رئيس غاز الشرق فى حواره لـ«اليوم السابع»: مصر أفضل طريق اقتصادى لنقل الغاز إلى أوروبا..وخط «إيست ميد» ينقل 3% فقط من واردات الغاز الأوروبية..ويؤكد نمتلك الإمكانيات لمد خطوط أنابيب نقل الغاز إلى كل دول المنطقة

 

كيف تم إلغاء كل قضايا التحكيم المتعلقة بشركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز ومساهميها؟

 

كانت أربع قضايا تحكيم، منها قضيتان، تحكيم استثمارى، ضد الدولة، وقضيتان تحكيم تجارى بين كل من شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز من ناحية، والهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» من ناحية أخرى.

 

كما تم الاستحواذ بواسطة شركة هولندية تساهم فيها شركة غاز الشرق بنسبة 50%، على 39% من أسهم شركة غاز شرق البحر المتوسط تمثل حصص بعض المساهمين فى شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز المدعين فى قضايا التحكيم الاستثمارى وتسوية القضيتين، حيث تم التوقيع على التسوية فى سبتمبر 2019 وتم إخطار هيئات التحكيم فى كل من واشنطن ولاهاى. 

 

 

وبعد نقل الأسهم ودخولنا شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط كمساهمين، تمت الدعوة لجمعية عمومية أخذت قرار تسوية قضيتى التحكيم التجارى، وتم بالفعل التوقيع على التسوية فى ديسمبر 2019  ومن ثم أصبحت  الشركة فى وضع  يسمح لها بإعادة  تشغيل أصولها من خط أنابيب غاز بين العريش وعسقلان وتسهيلات لضغط الغاز.

 

 

مع هذه التسويات لقضايا التحكيم وإعادة الأصول للمساهمين وتشغيل الخط سيعود للبنك الأهلى المصرى الباقى من القرض، الذى كان قد أقرضه للشركة لتنفيذ الخط وتسهيلاته، وهو كان فى حكم الدين المعدوم، ولكن تمت جدولته على سنوات قادمة، وسيعود للبنك الأهلى حوالى 222 مليون دولار تمثل قيمة القرض وفوائده خلال فترة السداد، حيث إنه بذلك استطاعت مصر إنهاء الأربع قضايا تحكيم المرتبطة بالشركة ومساهميها دون سداد أى تعويضات من الدولة أو أى من المؤسسات التابعة لها مع إعادة 222 مليون دولار لبنك وطنى.

 

 

ماذا عن تشغيل خط أنابيب غاز العريش- عسقلان؟

 

تم تشغيل خط أنابيب غاز العريش- عسقلان، عكسيا، خلال يوم 15 من شهر يناير الجارى، حيث بدأ بضخ كميات 200 مليون قدم مكعب غاز يومياً تزيد بالتدرج لتصل إلى 650  مليون قدم مكعب غاز يومياً  بكميات إجمالية طوال مدة التعاقد 85 مليار متر مكعب غاز خلال 15 سنة. 

 

 

ماذا عن أسعار الغاز القادم من حقول شرق المتوسط؟

 

الأسعار مرتبطة بمعادلة سعرية ترتبط بسعر خام برنت، بالإضافة إلى رسوم النقل والتوريد والضخ، مع مراجعة سعرية على فترات زمنية طوال مدة العقد، والغاز سيتوفر لكل استخدامات واستهلاكات السوق سواء محلى أو تصدير خارجى، وكميات الغاز فى الشبكة القومية للغازات تدعم قدرة الشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» فى تشغيل محطتى إسالة الغاز بأدكو ودمياط.

 

 

ماذا لو استمر العقد القديم الخاص بتصدير الغاز عبر شركة شرق البحر الأبيض المتوسط؟

 

بإغلاق ملف التحكيم وإعادة تشغيل الخط تكون مصر قد حققت عدة مكاسب وأهداف، أهمها أنها تخلصت من التزامات  العقد القديم الخاص بتصدير الغاز عبر شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز، الذى كان استمراره حتى نهايته سيكبد الخزانة العامة للدولة خسارة ما يزيد  عن 60 مليار دولار هى قيمة الفرق بين سعر تصدير الغاز وسعر استيراد المازوت وقت إنهاء التعاقد. 

 

 

 ماذا سيحقق تشغيل الخط لتوريد غاز من حقول شرق البحر المتوسط؟

 

توفير مصادر توريد للطاقة من أماكن إنتاج مختلفة، يمثل أمناً للطاقة الذى يعد من اعتبارات الأمن القومى للدولة، فضلاً عن أنه يساعد البلاد فى خططها التنموية المستمرة والطموحة، حيث إن تشغيل الخط لتوريد غاز من حقول شرق البحر المتوسط يحقق أهمية إستراتيجية كبيرة استطاعت مصر تحقيقها، ونحن نرى تركيا وغيرها من الدول  تسعى للاستئثار بهذا الغاز، ولكن الحمد لله تمكنت مصر من الحصول على مصادره بعقود طويلة.

 

 

كيف سيدعم غاز حقول شرق المتوسط رؤية التحول لمركز إقليمى للطاقة؟

 

الغاز من مصادر إنتاجه المختلفة من شرق المتوسط يدعم رؤية  الدولة فى أن تصبح مصر مركزا لتداول وتسويق الطاقة، وعلى الأخص من  الغاز، وتوفير مصادر الطاقة يفتح الطريق للنمو الصناعى بشكل يتضمن الاستمرارية ولا يعتمد فقط على الإنتاج المحلى، حيث كان إنتاج الغاز على سبيل المثال يصل لـ6 مليارات قدم مكعب غاز خلال الفترة من 2008 - 2012 وانخفض إلى أقل من 4 مليارات قدم مكعب غاز يومى عام 2014/ 2015 واضطرت البلاد لاستيراد  الغاز المسال، فضلا عن استيرادها لمشتقات بترولية أكثر كلفة.

 

 

هل يجذب إنهاء قضايا التحكيم بالطرق الودية مزيدا من الاستثمارات لمصر؟

 

بإنهاء قضايا التحكيم بالطرق الودية ودون تحمل الدولة لأية أعباء يزيد من ثقة المستثمرين فى مناخ الاستثمار فى مصر ويشجعهم على المزيد من ضخ استثمارات، حيث إن الدولة قادرة على الوصول دائما وأبدا لحلول تقبلها الأطراف، ومن ثم فهى رسالة للمستثمرين فى كل أنحاء العالم لفتح المجال لمزيد من الاستثمارات فى مصر.

 

 

هل فكرة خط أنابيب «إيست ميد» جديدة؟

 

فكرة خط الأنابيب الذى أطلق عليه اسم «إيست ميد»، الذى أعلنت عنه إسرائيل وقبرص واليونان، خلال الفترة الماضية، بتوقيع اتفاق لمد خط أنابيب تحت البحر المتوسط، لتصدير الغاز إلى أوروبا، ليست جديدة، حيث إنه خلال عام 2015 كان هناك توقيعات لاتفاقيات مماثلة، وكانت الأفكار مختلفة هل يكون مسار الخط عبر تركيا أم اليونان وجنوب إيطاليا.

 

 

كم تبلغ تكلفة استثمارات إنشاء خط «إيست ميد»؟

 

هذا الخط تكلفته مرتفعة جدا تتراوح بين 7 و8 مليارات دولار وتستغرق عملية إنشائه، طبقاً لما أعلن من 6 - 7 سنوات، لاختلاف الأعماق فى قاع البحر الذى يصل فى بعض المناطق إلى 3000 متر مع تذبذبها على مسافات قصيرة، هذا فضلاً عن المشاكل  الجيوسياسية  التى تختلقها تركيا فى هذه المنطقة مما يعوق ليس فقط إنشاء الخط ولكن أيضاً عمليات تشغيله.

 

 

هل مصر تستطيع إنشاء خطوط أنابيب بحرية مع دول المنطقة؟

 

تستطيع  مصر أن ترتبط بخطوط أنابيب بحرية مع كل دول المنطقة، ليس فقط مع حقول الإنتاج الحالية بشرق المتوسط، ولكن مع كل دول شرق المتوسط، ومثال لذلك لبنان التى ستبدأ فيها قريباً شركتى توتال وإينى عمليات الحفر فى منطقتى امتياز، وفى حال وجود اكتشافات تجارية، وهو متوقع، تستطيع هذه الشركات مع الحكومة اللبنانية تنميتها فى وقت قصير باستغلال البنية التحتية فى مصر، وذلك عن طريق نقل الغاز بواسطة خط الغاز العربى الممتد عبر سوريا والأردن إلى مصر من خلال خط العقبة العريش، ومن ثم يدخل داخل الشبكة المصرية مترامية الأطراف، ويمكن أن يصل لمحطات إدكو ودمياط لإسالته وإعادة تصديره. 

 

 

ما هو الهدف من إنشاء خط «إيست ميد»؟

 

الحديث عن هذا الخط أخذ أكثر من حجمه، حيث إن الإعلان فى الاتفاقية الموقعة بين إسرائيل وقبرص واليونان هى لتصدير 10 مليارات متر مكعب غاز فى السنة، وأوروبا تستهلك حوالى 550 مليار متر مكعب فى السنة، وأوروبا تستطيع توفير250 مليار متر مكعب سنويا من الدول المنتجة  للغاز بداخلها، وبذلك يتبقى لها الحصول على حوالى 300 مليار قدم مكعب غاز سنويا، ومن هنا فإن ما ينقله الخط «إيست ميد» يمثل 3% من احتياجات أوروبا حالياً، وبالتالى فلن يكون خط «إيست ميد» عاملاً مؤثراً فى أوروبا لاستيراد الغاز، «الهدف من توقيع اتفاق المبادئ لتنفيذ هذا الخط هدف سياسى أكثر منه اقتصادى لكى يقال إن أوروبا تعتمد على تلبية جزء من احتياجاتها من خارج روسيا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم أوروبا فى تنفيذ مثل تلك المشروعات». 

 

كيف تحصل أوروبا على احتياجاتها من الغاز عبر خطوط الأنابيب؟

 

أوروبا تغطى 40 – 45% من احتياجاتها عبر شبكة الغاز الممتدة فى القارة الأوروبية ومن إنتاج دول أوروبية مثل النرويج وهولندا والمملكة المتحدة، وتغطى خطوط الغاز الممتدة من روسيا سواء لألمانيا أو تركيا وتصل عبر الشبكة للعديد من دول شمال وجنوب أوروبا، بالإضافة إلى خطوط ذات سعات منخفضة تصل الجزائر بإيطاليا وإسبانيا، ليبيا بإيطاليا، إيران بتركيا، أذربيجان بتركيا، خلال الأسبوع الماضى تم تشغيل خطى أنابيب السيل التركى الذى يربط أحدهما روسيا وتركيا، و يعبر الآخر تركيا لبلغاريا و جنوب أوروبا و يجرى حالياً إنشاء خط آخر يربط روسيا بألمانيا، وأن إنشاء خطوط أنابيب نقل الغاز عملية ديناميكية لن تتوقف بين الدول المنتجة والأسواق. 

 

ما هو أفضل طريق أو مسار اقتصادى لغاز شرق المتوسط؟

 

فكرة خط «إيست ميد» فكرة قديمة، فإذا كانت اكتشافات الغاز فى إسرائيل وقبرص قد تمت خلال عام  2010  فلماذا لم يتم إنشاء خط الأنابيب وتنمية هذه الاكتشافات فى هذا التوقيت، وأن أفضل طريق أو مسار اقتصادى لغاز شرق المتوسط والشركات المنتجة فيه هو المسار  عبر مصر، حيث تمتلك مصر من البنية التحتية، سواء فى خطوط أنابيب نقل الغاز من خارجها إلى داخلها  مثل خط «العريش – العقبة» ومنه إلى كل من سوريا ولبنان وخط «العريش – عسقلان»، بالإضافة إلى شبكة داخلية ممتدة من شمال البلاد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وكذلك محطات إسالة الغاز بكل من إدكو ودمياط،  فضلا عن إمكانية التوسع فى السعة لخطوط الأنابيب الخارجية أو الشبكات الداخلية أو فى محطات إسالة غاز إضافية، إذا ما دعت إلى ذلك الضرورة والمؤشرات الاقتصادية والمصلحة المصرية مع تحقيق مصلحة لمنتجى الغاز فى شرق البحر المتوسط.

 

ما مدى تأثير ما تثيره تركيا فى شرق البحر المتوسط على مصر؟

 

بالتأكيد مصر فى أمان كامل، حيث إن مصر دولة عريقة وكبيرة تحترم المواثيق والاتفاقيات الدولية التى وقعتها، وتعرف إحداثيات ونهاية حدود مياهها الإقليمية والاقتصادية فى البحر الأبيض المتوسط التى لا تستطيع دولة، أياً ما كانت، أن تنازعها فيها، وأن كل حقول الغاز لا يوجد ثمة نزاع فيها أو عليها وحتى تركيا لم ولن تستطيع الحديث أو المناورة حولها، أما عن نزاعات تركيا مع قبرص واليونان وما يحدث من ترسيمها للحدود مع ليبيا فهى تصرفات لا تدعمها أى حقوق دولية، ولكن هى فقط أطماع ورغبة فى لعب دور إستراتيجى يدعم مواقف سياسية مستقبلية. 

 

ماذا عن هيكل المساهمين الجديد لشركة غاز شرق البحر المتوسط؟

 

هيكل المساهمين فى الشركة حاليا هو 39% لشركة EMED التى تساهم فيها شركة غاز الشرق المصرية بنسبة 50% وشركة PTT التايلندية بنسبة 25% وشركة MGPC بنسبة 17% والهيئة المصرية العامة للبترول بنسبة 10% وشركة غاز الشرق بنسبة 9% أى أصبحت الشركات المصرية تساهم بطريق مباشر وغير مباشر بنسبة 38.5% بعد أن كانت 10% فقط.

 

إلى أين يسير اتجاه الطاقة فى العالم حاليا؟

 

يسير اتجاه الطاقة فى العالم إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث مثلت الطاقة الجديدة والمتجددة نسبة 10% عام 2018 متضاعفة 5 مرات عن 10 سنوات سابقة، فنجد بلداً مثل النرويج رغم أنها  أكبر بلد أوروبى فى احتياطى وإنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعى، فإن نسبة السيارات التى تعمل بالكهرباء بها بلغت 42% ومن المخطط أن تصل 100% عام 2025 فضلاً عن أن  كل  دول العالم المتقدمة  تعمل فى اتجاهين رفع الكفاءة من ناحية، وتعظيم استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة من شمس ورياح  وطاقة هيدروليكية وطاقة حرارة باطن الأرض و«البيوماس».

 

هل من الممكن أن تلعب مصر دورا إستراتيجيا فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة؟

 

مصر إحدى الدول الغنية جداً بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة  خاصة الشمس، ويمكن لها أن تلعب دوراً  ليس فقط  اقتصاديا، ولكنه إستراتيجى وسياسى بتشجيع الاستثمار فى الطاقة الشمسية وتصدير هذه الطاقة بعد تعظيم مساهمتها فى الاحتياجات المحلية إلى أوروبا عبر نقلها بكابلات ذات تيار مستمر ضغط عالى إلى أوروبا فى قاع البحر المتوسط، مما يدعم  خطط العالم  فى خفض  معدلات الانبعاثات  الكربونية التى باتت مؤثراً سلبيا كبيرا على الأحوال المناخية فى العالم، موضحاً أن مصر تمتلك أيضاً بنية تحتية عظيمة فى الكهرباء،  حيث وصلت إلى ما يقرب من 100% من وحدات مصر السكنية سواء فى المدن أو القرى، كما أنها بموقعها الجغرافى المتميز وبشبكتها الكهربائية الممتدة بطول البلاد وعرضها ترتبط أيضاً ببعض دول الشرق الأوسط بخطوط ربط، حيث ترتبط مع ليبيا ومع الأردن  وجار الربط مع السعودية، ومن المخطط أن ترتبط كل دول الخليج مع بعضها، وكذلك الأردن بسوريا ولبنان، وستكتمل خطوط الربط من ليبيا وتونس و الجزائر والمغرب بأوروبا فى المستقبل، مما يعنى أن تصدير وتبادل الطاقة سيعزز من وضع مصر الاقتصادى والسياسى والاستراتيجى فى المستقبل.