة الفكرية التى ستُعقد حول المسرح الأفريقى.
أما العروض المصرية، فقد طرحت إدارة المهرجان استمارة للتقدم للمشاركة فى للمهرجان وتقدم 35 عرضًا واختارت لجنة المشاهدة برئاسة الكاتب كرم النجار وعضوية كل من الدكتورة سامية حبيب والدكتور محمد سمير الخطيب والناقد باسم صادق والمخرجة عبير على عرضين للمشاركة فى المهرجان.
أما بالنسبة للعروض الأجنبية فهى العرض البرتغالى « موجة من بعيد» لرافايل آلڤاريز والمسرحية النيجيرية «أرض البشر» تأليف وإخراج وتشارك سويسرا بعرض «روميو، روميو، روميو» للمخرج ومصمم الرقصات چوشوا مونتن، وتقدم لنا الولايات المتحدة الأمريكية مسرحية «اكتشاف غموض غرفتك» للمخرج ومصصم الرقصات دان سيفر، وتشارك دولة البرازى معرض «دار الأحلام» لفرقة Cia. Truks للمخرج هينريك سيتشن، وتقدم دولة كوسوفو مسرحية «البخيل» إخراج إلميز نورا وتقدم فرقة الشجرة الأفريقية لدولة جنوب أفريقيا مسرحية «النظام» للمخرج سيفيمو موتسويرى، وتشارك دولة الكونجو مسرحية التقليدى يواجه الحضرى لمسرح رينها كرو إخراج فاراجا باتومايك، كما تشارك سويسرا أيضا بمسرحية « تحيا الحياة» إخراج اندرى بيجنات وتقدم دولة جنوب أفريقيا أيضا مسرحية «وزا البرت» إخراج هاميلتون دلامينى.
أما العروض العربية فتشارك سوريا بالعرض المسرحى «اعترافات زوجية» لفرقة المسرح القومى السورى بوزارة الثقافة السورية إخراج مامون خطيب، كما يقدم عرض إنتاج مشترك ما بين سوريا وألمانيا بعنوان «أفيون» رؤية فنية لأسامة الحفيرى وكيريوجراف محمد ديبان وتشارك دولة الإمارات بالعرض المسرحى «الساعة الرابعة» لفرقة المسرح الحديث التابع لجمعية الشارقة للفنون الشعبية والمسرح وإخراج ابراهيم سالم البيرق، وتشارك فرقة المسرح الكويتى بالعرض المسرحى «جزء من الفانية» إخراج عبدالعزيز النصار، وتشارك دولة تونس بالعرض المسرحى «دون كيشوت» إخراج معز العاشورى، وتشارك دولة العراق بمسرحية «سندباد» للفرقة الوطنية للتمثيل إخراج الدكتور أحمد محمد عبد الأمير، أما دولة المغرب فتشارك بالعرض المسرحى «علاش» لفرقة الكواليس للمسرح وإخراج عبد الفتاح عشيق.
وتشارك مصر فى المهرجان بعرض «بهية» للمخرجة كريمة بدير لفرقة فرسان الشرق للتراث عن رواية نجيب سرور «ياسين وبهية» والموال الشعبى «يا بهية وخبرينى» وعرض آخر مصرى بعنوان «ديستوبيا» إخراج محمد الخشاب لفرقة جماعة تفرد للفنون والمسرح.
كما هناك عرض على الهامش وهو انتحار معلن تأليف سامى الجمعان وإخراج مازن الغرباوى، وهو مشروع مسرحى جديد عربى الهوية تنهض رؤيته على الشراكة المسرحية العربية المُستدامة بين المسرحيين العرب، فجاء التأليف سعوديًا والإخراج مصريًا والتمثيل تونسيًا، مع فريق عمل من تونس ومصر، وتعتبر هذه المسرحية هى النموذج التجريبى الأول لفكرة ATPA القائمة على الشراكة العربية فى إنتاج عروض مسرحية.
وبالنسبة لعرضى الافتتاح والختام، فيفتتح المهرجان دورته بالعرض المسرحى الأمريكى «الخياليون» لمسرح الفنانين للربرتوار- را بروچكت وهى مسرحية موسيقية هزلية ورومانسية تحكى عن فتى وفتاة ووالديهما اللذين يحاولان التفريق بينهما، ويطلب الراوى (إل جايو) من الجمهور أن يوظفوا خيالهم ويتبعونه إلى عالم ضوء القمر والسحر وتتخلل القصة مجموعة وافرة من الأغانى الجذابة التى أسرت الذاكرة، وأصبحت من الكلاسيكيات، أما عرض الختام فيخرجه وليد عونى بعنوان «دموع حديد» وتقدم كل هذه العروض على 13 مسرحا من مسارح القاهرة الكبرى منها المسرح الكبير بدار الأوبرا ومسرح الفلكى وقاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية ومسرح الجمهورية ومسرح البالون ومسرح الهناجر وغيرها من المسارح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة