أكرم القصاص

وكلاء الحرب.. الإرهاب ومستقبل الحل السياسى فى الشرق الأوسط

السبت، 18 يناير 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يمكن توقع أن تكون الدول الكبرى جادة فيما يتعلق بمواجهة حاسمة للتنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة؟ السؤال يتردد مع توقعات بتغيير فى الدور الذى تلعبه هذه التنظيمات فى السياسة الإقليمية، وأن يتراجع دور تنظيمات الحروب الوكالة لصالح عمليات سياسية محكومة، فى ليبيا وسوريا والعراق، فقد انتهت سياسات التدخل الدولى إلى إنتاج تنظيمات وإرهاب وفقر، وآلاف اللاجئين يتدفقون على أوروبا، ربما هذا ما شجع دول أوروبا على التحرك لمواجهة داعش وغيرها، واكتشاف أن الإرهاب ليس خطرا يهدد دول الشرق الأوسط فقط، ولكنه يمتد إلى أوروبا مباشرة أو بطريق غير مباشر.
 
ولا يمكن تبرئة الدول الكبرى من المسؤولية عن نشأة داعش، فقد نشأ التنظيم كأحد نتائج الغزو الأمريكى للعراق، وبسلاح أرسلته الولايات المتحدة وأوروبا إلى الجيش السورى الحر، الذى اختفى ليفسح المجال لهذه التنظيمات، ظهر داعش فى العراق وسوريا، وفى ليبيا تدخل حلف شمال الأطلنطى لإسقاط النظام، وغادر تاركا ليبيا نهبا للعصابات المسلحة مع كميات ضخمة من السلاح. 
 
الدول الكبرى ساهمت فى قيام داعش والإرهاب، وراهنت بعض الأجهزة فى هذه الدول على دور يمكن أن تلعبه هذه التنظيمات فى عملية سياسية محسوبة، وقامت دول مثل تركيا وقطر بدور فاعل لتنفيذ هذه الفوضى المحسوبة، ولعبت إيران أيضا ضمن هذا السياق من خلال ميليشيات متعددة. 
 
من هنا لم تكن الحروب بالوكالة بعيدة عن حسابات دول وأجهزة متعددة، حتى لو كانت هذه الدول تراجعت بعد ذلك، لكنها كانت طرفا فى لعبة إنتاج وتشغيل وكلاء الإرهاب، ولهذا لم يقع أى نوع من الصدام بين تركيا وإيران مثلا فى سوريا، بالرغم من أن كل منهما فى جبهة مضادة للآخر، أردوغان يعادى سوريا ولكنه لا يعادى إيران، ونفس الأمر فيما يتعلق بدور قطر، فالدوحة ضد سوريا لكنها مع إيران، وطهران مع سوريا، لكنها لا تعادى قطر، وقاعدة العديد فى قطر منطلق طائرات اغتالت قاسم سليمانى فى العراق ومع هذا لم تتصادم قطر مع إيران.
 
هذه التشابكات كاشفة عن عملية إدارة الحروب بالوكالة، وهى الصيغة التى تحاول الدول الكبرى تغييرها اليوم، وربما لهذا يبدى البعض دهشته من التقاء دول مثل روسيا وتركيا، بالرغم من تصادم سابق، فيما يتعلق بالوضع فى سوريا.
 
اليوم هناك محاولة لتغيير معادلات الحرب بالوكالة، والدول التى شاركت فى دور بها تواجه تقاطعات أخرى، وربما لهذا تبدو الحلول السياسية متعارضة مع مصالح الدول الداعمة لحروب بالوكالة، فقد سعت هذه الدول إلى الحصول على نفوذ وربما تحقيق مصالح اقتصادية، لكن هذه المصالح اليوم تدخل فى منافسة مع دول أخرى، وربما صدام.
 
فى ألمانيا مؤتمر برلين يسعى لبحث حل سياسى فى ليبيا، وفى حال التوصل إلى حل نهائى، فإن وكلاء الحرب مثل تركيا وقطر يمكن أن يفقتدوا نقاطا اكتسبوها من فوضى الحروب، ومن هنا متوقع أن يسعى رجب أردوغان لعرقلة الحل السياسى، حرصا على مصالح حلفائه من التنظيمات المسلحة، من هنا فإن مصر تدفع دائما نحو الحل السياسى والاستقرار، وهو أمر لا يروق لوكلاء الحرب.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة