تحتفل وزارة الداخلية خلال أيام بعيد الشرطة رقم 68، الذي يعيد للأذهان ملحمة أبطال الشرطة في التصدي للمحتل الإنجليزي، الأمر الذي دفع الجنرال الإنجليزي إكسهامى بمنح التحية العسكرية لجثث الأبطال المصريين لدى خروجهم من مبنى محافظة الإسماعيلية تقديراً لجهودهم.
وحرصت وزارة الداخلية تزامناً مع إحتفالاتها بعيدها رقم 68، على إطلاق ثورة من التطوير في كافة المواقع الشرطية الخدمية التي تحتك بالمواطن، وأبرزها المرور، الذي شهد عملية تطوير كبيرة، لا سيما وحدات تراخيص المرور، حيث طورت المرور وحداتها وحدثت من أساليبها في إطار منظومة العمل الذكية، حيث يتم اللجوء للتشغيل الإلكترونى لطوابير المواطنين داخل الوحدات للعمل على سرعة استخراج الأوراق والتخفيف عن السائقين مع وجود مظلات ومنافذ لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة.
"مرور بلا أوراق "، شعار رفعته المرور من خلال اللجوء للميكنة داخل وحدات المرور على مستوى الجمهورية كخطوة أولى نحو التحول لمرور بلا أوراق وتفعيل منظومة الشباك الواحد.
ولملاحقة السيارات المسروقة، ورصد أماكن الزحام، كان "الملصق اﻹلكترونى" وتعميمه على تراخيص السيارات، بهدف تطوير وإدخال الأساليب الحديثة، فى كافة القطاعات الخدمية، بعد إصدار قرار بتركيب الملصق الإلكترونى لكافة السيارات، والذى يهدف إلى التوصل للمركبات المسروقة، أو المطلوبة أمنيا، ما سيفيد فى ضبط قضايا الإرهاب وسرعة التوصل إلى الجناة، وتخفيف أماكن الزحام.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما تم إطلاق موقع بوابة مرور مصر لتراخيص السيارات وتجديدها ودفع المخالفات التى يرتكبها السائق، ويشمل الموقع تجديد كافة الرخص سواء السيارات أو الدراجات البخارية أقل من 2030 سى سى، كما يتم استخراج بدل الفاقد للرخص وشهادات البيانات.
خلية عمل تعمل في الإدارة العامة للمرور للإرتقاء بالإداء والخدمات المقدمة للمواطنين، حيث يتم العمل على تكوين قاعدة بيانات للمواطنين وتسجيل أرقام تليفوناتهم وإيميلاتهم لإرسال المخالفات التى ترتكبها السيارات على الهاتف المحمول الخاص بالمواطن وتحتوى الرسالة على نوع المخالفة التى حدثت من السيارة والمكان والساعة التى تمت فيها المخالفة وقيمة الغرامة المستحقة عن تلك المخالفة والحد الأدنى لها.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما استحداث "سيارات المرور المتنقلة" لإجراء عمليات التراخيص والفحص للسيارات فى الشوارع وبالقرب من منازل المواطنين حتى لا يتكبدون أى عناء.
الخدمات والتسهيلات المقدمة للمواطنين، كان لكبار السن وذوي الإعاقة نصيباً كبيراً منها، حيث يتم توصيل رخص المرور "ديليفرى" للمنزل، خاصة لكبار السن وذوي الإعاقة غير القادرين على التوجه لوحدات التراخيص، فضلاً عن الإعلان عن استخراج رخص مجانية لبعض المواطنين في المناسبات.
وتبدأ قصة معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 حيث قام القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" باستدعاء ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وكانت هذه الحادثة اهم الأسباب فى اندلاع العصيان لدى قوات الشرطة أو التى كان يطلق عليها بلوكات النظام وقتها وهو ما جعل اكسهام وقواته يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حى العرب وحى الإفرنج ووضع سلك شائك بين المنطقتين بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقى مكان إقامة الأجانب.
هذه الأسباب ليست فقط ما أدت لاندلاع المعركة بل كانت هناك أسباب أخرى بعد إلغاء معاهدة 36 فى 8 أكتوبر 1951 غضبت بريطانيا غضبا شديدا واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزى على المدن المصرية ومنها مدن القناة والتى كانت مركزا رئيسيا لمعسكرات الإنجليز وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.
وفى 16 أكتوبر 1951 بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق النافى وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للانجليز كان مقره بميدان عرابى وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء علية تماما لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الخناق عليهم فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الانجليز فكانت أحداث 25 يناير 1952.
وبدأت المجزره الوحشية الساعة السابعة صباحا وانطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات (السنتوريون) الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقه أو رحمة وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات: لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة. واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لى إنفيلد) ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة 56 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلا و12 جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير 1952.
ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا. وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزى ماثلة فى الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصرى وتحتفى بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة