"مش مشكلة البرد والهوا والحر ولا حتى وجع صدرى، رغم أنى تعبان وبعانى من الذبحة الصدرية، لكن لو قعدت من غير ما اشتغل فى هوايتى اللى بحبها، ممكن أموت وساعات بدخل العناية المركزة لأنى قاعد من غير ما أنحت أو أشتغل، مش مهم أتعب المهم أعمل الحاجة اللى بحبها وهى دى حياتى باختصار".. بهذه الكلمات اختصر عم حامد مسيرة 50 عاما من العمل الفنى الإبداعى فى صمت وهدوء، بعيدا عن زخم المدينة، وبعد 6 عقود قضاها عم حامد سرور أكبر فنان بالفطرة فى محافظة الوادى الجديد والذى يبلغ من العمر 71 عاما قضى أغلبها فى أعمال النحت وأعمال الخوص والحجر الرملى دون أدنى دعم وبأبسط الأدوات المستخدمة فى النحت ومشغولات الخوص، والتى تعكس مدى موهبته الفطرية، فى تنفيذ القطع الفنية كالتماثيل فائقة الدقة، والتى يتم نحتها بالكامل من خشب الدوم.
ويعول عم حامد على الأجهزة التنفيذية بالمحافظة آمالا كبيرة فى دعمه وتوفير موقع مناسب له، لكى يمارس عمله فى النحت وإنتاج أشغال الخوص والخرز والكريستال، على الرغم من عدم قدرته على تسويق تلك المنتجات بصورة كبيرة لكونها متخصصة ولا تستهوى سوى من يعرف قيمتها الجمالية كعمل فنى منحوت يدويا ويستغرق وقتا طويلا فى إنتاجه، فيقوم بالعمل بالتوازى فى إنتاج أعماله الإبداعية وبجانبها أعمال الخوص والخزف والكريستال، والاستفادة من تدوير المخلفات فى إنتاج أعمال فنية لتسويقها وتوفير مصدر دخل له ولأسرته من عائدها.
ورصدت عدسة اليوم السابع، جانبا من حياة عم حامد سرور، حيث يعيش فى منزل مستأجر بمنطقة الخارجة القديمة برفقة أسرته ويستخدم مدخل المنزل المؤدية إلى سلم خارجى فى تنفيذ أعمال النحت على الأخشاب، حيث يقوم بتجهيز القطع الخشبية التى يرغب فى تنفيذ العمل الفنى عليها، والتى قام باختيارها من الطبيعة حيث تنتشر أشجار الدوم فى الخارجة فيقوم بالبحث عنها وإحضارها إلى ورش الخشب لتقطيعها إلى أجزاء متناسبة مع التصور الذى سيقوم بتنفيذه لإنتاج التماثيل التى يقوم بنحتها يدويا مستخدما عدد من الأدوات البسيطة كالأزميل والمبرد وعدة نجارة بدائية .
ويقول حامد سرور، إنه منذ أن كان طفلا وهو يهوى النحت والرسم والتشكيل الفنى بالفطرة ولم تتح له فرصة للتعلم والدراسة فى هذا التخصص، حيث عمل موظفا بقطاع الصحة حتى خروجه على المعاش ولكنه مع مرور السنوات كان يطور من أدائه بالتدريج فهو يعمل حبا فى هذا المجال، وليس بهدف الكسب وتحقيق الربح ولكن مع ازدياد الأعباء الحياتية، اضطر لتغيير مسار عمله نسبيا لإنتاج أعمال فنية يطلبها السوق المحلى، والتى لا يضيف عليها اللمسات الفنية الخاصة به حيث تنتشر المشغولات اليدوية بصورة كبيرة وتلقى رواجا فى المعارض على الرغم من عدم مشاركته فى تلك المعارض إلا مؤخرا بتشجيع من أبنائه وبدعم عدد من المختصين بعد أن شاهدوا أعماله الفنية
.
ويضيف سرور، أنه يتمنى أن يقوم بتنفيذ بانوراما كاملة للحياة الواحاتية القديمة يجسدها فى أعمال فنية متكاملة، تعتمد على النحت والتشكيل من أخشاب الدوم والنخيل وغيرها من الأشجار المنتشرة فى بيئة الوادى الجديد ولكنه فشل فى الحصول على مكان مخصص لتنفيذ أعماله فيه، فهو حتى الآن لم يتسنى له الاستقرار الاسرى بالحصول على مسكن يشتريه ويعيش حتى الآن فى منزل بالإيجار ويعتمد على معاشه ودعم أبناؤه له وهما حديثا التخرج أحدهما يعمل فى وظيفة بمصنع الخزف والثانى لديه ورشه للرسم على الزجاج فى مركز الداخلة مشيرا إلى أنه يرغب فى ايجاد مكان كورشة تصلح لتنفيذ أعماله الفنية بصورة متطورة وفقا لرؤيته التى يرغب فى تنفيذها فهو يأمل أن يقضى ما تبقى من حياته فى العمل فى هوايته التى أحبها منذ الصغر.
ويضيف سرور أنه يقوم بتنفيذ أعمال الخوص ببراعة لإنتاج المفروشات وخاصة برش العروس المزخرف والذى كان يمثل قيمة كبيرة فى جهاز العروس الواحاتية وانقرض مع تطور الزمن فقام بإعادة تنفيذه بأشكال فنية تعكس تراث الواحات القديمة بجانب تنفيذ أعمال كريستال والخزف والنحت والرسم بالرمال الملونة وغيرها من الفنون التى تتميز بها محافظة الوادى الجديد .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة