دفع الصائل فى التشريعات العربية.. ما هي حدود دفاعك عن نفسك ومالك؟.. المشرع المصرى والإماراتي وضعا 4 شروط لتوافر حق الدفاع الشرعى.. واللبنانى والجزائرى والتونسى فرق بين الخطر الوشيك والمستقبلى

الجمعة، 17 يناير 2020 12:30 م
دفع الصائل فى التشريعات العربية.. ما هي حدود دفاعك عن نفسك ومالك؟.. المشرع المصرى والإماراتي وضعا 4 شروط لتوافر حق الدفاع الشرعى.. واللبنانى والجزائرى والتونسى فرق بين الخطر الوشيك والمستقبلى محكمة - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قد ترتكب اليوم العديد من الجرائم الشديدة الخطورة ضد آحاد الناس وقد تصيبهم في مالهم أو شخصهم أو عرضهم، وهذه الجرائم قد تتمثل في القتل أو السرقة والتي يحترفها البعض لتكون مهنتهم، في العصر الراهن ومصدر رزقهم الملوث، إلا أن التشريعات الجنائية الحديثة تهدف بكل توجهات رغم اختلاف وتباين مرجعياتها الفلسفية والفكرية، وقد سبقها الإسلام إلى الحفاظ على حياة الناس وأعراضهم وممتلكاتهم.

هل يجيز لك القانون الدفاع عن نفسك؟

وفى الحقيقة عندما تتعرض للاعتداء، من الطبيعي أن تلجأ لأية وسيلة تراها ضرورية لإيقافه، لكن هل يجيز القانون لك ذلك؟ وهل يسمح لك باستخدام القوة لإيقاف الاعتداء الموجه إليك؟ حيث إن دفاعك عن نفسك أو مالك أو عِرضك إذا ما تعرضت للاعتداء، هو ارتداد طبيعي لما يقع عليك، وليس من المنطق أن يمنعك القانون من الدفاع عن نفسك، بأن تقف مكتوف اليدين أمام المعتدي، بل يمنحك هذه الرخصة لمنع وقوع الأذى عليك أو لمنع استمراره إذا وقع، ولكن هذا الحق مقيد بعدم التجاوز أو التعدي المفضي إلى إيذاء الآخر بدون وجه حق.

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" ضوء على إشكالية حق الدفاع الشرعي في التشريعات العربية والذى يسمى من الناحية الشرعية بـ"دفع الصائل"، التي يجب أن يكون حين تحقق الاعتداء لا مجرد التوهم وأن يتناسب مع جسامة العدوان، وما هي الشروط الواجب توافرها في ذلك الحق حتى لا يقع الشخص في المحظورة وتعرضه للاتهام ليصبح هو المتهم بدلاَ من المجني عليه في مثل هذه الحالات – بحسب الخبير القانوني واستاذ القانون الدولي الدكتورة هناء الخبير.

   35989-منفذ-الهجوم

 

بالنسبة لكيفية الدفاع عن النفس بموجب نصوص القانون المصري ومحاولة معالجة هذا الأمر أيضا في القضية الشهيرة "لقتل زوج الفنانة نانسي عجرم للمعتدي على منزلهم وانتهاك حرمة البيوت وسرقتهم ليلا "، وذلك طبقا للقانون اللبناني والذي يحكم هذا النزاع لوقوع تلك الجريمة على أرضه، وأيضا سنتعرف على رأي القانون التونسي والجزائري في هذا الأمر. 

متى يكون القتل مباحا في الدفاع عن النفس والمال؟

فقد أباح المشرع المصري بالمادة "249" من قانون العقوبات على: "حق الدفاع الشرعي عن النفس لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصودا به دفع أحد الأمور الآتية: أولا: فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة، ثانيا: إتيان امرأة كرها أو هتك عرض إنسان بالقوة، ثالثا: اختطاف إنسان.

بينما تحدثت المادة "250" من القانون على حالات الدفاع الشرعي عن المال والتي يباح معها القتل، ونصت على "حق الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصودا به دفع أحد الأمور الآتية: أولا: سرقة من السرقات المعدودة من الجنايات، ثانيا: الدخول ليلا في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته، ثالثا: فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة – وفقا لـ"الخبيرى".

202001050228202820

موقف المشرع المصرى من حق الدفاع الشرعى

 

حق الدفاع الشرعي في القانون المصري هو حق يتيح للشخص استخدام القوة اللازمة والمناسبة لدرأ خطر حال، وغير مشروع، يهدد النفس أو المال بنحو قد يستحيل معه لجوء هذا الشخص إلى السلطات العامة لطلب حمايتها من ذلك الخطر، فالدفاع الشرعي هو حق يتيح للفرد في مصر أن يدافع عن نفسه في مواجهة الكافة، وذلك استثناءً على القاعدة القانونية التي تحظر على الفرد أن يقيم العدالة بنفسه دون اللجوء إلى السلطات المختصة .

فالأصل في القانون المصري أن الدفاع الشرعي أمر مطلق يستفيد منه أي شخص يقنط علي أرض مصر، كما يعتبر أمر عام يتيح للمدافع أن يرتكب أية جريمة سواء تعلّقت بالنفس أو بالمال أو بغيرهما، ويجوز للمدافع أن يرتكب جرائم كالقتل أو الضرب أو الجرح أو غير ذلك من الجرائم، من اجل الدفاع عن النفس، كالمرأة التي تتعرّض لمحاولة اغتصاب ويكون معها صاعق كهربائي وتقتل به المعتدى عليها فينتفي عنها جريمة القتل لأنها في حالة دفاع شرعي، وورد حق الدفاع الشرعي في القانون المصري بدءا من المواد 245 إلى 251 من قانون العقوبات، باعتباره أحد أسباب الإباحة، حيث ذكر شروطه، وقيوده، وأثره، والحكم عند تجاوز حدوده شروطه – الكلام لـ"الخبيرى". 

123_850646_highres

شروط الدفاع الشرعي وما يخرج عنه:

-إذا كان الفعل الذي يهدد حياتك - بأي شكل - يعتبر جريمة فهذا يعتبر تبرير لأي شكل من أشكال الدفاع عن نفسك، ولكن هناك بعض الأعمال المباحة لا يعتبر دفاع شرعي - مثل الأب عند عقابه لابنه فهنا لا ينشئ للابن الحق في الدفاع الشرعي.

-وكذلك لا دفاع شرعي في مواجهة مأموري الضبط أثناء قيامه بواجبات وظيفته فالدفاع الشرعي لا يجوز به مواجهه الشرطة إلا إذا تطور الأمر بفعل يعد جريمة دون أن يكون حسن النية.

-ينشأ حق الدفاع الشرعي إذا كان المعتدى البادئ بالعدوان يتمتع بعذر قانوني.. مثال عند مفاجأة الزوج لزوجته في حالة الزنا هنا أيضا يجوز للزوجة ومن كانت معه استعمال الحق في الدفاع الشرعي على الرغم من أن الزوج يتمتع بعذر قانوني.

-ينشأ حق الدفاع الشرعي في مواجهة المعتدي ولو كان غير مسئول جنائياً مثل مواجهة الاعتداء من مجنون أو طفل غير مميز فهنا أيضا ينشأ لك حق الدفاع الشرعي.


أنواع الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي:  

 

1-جرائم الاعتداء على النفس

حيث نصت المادة 246 من قانون العقوبات أن لكل شخص الحق في استعمال القوة اللازمة لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس، كالقتل والجرح أو الضرب الذي يفضى إلى عاهة مستديمة أو الاختطاف وما يمثل الاعتداء على العرض كهتك العرض والاغتصاب

download

2-جرائم الاعتداء على المال 

وهنا لم يخص الشارع بالدفاع الشرعي على النفس فقط بل أضاف إليها المال وهي وردت على سبيل الحصر، كجرائم الحرق العمد، جرائم السرقة، جرائم التخريب والإتلاف، جرائم انتهاك حرمة ملك الغير، جرائم الدخول على الأراضي الزراعية المهيأة للزراعة أو مبذور فيها زرع أو بها بهائم أو دواب وتلك الحالات يكون تقديرها للمحكمة.

متي تتوافر الضرورة لاستعمال القوة لرد الاعتداء؟

هناك بعض الشروط الخاصة يجب توافرها:

 

1- أن يكون الاعتداء حالا أو وشيك الوقوع حتى يكون استعمال القوة ضروري، فاذا لم يكن حالا أو وشيك الوقوع لا ينشأ حق الدفاع الشرعي، وإذا وقع الاعتداء وانتهى فلا ينشأ حق الدفاع الشرعي وإذا دافع عن نفسه بعد انتهاء الفعل يعتبر ما قام به عدوان وليس دفاع شرعي، لأن القانون حدده بشرطين هو أن يكون حالا أو وشيك الوقوع ولا محل للدفاع الشرعي إذا فر الجاني وترك المسروقات أو هرب بعد أن قام بحرق أي شيء.

2- أن يكون فعل الدفاع إلى مصدر الخطر، ويجب أن يوجه المعتدى عليه دفاعه إلى الشخص الذى يسبب له الخطر وليس أي شخص أخر.

القتل للدفاع عن النفس بموجب نص القانون م"249 ،250":

1-يمكن للشخص الدفاع عن نفسه بالقتل إذا حدث فعل يؤدي به إلى الموت.

2-إتيان امرأة كرها عنها أو هتك عرض إنسان بالقوة.

3-اختطاف انسان.

4-الدخول ليلاً لمنزل مسكون أو أحد ملحقاته قاصد ارتكاب جريمة، فهنا أباح القانون القتل واستلزم القانون أن يكون الدخول ليلاً وبوسيله غير مشروعة.


- ومع كل ذلك يجب أن يكون المدافع عن نفسه حسن النية، فإذا لم يكن حسن النية اعتبر خارجا عن القانون وتقدير ذلك أمر متروك للمحكمة، فلابد أن يكون الشخص في موقف دفاع عن نفسه وليس انتقام لاي سبب اخر غير الدفاع عن النفس.   

جريمة-قتل

 

موقف المشرع اللبنانى من حق الدفاع الشرعى

 

أما بالنسبة لحالات الدفاع عن النفس بموجب القانون اللبنابي، وتحليلا لموقف قتل فادي الهاشم زوج الفنانة نانسي عجرم للسارق بمنزلهم دفاعا عن بيته واسرته وممتلكاتهم، لذلك نعرض بعض نصوص القانون اللبناني الخاصة بالدفاع الشرعي عن النفس واباحة القتل في بعض الاحوال.

 

كرّس المشرع اللبناني حق الدفاع المشروع في المادة 184 من قانون العقوبات التي نصت على أنه: "يعدّ ممارسة حق كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرّض غير محقّ ولا مُثار على النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه، ويستوي في الحماية الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، وإذا وقع تجاوز في الدفاع أمكن اعفاء فاعل الجريمة من العقوبة في الشروط المذكورة في المادة 228"، وقد اعتبرت المادة 228 عقوبات أنه: "إذا أفرط فاعل الجريمة في ممارسة حق الدفاع المشروع لا يعاقب إذا أقدم على الفعل في ثورة انفعال شديد انعدمت معها قوة وعيه أو إرادته".

 

فيعتبر الدفاع المشروع سبباً من أسباب التبرير العام، وحقاً موضوعياً مطلقاً مقرَّراً لجميع الأفراد، يبيح لهم ارتكاب الجريمة استثناء على الأصل العام الذي يمنعها، وذلك لدرء الأخطار التي تهدّدهم عند استحالة اللجوء الى الأجهزة المختصة لاستيفاء الحق أو لمنع وقوع الضرر، وذلك تغليباً لمصلحة المعتدى عليه على مصلحة المعتدي الذي أهدر حماية القانون وانتهك قواعده. 

shakosh

الشروط القانونية لحق الدفاع المشروع وفقا للقانون اللبناني:

 

يشترط القانون اللبناني توافر عدة شروط لممارسة حق الدفاع المشروع، يمكن تقسيمها الى نوعين، النوع الأول يتعلق بفعل التعرض أو الاعتداء، والنوع الثاني يتعلق بفعل الدفاع؛ إذ ان ممارسة حق الدفاع المشروع تتطلب تعرضاً أو اعتداءً من جانب المعتدي ودفاعاً من جانب المدافع، وهي على النحو التالي:

شروط التعرض والاعتداء:


حدّدت المادة 184 عقوبات الشروط الواجب توافرها في فعل التعرض أو الاعتداء المبرَّر لممارسة حق الدفاع المشروع، وهذه الشروط هي: وجود تعرض غير محق ومثار على النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه.

 

- وجود حال تعرض: لممارسة حق الدفاع المشروع يجب صدور تعرض أو اعتداء من المعتدي على المعتدى عليه، فإذا لم يكن ثمة خطر ما لا مجال للتذرع بالدفاع المشروع؛ كأن يقتصر العمل على مجرد المعاتبة وقوارص الكلام من دون أن يأتي أي فعل مادي ينذر بالخطر، وعدم ثبوت استعمال سلاح حربي من شخص يحمله من دون التهديد به.

 
ولا يشترط أن يكون فعل التعرض أو الاعتداء ايجابياً بل قد يكون سلبياً؛ كإكراه صاحب كلب على ربطه لمنع تهجمه على الناس، وقد يكون التعرض المبرّر للدفاع المشروع وشيكاً أو مستمراً، فالتعرض الوشيك هو الاعتداء الذي لم يبدأ بعد لكنه في مرحلة الشروع، كأن يُخرج المعتدي مسدسه ويبدأ بتجهيزه بالرصاصات، فلا يُلزم المُهدَّد بالانتظار حتى يبدأ المعتدي باطلاق النار عليه لتبرير دفاعه المشروع، بل يجوز له الدفاع بمجرد أن يتهدده الخطر الداهم .  

 

أما إذا كان الخطر محتملاً في المستقبل، فلا يوصف بالخطر الوشيك ولا يبيح الاعتداء، مثلاً وضع اليد على مكان السلاح في وسط الجسم أو التهديد به لا يكفي لقيام حق الدفاع المشروع، وتقدير ذلك يجب أن يستند الى اعتبارات موضوعية واقعية وفقاً لتقدير الشخص العادي في مثل الظروف التي أحاطت به، ومبنياً على أسباب معقولة تقدرها المحكمة، لكن هذا لا يمنع استخدام وسائل الدفاع التلقائية؛ مثل وضع سلاح في مكان معين ينطلق عند محاولة سرقته، أو تثبيت قطع من الزجاج أو سلك كهربائي على سور منزل.

images


أما الخطر المستمر فيفرض أن يكون الخطر ما زال قائماً لم ينتهِ عند ممارسة حق الدفاع المشروع؛ كالاستعداد لاطلاق رصاصة أخرى بعد فشل إصابة الطلقة الأولى، أما إذا انتهى الخطر؛ كنزع السلاح من يد مطلق النار، فلا يجوز للمعتدى عليه أن يستعمل السلاح المنزوع ضد المعتدي، لأنه يصبح مجرد انتقام وثأر يعاقب عليه القانون.

وجود تعرض غير محق

- وجود تعرض غير محق: وهو الاعتداء على حق يحميه القانون؛ مثل الحق في حياة آمنة، كالاقدام على الطعن بسكين ما يشكل خطراً على حق المجنى عليه في الحياة، حتى ولو كان المعتدي مجنوناً غير مسؤول جزائياً، فيجوز هنا استعمال حق الدفاع المشروع لإنقاذ الحياة من الموت، أما إذا كان التعرض محقاً، فلا تجوز مقاومته، كأن يستند الفعل الى القانون أو أمر السلطة؛ فيمتنع على الولد استعمال الدفاع ضد الأب أو الأستاذ الذي يمارس حقه في التأديب المشروع، ويمتنع أيضاً التذرع بالدفاع المشروع ضد مواطن استطاع القبض على الجاني في حالة الجريمة المشهودة بغية تسليمه للعدالة، وكذلك بالنسبة للخفير الذي يقبض على المحبوس الفار من الحبس. 

أن لا يكون التعرض مثاراً

- أن لا يكون التعرض مثاراً: يجب ألا يكون المدافع هو مصدر الخطر الذي اضطر الآخر الى رده، فإذا كان المدافع هو الذي أثار غريمه فحمله على التهجم عليه، لا يجوز له التذرع بالدفاع المشروع، كأن يكون هو البادئ باطلاق النار أو بالضرب. فلا يباح للزاني ممارسة حق الدفاع المشروع ضد زوج الشريك. إذ لا دفاع ضد الدفاع المحق، شرط بقائه في نطاقه المشروع من دون تجاوز. 

وقوع التعرض على النفس أو المال

- وقوع التعرض على النفس أو المال: تشترط المادة 184 عقوبات وقوع الاعتداء على النفس أو الملك أو نفس الغير أو ملكه، فيستوي حق الدفاع المشروع عند وقوع الاعتداء على نفس أو مال المدافع أو غيره؛ أي يجوز للغير أن يدافع عن المعتدى عليه حتى ولو لم تقع الجريمة على المدافع، كما تستوي ممارسة حق الدفاع المشروع لحماية الشخص الطبيعي والشخص المعنوي؛ كالشركات والمؤسسات العامة أو الخاصة.


ويشمل التعرض للنفس كل ما يعتبر من العناصر المتصلة بالشخص، فيجوز الدفاع ضد جرائم الاعتداء على حياة الانسان وسلامته؛ كالقتل والإيذاء والاجهاض، وضد جرائم الاعتداء على العرض؛ كالاغتصاب والفحشاء، وضد الجرائم الواقعة على الحرية؛ كالخطف وخرق حرمة منزل وافشاء الأسرار، وضد الجرائم الماسة بالشرف؛ كالذم والقدح، وكذلك، يجوز استعمال حق الدفاع المشروع لدرء التعرض للمال وضد أية جريمة من الجرائم الواقعة على المال، كالسرقة، والحريق، وتخريب المواصلات، واستعمال أشياء الغير بدون حق، والاحتيال، وإساءة الأمانة، والاختلاس، وغيرها.

شروط فعل الدفاع المشروع:


يجب أن يتوافر في فعل الدفاع شرطان أساسيان، هما: ضرورة الدفاع، وتناسبه مع الخطر كما أكدت عليه نص المادة 184 عقوبات، لكن المادة 184 عقوبات لبناني، أشارت إلى حالة وقوع تجاوز في الدفاع وقضت باعفاء فاعل الجريمة من العقوبة في الشروط المذكورة في المادة 228.

 

وقد اعتبرت هذه المادة أنه: "إذا أفرط فاعل الجريمة في ممارسة حق الدفاع المشروع لا يعاقب إذا أقدم على الفعل في ثورة انفعال شديد انعدمت معها قوة وعيه أو إرادته"؛ كإثارة الاعتداء للمعتدى عليه وجعله في ثورة انفعال شديد أفقده الوعي والإرادة والقدرة على التوازن مما جعله يفرط في الدفاع، فيعفى من العقوبة.

 

وإذا اختل التناسب والتوازن، بحصول تجاوز بين الدفاع والضرر، ينتفي التبرير ويعتبر الفعل جريمة، إنما يتوقف تحديد وصفها على مدى توافر القصد الجرمي، فإذا كان التجاوز مقصوداً كان المدافع مسؤولاً عن ارتكاب جريمة مقصودة؛ كمن ينتظر فرصة الاعتداء عليه بالضرب لقتل المعتدي، أما إذا كان التجاوز ناتجاً عن تقدير خاطئ غير مقصود، فيكون المدافع مسؤولاً عن ارتكاب جريمة غير مقصودة؛ كمن يتعرض لتهديد بالسلاح فيرد باطلاق النار وقتل المهدد.

أما إذا وقع التجاوز من دون قصد أو خطأ من المدافع نتيجة اضطرابه ودقة الموقف بسبب ظروف محيطة به أدت الى عدم القدرة على السيطرة على الإرادة، فيُعفى المدافع من العقوبة؛ كمن يفاجأ بشتمه وصفعه على وجهه أمام أقربائه من دون سبب فيثور ويرد بقذف المعتدي بزجاجة تصيبه بتعطيل في عينه، فهو يعفى من العقوبة سنداً للمادة 822 عقوبات، ويعود تقدير كل ذلك للمحكمة في ضوء الظروف التي كانت محيطة بالمدافع، والخطر المحيط به، ووسائل الدفاع المتاحة له، ووضعه الشخصي على صعيد بنيته الجسدية وحالته النفسية وثقافته.

الصور الخاصة للدفاع المشروع  

أورد المشترع اللبناني صورتين للدفاع المشروع في المادة 563 من قانون العقوبات، هما: الدفاع بالقوة ضد السارق بعنف، وضد سرقة المنازل الآهلة ليلاً،

وقد أعفى فيهما من شرط التناسب بين الدفاع والخطر، وأباح للمدافع استعمال حقه في الدفاع المشروع ولو بالقتل.


ولم يضع المشرع تعريفاً لليل، لكن الفقه والاجتهاد استقرا على حصره في الفترة ما بين غروب الشمس وشروقها، والمقصود بالمنزل الآهل أنه المنزل المسكون فعلاً، ولا يكفي أن يكون معداً للسكن، لكنه لا يشترط وجود سكان بالمنزل، ويشمل المنزل الآهل ملحقاته الملاصقة به المخصصة لمنافعه، سواء وجدت تحته أو فوق سطحه أو بجواره؛ كغرفة الناطور والكاراج والحديقة، ولا يشمل النص هنا غير المنازل المسكونة، فلا يشمل الفنادق والمستشفيات وغيرها التي يسكنها عادة عدد من الناس بإمكانهم التعاون لرد الاعتداء بغير ارتكاب جريمة كبرى. 

 

موقف المشرع التونسى من حق الدفاع الشرعى

الدفاع الشرعي: الذي نظمه القانون التونسي في الفصلين 39 و40 وهو من أسباب الإباحة إذ يرفع عن الجريمة وصفها، فلا يكون الاعتداء موجبًا للإدانة والعقاب، أنه: "لا ضمان على من اضطر للدفاع عن نفسه" بمعنى هو غير ملزم بالتعويض لمن اعتدى عليه إن سبب له أضرارًا بدنية، وذلك بنص الفصل 104 .

شروط الدفاع الشرعي طبقا للقانون التونسي :

نص الفصل 39 من المجلة الجزائية على الآتي:

لا جريمة على من دفع صائلًا عرّض حياته أو حياة أحد أقاربه لخطر حتمي ولم تمكنه النجاة منه بوجه آخر. والأقارب هم أولًا: الأصول والفروع، ثانيًا: الإخوة والأخوات، ثالثًا: الزوج والزوجة. أما إذا كان الشخص المعرّض للخطر من غير هؤلاء الأقارب فللقاضي الاجتهاد في تقدير درجة المسؤولية".

والصائل من الصول وهو الجور والقهر والظلم ليكون المقصود بالصائل هو القائم بالاعتداء وصاحب الخطر، ويقسم شراح القانون شروط تطبيق هذا الفصل إلى شروط  للهجوم،  وأخرى للدفاع.

وبخصوص الهجوم، اشترط الفصل 39 أن يستهدف الهجوم حياة الإنسان، على اعتبار أن الحق في الحياة هو حق بمرتبة خاصة في التشريعات السماوية والوضعية، وتأتي سلطة القاضي لتقدير حسب الوقائع إن كان هجوم المعتدي يستهدف حياة المدافع عن نفسه أم لا.

لتطبيق الدفاع الشرعي وفق الفصل 39 من المجلة الجزائية يجب أن يكون الهجوم غير شرعي وحتمي ويستهدف حياة الإنسان فيما يُشترط في الدفاع أن يكون ضروريًا ومتناسبًا مع حجم الخطر

ولكن أقصى المشرع، وفق ظاهر النص، الهجوم على السلامة الجسدية أو المهدد للشرف وكان لمحكمة التعقيب التونسية قرار في 1978 خلاصته أن "الدفاع عن الشرف لا يعدّ من الدفاع الشرعي المنصوص عليه بالفصل 39 من المجلة الجزائية"، فمن تتعرض مثلًا لمحاولة اغتصاب وتقوم بقتل مغتصبها فهي ليست في حالة دفاع شرعي على اعتبار أن المهاجم استهدف عرضها وليس حياتها.

وفي هذا الصدد يختلف القانون التونسي عن القانوني المصري واللبناني بأن الاخيريين وضعوا حالة التعرض للعرض والاغتصاب ضمن حالات الدفاع الشرعي ولاتسأل من قامت بقتل مغتصبها عن جريمة قتل بل تكون في حالة دفاع شرعي.

أورد الفصل 40 من المجلة الجزائية على حالة خاصة للدفاع الشرعي، ونصّه " لا جريمة: أولًا: إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب واقعًا ليلا لدفع تسور أو خلع مسيجات أو ثقب جدران أو مدخل مسكن أو محلاّت تابعة له، ثانيًا: إذا كان الفعل واقعًا لمقاومة مرتكبي سرقة أو سلب بالقوة".

 

موقف المشرع الجزائري من حق الدفاع الشرعي

 

أما القانون الجزائرى فتحدث عن حالات الدفاع الشرعي ويتشابه إلى حد كبير مع القانون اللبناني، فنصت المادة 40 من قانون العقوبات الجزائرى على الاتي: "يدخل ضمن حالات الضرورة حالة الدفاع الشرعي الفعل الذي يرتكب لدفاع عن النفس أو الغير ضد مرتكب السرقات أو النهب بالقوة".

وشرط قيام هذه الحالة:

1-على أن يهدد الخطر النفس أو المال ويستوي فيها أن يكون الخطر موجها إلى المدافع أو الغير وهذا خلافا للحالة الاولى التي لابد أن يهدد الخطر المدافع نفسه.

2-أن يقع التهديد من أشخاص يرتكبون السرقات أو النهب بالقوة سواء أكان التهديد أو الخطر ليلا، أو نهارا وهذا خلاف الحالة الاولى.

واباح القانون الجزائري حق الدفاع ضد مرتكبي السرقات والنهب بالقوة واعتبره أمرا خطيرا جعل المجتمع تحت رحمة سلطة الأشرار أو قطاع الطرق وشعارهم البقاء للأقوى، لذلك فقد أباح القانون الدفاع الشرعي في هذه الأفعال حاثا الناس على الدفاع عن حقوقهم ضد السرقات التي ترتكب بالقوة والإكراه ودون التقييد بالشروط التي جاءت بها النظرية العامة للدفاع الشرعي.

وتعالج هذه الحالة جميع أنواع السرقات بالإكراه التي ترتكب في الطرق العمومية، بهذا فقد أجاز المشرع للفرد أن يدافع عن ملكه أو ملك الغير وعن نفسه وعن نفس الغير ضد مرتكبي جرائم السرقة والنهب سواء حدث ذلك ليلا أو نهارا.

والمشرع الجزائي قد اباح حق استعمال القتل إذا تعلق الامر بحالة من حالات الممتازة وهو اشد أفعال الدفاع جسامة، وهذا ما لم يسمح به في المادة 39/02 ق ع ج الا بعد توافر كل الشروط منها ضرورة أن يكون الفعل متناسبا مع جسامة الخطر فاذا وجدت وسيلة أخرى لتفادي الخطر الذي يهدده كانت اقل جسامة من القتل بتحطيم السلاح الذي يستعمله أو تمزيق ملابسه أو حبسه الوقت اللازم للاستعانة بالسلطات، أو ضربه حتى يغمى عليه لكنه مع هذا لجا إلى القتل اعتبر هذا تجاوز لحق الدفاع ويكون مرتكبه مسؤولا جنائيا.  

 

الدكتورة هناء الخبيرى

موقف المشرع الإماراتي من حق الدفاع الشرعي

أما المشرع الإماراتى، فقد وضع شروطاً لا يتحقق الدفاع المشروع إلا بها، وهي:

1- إذا لم يستطع المعتدى عليه الاستنجاد بالسلطات العامة لإيقاف الاعتداء الواقع عليه.

فالأصل أن يلجأ المعتدى عليه للسلطات العامة إذا تعرض للأذى، ولكن إذا تعذّر عليه ذلك، فإنه يلجأ إلى الدفاع المشروع لدفع الأذى عن نفسه.

2- ألا تكون أمامه طريقة أخرى لدفع الخطر عن نفسه.

فلا يعد الدفاع مشروعاً إذا توافر لدى المعتدى عليه ما يغني عن الدفاع كالفرار أو تسوية الأمر مثلاً.

3- أن يكون الدفاع متناسباً مع الاعتداء.

فلو قام شخص باستخدام آلة حادة ليوقف من اعتدى عليه بالضرب، فتسبب في جرحه، فيكون بذلك قد تجاوز حدود الدفاع، كون دفاعه لا يتناسب مع الاعتداء.

4- أن يكون الخطر حالّا- واقعاً- ومستمراً.

فإذا دافع الشخص بعد أن توقف المعتدي عن إيذائه، يعد ذلك اعتداءً وليس دفاعاً، لأن الدفاع لا يتحقق إلا إذا كان الاعتداء مستمراً.

ويجب أن ننوه بأن القانون لم يقصر حقّ الدفاع عن نفسك فحسب، بل امتد ليجيز لك الدفاع عن غيرك – أيضاً- إذا ما تعرضوا للاعتداء بأنواعه المختلفة كالاعتداء على النفس أو المال أو العرض.

كما يسمح للمدافع عن نفسه باستخدام أي وسيلة يراها ضرورية لإيقاف الاعتداء الذي يقع عليه أو على غيره، ولكن ضمن حدود القانون، لأنه في حال تجاوزه لهذه الحدود يعدّ مسؤولاً بقدر تجاوزه، كما لا يتحقق الدفاع المشروع، إذا استخدمه المرء في مقاومة رجال الأمن.

بقي أن نذكّر، بأن الدفاع المشروع رخصة منحها القانون لغايات دفع الخطر، فلا تجعل دفاعك ينقلب إلى اعتداء، ومن ثم يتحول إلى جريمة.  

 
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة