احتفلت «اليوم السابع» بصناع العرض المسرحى «الطوق والإسورة» الحاصد لكل الجوائز المسرحية فى المهرجانات الدولية لمصر خلال الفترة السابقة، حتى وصفه النقاد بأنه حفظ ماء الوجه للمسرح المصرى بعد فترة انقطاع عن الحصول على الجوائز، حيث نال الجائزة الكبرى فى مهرجان المسرح العربى فى دورته الحادية عشرة، كما حصد جائزة أفضل عرض مسرحى فى مهرجان أيام قرطاج المسرحية.
وفى مقر «اليوم السابع» حضر مخرج العمل المسرحى ناصر عبدالمنعم والفنان الكبير إسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح والفنان والمخرج شادى سرور مدير مسرح الطليعة الجهة المنتجة للعرض وأبطال العمل المسرحى: فاطمة محمد على فى الدور الرئيسى «حزينة» والفنانان نورهان أبو سريع ومحمود الزيات ونائل على ومحمد حسيب، وتحدثوا عن التجربة منذ بداية تقديمها عام 1996 ومشاركتها فى مهرجان المسرح التجريبى وحصدها الجائزة الكبرى بالمهرجان.
بداية كيف وقع الاختيار على نص «الطوق للأسورة» لتقديمه مسرحيا؟
المخرج ناصر عبدالمنعم: منذ أواخر الثمانينيات وبدايات المهرجان التجريبى كان كل ما يقدم للمسرح من نصوص يدور فى موضوعات مكررة حول الحاكم والمحكوم والسلطة، ففكرت فى تقديم مسرحة للرواية، وكان هناك 10 روايات مهمة لأكثر من روائى عربى وجميعها روايات مهمة لكتاب كبار مثل الطاهر وطار الجزائرى والطاهر بن جلون وعبدالحكيم قاسم وإدريس على، وكان من ضمنها رواية يحيى الطاهر عبدالله «الطوق والأسورة» التى اخترتها لعدة أسباب أولها أنه كنص أدبى من أروع النصوص الأدبية على المستوى العربى فالكاتب استطاع أن ينفذ لجوهر الإنسان فى الجنوب والعبقرية لدى الإنسان المصرى فى منطقة الجنوب، فهذه المنطقة تمثل تداخل الثقافات المختلفة من تراث فرعونى وقبطى وتراث إسلامى، وكان الإنسان فى هذه المنطقة مجدولا فى بوتقة نهل من كل الثقافات وصنع نموذجا مصريا يخصه والجنوب شاعرى جدا وغنى بالدلالات.
وما هو سر حصد مسرحية الطوق والإسورة للجوائز؟
المخرج ناصر عبد المنعم: مسرحية الطوق والإسورة من أكثر مسرحياتى نجاحا وتوفيقا، وتحصد دائما الجوائز فى أى مهرجان تشارك فيه لأنها تتناول موضوعا إنسانيا يعيش ويخلد فى أى عصر وفى أى مكان، لأنه دخل لجوهر الإنسان ولذلك كثيرون يتعجبون ويتساءلون: لماذا هذه المسرحية، وبرغم قدمها عندما تعاد مرة أخرى تنال إعجاب الناس وتحصد الجوائز والإجابة أن النص عظيم وكاتبه عظيم استطاع أن يدخل لجوهر الإنسان، مثل أعمال وليم شكسبير فالتيمات العظيمة التى لا تفنى هى الأفضل مسرحيا وفنيا.
لماذا أعاد البيت الفنى للمسرح إنتاج المسرحية مرة أخرى؟
الفنان إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح: بالفعل الوصول لجوهر الإنسان وطموحاته وأحلامه وطوقه وإسورته هو سر مسرحية «الطوق والأسورة»، فهى مسرحية عابرة استطاعت أن تصل لجوهر الإنسان المصرى فى ملتقى الثقافات المصرية والخلطة التى بهذه المسرحية هى سر أيضا من أسرار نجاحها ومازلت أؤكد أن هناك «طوق وإسورة» من العادات والتقاليد مازالت تقيد وتطوق المجتمع المصرى ونحن فى البيت الفنى للمسرح نرى أنه لابد أن يكون هناك تغيير فى الخطاب الثقافى الموجود لدينا وهناك تابوهات موجودة لابد أن نعيد فيها التفكير مرة أخرى مثل تابوهات خاصة بالمرأة وتابوهات خاصة بالتعامل ما بين الإنسان والآخر، ومن هنا كان وجود الطوق والإسورة يمثل رمزية مهمة جدا كبيت فنى للمسرح، ولذلك لم نتردد مطلقا فى إعادة تقديم مسرحية الطوق والإسورة، فهى عمل جيد وقيم يناسب فكرنا وتوجهنا.
لماذا يهتم المخرج ناصر عبد المنعم دائما بكتابة التاريخ والموروثات؟
من يرصد كتابة التاريخ سيجد التاريخ نوعين: هناك تاريخ رسمى يكتبه المنتصر وهناك تاريخ سرى حقيقى وغير معروف وهذا هو ما أبحث عنه دائما واشتغلت لفترة على الحملات الفرنسية وبالتحديد من خلال كتاب للدكتور محمد أنيس، أستاذ التاريخ فى كلية الآداب بجامعة القاهرة، يتناول فيه فتوات بولاق ودورهم فى ثورة القاهرة الثانية، وبدأت العمل على هذا المشروع، ولكنى توقفت وسوف أعيد فتح المشروع مرة أخرى، فأنا لدى شغف بالتاريخ غير الرسمى أو إعادة تقديم الأسماء الكبرى التى يقول التاريخ إنها لديها مشاكل.
أما على مستوى التراث فأنا أعمل دائما على هذه المنطقة فهى منطقة ثرية جدا، ولكن لا أعيد تقديم التراث كما هو ولكنى أميل لفكرة الجدل مع التراث فعدم التسليم بما فيه وعدم مقاطعته أيضا، وهذا ما فعلته فى مسرحية «الطوق والإسورة».
الفنانة فاطمة محمد على.. كيف قدمت تلك الشخصية الصعبة؟
كان لدى إصرار على تقديم العمل وشاهدت العمل الذى قدم من قبل بدونى، وكنت معجبة جدا بالعمل وعندما شاهدته فى السينما غضبت لأن الفنانة فردوس عبدالحميد كانت تتحدث بعدم إتقان للهجة الصعيدى ومثلها شريهان فكانت لديهما محاولات لكنهما لم تقدما اللهجة الصعيدية كما هى وكما ينطقها الصعايدة وأنا تعلمت من والدتى اللهجة وأخذت منها الكثير وأنا أساسا من تلك المنطقة التى تدور فيها أحداث المسرحية وأنا التى ذهبت للمخرج ناصر عبدالمنعم وطلبت منه المشاركة فى العمل والشخصية بعد وفاة أمى استدعتنى وكنت «هاموت» وأقدم الشخصية بكل تفاصيلها التى نهلت من أمى الكثير منها ووضعته فى المسرحية فأنا اجتررت من أمى وقدمته فى المسرحية بجمل محددة كانت تقولها مثل «المتغطى بالأيام عريان يا بنتى» فهذه جملة أمى «سكينة» الله يرحمها .
ما الذى أعجب المخرج شادى سرور كمدير لمسرح الطليعة فى المسرحية فقرر إعادة تقديمها؟
أشد ما أعجبنى فى مسرحية «الطوق والإسورة» هو الإيقاع، فالمسرحية إيقاعها يكاد يكون أقرب لإيقاع السينما، وعندما شاهدتها شعرت أننى أشاهد فيلما والمخرج ناصر عبدالمنعم كان بارعا جدا فى وضع حالة ورؤية مناسبة للمكان والزمان وحتى الصمت فى العرض هو صمت مسموع يمنحك مساحة كمتفرج فى المشاهدة، فالعرض وقت عرضه كان مختلفا عما هو سائد فى المسرح ومازالت حالة الدهشة فى العرض موجودة مع كل إعادة لتقديمه، ولذلك كان مهما جدا إعادة تقديمه للأجيال الجديدة فالمخرج ناصر عبدالمنعم فى هذا العرض كسر تابوهات كثيرة فى الشكل والمضمون.
الفنانة نورهان أبوسريع.. كيف التحقت بالعرض المسرحى؟
المخرج ناصر عبدالمنعم أعتبره مثل أبى الروحى ودائما هو داعم لى وأنا التحقت بالعرض فى اللحظات الأخيرة وكانت بالنسبة لى مسؤولية كبيرة لأن العرض ناجح وحصد جوائز كبيرة وأنا سوف أسافر مع العرض فى تونس، ولكن الحمد لله نجحنا فى حصد الجائزة ومشاركتى فى العمل أضافت لى الكثير واكتسبت خبرات كثيرة جدا.
الفنان محمود الزيات من أكثر المشاركين فى عروض المخرج ناصر عبدالمنعم.. فما سر مشاركتك المستمرة معه؟
محمود الزيات: بالفعل أنا محظوظ لأنى شاركت فى أكثر من عمل من أعمال المخرج ناصر عبد المنعم وحدث بيننا كيمياء وعملت معه مساعد ومخرج منفذ وممثل وقدمت معه فى «الطوق والإسورة» شخصية «بخيت البشارى» وبرغم مساحة الدور الصغيرة إلا أننى قدمت الشخصية بتكثيف شديد كما كتبها الدكتور سامح مهران ولكنى كممثل قدمت مع المخرج ناصر عبد المنعم الكثير من التجارب ومن أهمها بالنسبة لى احتفالية الريحانى التى قدمت فيها أكثر من شخصية وهذه المسرحية أعتبرها من أفضل ما قدمت مع المخرج ناصر عبدالمنعم فهى من التجارب المهمة جدا كممثل فى عرض «مصر لما تضحك».
الفنان نائل على قدم شخصية «الحداد».. فما الصعوبة فى تقديمها؟
أعمل مع الأستاذ ناصر من عام 1990 وكنت دائما أتابع عمله وشغله وعملت معه فى عدة ورشات وكنت أشاهد دائما عروضه، ولكن أول عمل شاركت فيه كان مسرحية «ليل الجنوب» من تأليف شاذلى فرح وتجربة «الطوق والإسورة» اكتسبت منها الكثير والشخصية التى قدمتها «الحداد» شخصية صعبة جدا لأنه شخص بنيانه قوى جدا ولكنه مصاب بضعف جنسى فكيف سأظهر هذه التفاصيل فى العمل وهنا كانت الصعوبة على المستوى النفسى، فلابد من معايشة فالعرض تركيبة كاملة لابد أن تكون كل عناصره متكاملة والحمد لله تلقيت رد فعل كثيرا عن العرض.
الفنان محمد حسيب يقدم شخصية متلونة فى العمل المسرحى فما تفاصيل تلك الشخصية؟
بداياتى فى المسرح كانت مع الدكتور سامح مهران وعندما شاهدنى المخرج ناصر عبد المنعم فى ذلك العرض المسرحى رشحنى للعمل معه، وبالفعل قدمت معه أكثر من شخصية فى أكثر من عملو وأنا أعتبر ناصر عبد المنعم أخا كبيرا وحتى فى العروض التى لا أشارك فيها أتواجد معه وفى «الطوق والإسورة» قدمت شخصية «الشيخ الفاضل» وهى شخصية لها أكثر من وجه، واستطعت مع المخرج أن أقدم الرؤية التى يريدها للدور وهو شيخ مستغل للناس فى تحقيق مصالحه الشخصية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة