أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

تحليل استراتيجى بطانية أونلاين.. «اللى إيده فى الحرب مش زى اللى إيده على الكيبوورد»

الثلاثاء، 14 يناير 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى السبعينيات من القرن العشرين شاع مصطلح «جنرالات المقاهى»، على من يطالبون بالحرب فورا، وبعضهم يتبارى فى رسم خطط الحرب وأماكن الدخول والخروج، وكان هذا قبل حرب أكتوبر. وقبل حرب يونيو 1967 شنت بعض الجبهات العربية التابعة لخصوم مصر هجوما على عبدالناصر تدفعه بالحرب، وهو ما أطلق عليه محمد حسنين هيكل «حرب التوريط»، كانت مصر دائما فى مرمى الهجمات والانتقادات، سواء حاربت أم توقفت، وتأتى الهجمات من جهات لم تقدم أى دور ولم تدخل طوال عمرها فى مواجهة مع إسرائيل، واكتفت بالمزايدة على دور مصر، والتى كانت دائما فى صدارة الصراع. ويتسع مصطلح جنرالات المقاهى لينطبق على كثيرين اعتادوا إطلاق أحكام من دون معلومات ومن دون أن يراجعوا المواقف وموازين القوى و«يفقع» الواحد منهم تحليلا سياسيا استراتيجيا ميكانيكيا عابرا للأجناس والأنواع والأشكال.
 
 الآن تطور شكل ومضمون جنرالات المقاهى، وأصبحوا جنرالات «فيس بوك»، يكتبون ويحللون ويتحدثون بكل ثقة فى موضوعات لا يعلمون عنها شيئا، ولهذا نجد هؤلاء الخبراء يفتون فى كل شىء بأحكام نهائية، من الاقتصاد الى الكبارى ومن الطاقة النووية إلى سد النهضة، والتعليم والطبخ والموضة، وهى ظاهرة تتسع منذ سيادة عصر الاتصالات وأدوات التواصل، باحثين عن لايكات، وبعضهم له جمهور من المتابعين القابلين لتصديق كل ما يقال، من دون بعض من تشغيل العقل. 
 
اللافت للنظر أن بعضا من جنرالات «فيس بوك» أكاديميون أو مهنيون لكل منهم تخصصه، يتركه ليتحدث فى كل التخصصات ما عدا مهنته، وطبعا لأن الكلام المجانى يجلب المزيد من «اللايكات»، والبوستات ليس عليها «جمرك» ولا مسؤولية، بالرغم من أن بعض هؤلاء يساهمون فى تضليل المتابعين، ويساهمون فى ترويج شائعات أو معلومات مغلوطة، هناك ظاهرة نشأت وترعرعت فى خضم الربيع العربى، ولدت وظيفة «الناشط» وهى صفة جامعة ليس لها معنى، لكنها تعطى صاحبها الحق فى الإفتاء بكل التخصصات والحديث باسم الثورة والسياسة وحقوق الإنسان والحيوان والجماد، ورأينا سياسيين تحولوا إلى نشطاء وإعلاميين، وأدباء تحولوا إلى منظرين ثوريين وحقوقيين تركوا الحقوقية واندمجوا فى نشاط سياسى، فأضروا بالسياسة وحقوق الإنسان وخلطوا القضايا على بعضها فى خليط أنتج ضجيجا بلا نتيجة.
 
ومع كل حدث ينبرى هؤلاء المعلقون ليسجلوا آراءهم وأفكارهم من دون انتظار للمعلومات، بل إن هؤلاء البعض ينامون تحت البطاطين فى البرد ومع هذا لا يبخلون بآرائهم وأفكارهم العميقة التى يزايدون بها على كل الأطراف، ففى يوم الإعلان عن اغتيال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس، وبمجرد الإعلان فى الفجر انطلق محللو « بطانية أون لاين» فى وصلات من العمق التحليلى، ورسم بعض هؤلاء «الكيبوورديين» سيناريوهات الاغتيال حتى قبل أن تعلنها الولايات المتحدة، ثم انبرى جنرالات إيران ليبدأوا رسم سيناريو الانتقام الإيرانى البالغ الدقة وكيف أن الولايات المتحدة أصابها الرعب، وأصبحنا أمام جنرالات ومحللين استراتيجيين، فريق منهم فى صف أمريكا، وفريق آخر مع إيران وكل منهما لديه معلومات ليست مع الطرفين الرئيسيين، مع أن الخبراء تحت البطاطين أونلاين وليس منهم أى واحد فى الميدان.
 
ثم تأتى قضية وقف إطلاق النار فى ليبيا، وكيف حول نفس خبراء «كل حاجة»، الدفة بنفس الحماس للحديث عن «غوامض الكوامن الاستراتيجية»، وهم أنفسهم يفتون فى اتفاقيات غاز المتوسط وتكتيكات واستراتيجيات الأطراف المتعددة، وكل منهم ينحاز لوجهة نظر مسبقة، مع أنه يستند إلى شائعات بعضها على مواقع التواصل، ومن إيران إلى ليبيا إلى سد النهضة إلى نهر النيل يضعون الخطط ويقدمون المخططات، من تحت نفس البطاطين، وينطبق عليهم المثل الشعبى «اللى إيده فى النار مش زى اللى إيده على الكيبوورد» من تحت البطانية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة