د.سمية أبو فاطمة تكتب: قانون تشريعى ينظم شركة المحاماة المدنية

الأربعاء، 22 يناير 2020 10:37 ص
د.سمية أبو فاطمة تكتب: قانون تشريعى ينظم شركة المحاماة المدنية نقابة المحامين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أخذت مصر على عاتقها خلال السنوات الماضية مسؤولية الانخراط فى المنظومة العالمية وما تفرضه هذه المنظومة من تغييرات جوهرية عاجلة ومستمرة لكل القطاعات التنموية ولكل الهياكل الإدارية والقانونية داخل الدولة، حيث أصبح من الصعب بل من المستحيل العيش فى عزلة اقتصادية فى ظل انفتاح كامل وغير مشروط للدول اتجاه بعضها البعض، ولعل انضمام مصر لكل المواثيق الدولية والتوقيع على الاتفاقيات الجماعية والعضوية فى المنظمات العالمية خير دليل على التزام الدولة بكل مكوناتها بالدخول فى منظومة التطوير العالمى مع الاحتفاظ بالاستقلالية والسيادة كحق أصيل.

ومن ضمن الاتفاقيات الجماعية التى انضمت إليها مصر كدولة محورية فى الشرق الاوسط والعالم العربى هى الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات (GATS) والتى وقعت فى مدينة مراكش بالمملكة المغربية بتاريخ 15 ابريل 1994 والتى تنص على حرية تداول الخدمات بدون أدنى قيد أو شرط بين الدول الموقعة عليها.

ومن ضمن الخدمات والتى شملتها حرية التداول هى المهن الحرة وعلى رأسها مهنة المحاماة، وهذا يعنى وبكل بساطة أن المحامى المصرى سواء أكان مكتب أو شركة مدنية للمحاماة يستطيع ممارسة المهنة داخل الدول الموقعة على اتفاقية الجاتس بدون قيد أو شرط والعكس صحيح، حيث يستطيع المحامون الاجانب سواء افراد أو شركات الدخول الى الأراضى المصرية وممارسة المهنة وعرض خدماتهم على العملاء فى كل المجالات سواء المدنية أو الجنائية أو التجارية أو الضريبية وغيرها من المجالات التى تشملها المنازعات بين الافراد وغيرهم من الاشخاص الطبيعية والمعنوية، وهنا وبكل تأكيد وجزم سوف تكون الغلبة للأكثر كفاءة والأكثر تنظيم وتكون جودة الخدمة هى الفيصل فى اختيار العميل بين المحامى الاجنبى والمحامى المصرى خصوصا مع تلاشى العقلية الفردية والتى كانت تؤمن بالعلاقة الحميمية بين المحامى والعميل، لهذا أصبح لزاماً إعادة ترتيب البيت القانونى المصرى وسد أى فراغ تشريعى تعانى منه مهنة المحاماة لتكون قوية امام دخول المنافسين الأجانب الممارسين لنفس المهنة داخل التراب المصري.

الفراغ التشريعى الواضح والجلى فى ما يخص هيكلة مهنة المحاماة هو ترك شركة المحاماة المدنية دون افراد قانون خاص ينظمها والاكتفاء بخضوع هذه الشركات لمقتضيات القانون المدني، لكن وللأسف هذه المقتضيات لا تكفى وتتعارض فى كثير من الآحيان مع الطابع المهنى لهذه الشركات التى لا تسعى لتحقيق الربح.

بعد طول انتظار وترقب ورغم الكتابات المتعددة للمتخصصين والقانونيين ورغم صدور قوانين مقارنة تصدت بالتنظيم لشركة المحاماة المدنية مثل القانون الفرنسى بموجب مرسوم 680-92 لسنة 1992 والقانون المغربى رقم 2908 فى 20 اكتوبر 2008 لم يصدر عن المشرع المصرى قانون تنظيمي، كل ما هنالك هو طرح النقابة لمشروع تسجيل شركة المحاماة المدنية فى سجل النقابة وتلاها قرار لوزير العدل المصرى رقم 4920 لسنة 2018 بإنشاء سجل خاص بمقر النقابة العامة للمحامين بالقاهرة يخصص لتسجيل شركات المحامين المدنية ويراعى فى تأسيسها عدم الإخلال بالأحكام المقررة بشأن الشركات المدنية وأن يكون على غرار نموذج النظام الأساسى لتلك الشركات المعد بمعرفة النقابة العامة.

عند وضع القانون المنظم لشركة المحاماة المدنية من طرف المشرع المصرى - والمرجو أن يكون قريباً - لابد من الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الشركة فى كل مراحلها بدءاً من التكوين ومروراً بالإدارة ووصولاً الى الانقضاء ثم المسؤولية حتى يستجيب هذا القانون لخصوصية شركة المحاماة المدنية.

وبخصوص المسؤولية على وجه التخصيص لشركة المحاماة المدنية أمام العميل فهى مسؤولية مشددة وليست مخففة كما يعتقد الكثيرون فبانضمام المحامى للشركة تصبح مسؤوليته تضامنية ويسأل أياً كانت صفته عضواً فى الشركة أو مديراً بالإضافة إلى مساءلة الشركة نفسها وتضامنها مع الشركاء المخطئين عند اصدار قراراتهم المهنية وبالتالى لا مجال للحديث عن هروب الشريك من المسؤولية إن هو انضم الى شركة المحاماة المدنية بل على العكس المهنة تقوى إذا تمت ممارستها فى اطار شركة حيث الرقابة مستمرة على تطبيق القوانين وحيث المسؤولية محكمة ومنضبطة.

وبعد صدور القانون المنظم لشركة المحاماة المدنية يتعين إخضاع الشركات الفعلية لهذا القانون وتصحيح أوضاعها حتى نتفادى العشوائية فى التنظيم وحتى لا تستفيد شركات دون أخرى من امتيازات تؤدى إلى ازدواجية فى الثواب والعقاب.

إن صدور القانون المنظم لشركة المحاماة المدنية يؤدى إلى بناء شركات قوية قادرة على المنافسة ويجعل من الشركات المصرية منافساً قوياً ونداً متميزاً بين كل الشركات العالمية.

 

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة