"مذكرات فتاة ملتزمة" سيرة ذاتية تتناول طفولة الكاتبة وفيلسوفة الوجودية سيمون دوبوفوار، والتى ولدت فى 1908 فى باريس، تتحدث فيها عن حياتها العائلية، صداقاتها، دراستها، المحيط العام الذي عاشت فيه صراعاتها النفسية وبحثها حتى تكونت قناعاتها وفلسفتها الخاصة.
رحلت سيمون دى بوفوار فى عام 1986 بعد رحلة طويلة قضتها برفة الفيلسوف الفرنسى الشهير جان بول سارتر، وكتابها "مذكرات فتاة ملتزمة" عرف الطريق إلى الترجمة العربية سريعا، في فقد ترجم فى نهاية الخمسينيات عن دار العلم بالملايين وإن كان تحت عنوان "يوميات فتاة رصينة".
سجلت سيمون دي بوفوار فى الصفحة الأولى "إذا قرأ أحد هذه الصفحات، أياً كان، فإني لن أغفر له ذلك أبداً".
وفى الكتاب تطرقت سيمون دوبوفوار لمرحلة الطفولة المتبوعة بمراهقة مليئة بالتساؤلات وصولاً لمرحلة التحصيل العلمي التي انتهت بنضج واعي وخاص للحياة.
فى الكتاب اعترفت سيمون دى بوفوار بشكل واضح وصريح أنّها فقدت إيمانها، أو حسّها الإيمانى بمرحلة مبكرة من حياتها.
لقد توقعت لما أعرفه من سيرتها الذاتية أن أراها معترضة بشكل قاطع وحاد لفكرة الزواج، لأجدها في نواح معينة مستعدة للتنازل عن جزء من قناعاتها وطموحاتها في سبيل البقاء مع جاك. كانت تبحث عن هويتها الأنثوية من خلال الحب، ومن خلال الشعور بأنها جميلة ومرغوبة. حاولت جاهدة أن تنسق بين عمقها الفكري وشكلها الخارجى، فرأينا الكثير من الوصف للألبسة والأقمشة والمظاهر الخارجية لاسيما فيما يتعلق بصديقاتها أوزميلاتها.
لم تكن إنسانة مضطربة ، حاقدة أو حاسدة، رغم نفور والديها منها لفترة من الزمن وكذلك والدة أعز صديقاتها "زازا" الشهيرة ماريبل. كانت متصالحة مع نفسها ومع الآخرين، والأمر يعود لنضجها الفكري والعقلي الذي لا يتأثر بالمظاهر وإنما يراقب العمق، عمق الأشياء والأشخاص.
وكأنّ "زازا" هي الشخصية الرديفة لوجودها. الشخصية الإيمانية الراضخة المتقبلة للقواعد والقوانين دون الرغبة بالانقضاض عليها ومخالفتها. وكأنها بداخلها كانت تتخبط بين الإيمان واللاإيمان(لا أريد أن أقول عنه إلحاد لأنني لم أجد أي دليل على إلحادها في كل ماقرأته في هذه المذكرات) كل ما بدا هو رفض، رفض لقوانين صارمة تمنع الانسان من الحب ومن حرية الاختيار.
حتى أنها حين روت حيثيات وفاة زازا أوحت للقارىء وكأنها ماتت بسبب الحب، لتخبرنا لاحقًا بصدقها العفوي أنّ سبب وفاة زازا كان داء السحايا.