أثارت واقعة مقتل الرجل المسن "نبيل"، على يد فتاة عشرينية بالجيزة، العديد من التساؤلات حول العقوبة التي من المفترض أن تلقاها تلك الفتاة، وذلك بعد أن حاولت الفتاة إقناع الطاعن في السن "نبيل"، بحذف الصورة الخاصة بهما من هاتفه المحمول، والتي تتضمن بعض الإيحاءات الجنسية والقبلات، إلا أنه رفض الأمر، ما اضطرها إلى قتله، بعد أن أعدت العدة وذهبت إلى منزله بسكين، فأردته قتيلا.
والتساؤلات التي دارت حول الواقعة تمثلت فيما يلي: "هل هناك سبق إصرار أو ترصد في تلك الواقعة، أم أن هناك ظرف مخفف للفتاة من الممكن أن تحصل عليه؟"، فى الوقت الذى يرى فيه البعض أن الفتاة عقدت النية على إزهاق روح المسن "نبيل"، بقصد التخلص منه واستخدمت في ذلك أداة قاتله بطبعها "سكين"، ما تكون معه قد ارتكبت جريمة "قتل عمد".
وفى هذا الشأن يقول سامى البوادي الخبير القانوني والمحامي، أن جريمة القتل العمد من الناحية القانونية هو أن يقصد الجاني قتل شخص بما يقتل غالباً، ومن هذا التعريف لحقيقة القتل العمد يتبيّن أنه لا يسمى قتل عمد، إلا إذا تحقق فيه أمران:
1-قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمداً.
2-أن تكون الوسيلة في القتل مما يقتل غالباً، فلو أنه ضربه بعصاً صغيرة، أو بحصاة صغيرة في غير مقتل، فمات من ذلك الضرب، فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل في الغالب.
وفى القانون الجنائي – وفقا لـ"البوادى" - تختلف ظروف ارتكاب القتل العمد من حالة إلى أخرى فقد يرتكب في صورته العادية وقد يقترن بظرف من ظروف التشديد أو بعذر من الأعذار المخفقة، ومتى كان نشاط الجاني كاف عادة لأحداث الموت فإنه يعتبر قرينة على وجود نية القتل ما لم يثبت المتهم العكس أما إذا كانت وسيلة الاعتداء على الضحية غير كافية عادة لأحداث الوفاة وترتب عنها مع ذلك الموت فإن على النيابة العامة لإثبات وجود نية القتل لدى الجاني.
الفتاة لا يتوفر معها حالة الاصرار.. لماذا؟
وفي حالة الفتاة العشرينية التي قتلت المسن "نبيل" – يقول "البوادى" - لا يتوافر حالة سبق الاصرار في واقعة القتل إذا يستلزم توافر سبق الاصرار أن تكون نفس الجاني هادئة مستقرة لا يعتريها اي شطط أو خوف أو تهديد يجعلها غير كاملة التوازن والرؤية ويقودها، لأن تتصرف من أجل التخلص مما يثير خوفها ويؤججها، وسبق الاصرار إنما هو حالة ذهنية تثور لدى الجاني فهو أمر داخلي غير محسوس لا يمكن التنبأ به ومن ثم فإن القضاء يستند إلى توافر سبق الإصرار لدى الجاني عن طريق الاستناد إلى الأدلة المادية المحسوسة الظاهرة من وقائع وظروف وملابسات الجريمة ومتى توافرت تلك الظروف المادية واستند إليها القاضي للتدليل على توافر سبق الأصرار فإنه يجب عليه أن يبن تلك الظروف فى حكمه.
ارتباط الجريمة بجنحة سرقة
لكن من واقع السرد والتفاصيل المروية نجد أن المتهمة قد قامت بسرقة الهاتف الذي يمثل التهديد والهدف الرئيسي لها للتخلص منه، فارتبط القتل بجنحة سرقة الهاتف المملوك للمجني عليه في جناية القتل ويقصد بارتباط القتل بجناية أو جنحة: هو أن يرتكب الجاني جريمة القتل العمدي من أجل تسهيل مهمته في ارتكاب جريمة تعد من الجنايات أو من الجنح أو مساعدة مرتكبي تلك الجريمة، كمن يقتل حارس العقار عمداً من أجل تسهيل عملية سرقة العقار أو كمن يقتل المجني عليه بعد سرقته من أجل الفرار بالمسروقات.
علة التشديد
وترجع علة التشديد فى عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية في شخصية الجاني حيث بلغ به الاستهتار بحياة المجني عليه، وأقدم على القتل من أجل تسهيل ارتكابه جريمة أخرى ذي قيمة اقل بكثير من حق المجني علية فى الحياة.
شروط التشديد:
أ- أن يرتكب الجاني جريمة القتل العمدي.
ب- ارتباط جريمة القتل العمدي بجريمة تعد جناية أو جنحة.
ت- توافر رابطة السببية بين الجريمتين.
الشرط الأول: أن يرتكب الجانى جريمة القتل العمدى.
يشترط أن يرتكب الجانى جريمة قتل عمدى متوفر فيها كافة أركان الجريمة وشروطها وبالتالى، لا نكون بصد جريمة قتل عمدى إذا ما وقفت الجريمة عند حد الشروع أو أن الجانى مرتكب الجريمة كان يستفيد من سبب من اسباب الأباحة كالدفاع الشرعى مثلاً أو يستفيد من مانع من موانع المسئولية كصغر السن أو الجنون أو عاهة العقل أو كان يستفيد من عذر مخفف كقتل الزوجة دفاعا عن الشرف.
الشرط الثانى:- ارتباط جريمة القتل العمدى بجريمة تعد جناية أو جنحة.
حيث يشترط حتى نكون بصدد ارتباط جريمة القتل العمدى بجريمة تعد جناية أو جنحة أن تكون الجريمة المرتبطة بالقتل العمدى جريمة تعد جناية أو جنحة، وبالتالى لا نكون بصدد ارتباط إذا ما كانت الجريمة الثانية من المخالفات كذلك يشترط فى تلك الجريمة المرتبطة أن يكون معاقب عليها، وبالتالي فلا نكون بصدد ارتباط إذا ما كان المشرع لم ينص على عقاب بالنسبة لتلك الجريمة أو كانت تلك الجريمة غير معاقب عليها لوجود سبب من اسباب الأباحة أو من مانع من موانع المسئولية كذلك يشترط أن تكون تلك الجريمة مستقلة عن الجريمة الاولى وتقوم مسئولية الجاني ويعاقب بالعقوبة المشددة سواء وقعت الجريمة الثانية في صورة تامة أو وقفت عند مجرد الشروع بغض النظر عن نوع تلك الجريمة جناية أو جنحة قتل عمدى او خطاء سرقة مشددة أو مخففة مثال ذلك كمن يتسبب خطاء في قتل شخص ثم يقتل ظابط الشرطة عمدا من أجل افرار من عقوبة القتل الخطاء.
الشرط الثالث: - توافر رابطة السببية بين الجريمتين:
ويقصد برابطة السببية هنا هو الباعث او الهدف الذى من آجلة قام الجاني بارتكاب جريمة القتل العمدى ثم اتبعها بجريمة اخرى جناية او جنحة ورابطة السببية هنا تأتى فى صورتين هما:-
1-الصورة الأولى: - أن يكون الهدف أو الباعث على ارتكاب جريمة القتل العمدي هو تسهيل ارتكاب الجريمة الثانية أو المساعدة على ارتكابها كمن يقتل حارس العقار عمداً من اجل تسهيل عملية سرقة العقار او كمن يقتل المجني عليه بعد سرقته من اجل الفرار بالمسروقات.
2-الصورة الثانية: - أن يكون الهدف أو الباعث على ارتكاب جريمة القتل هو التخلص من المسئولية الجنائية الناشئة عن الجريمة الأخرى كمن يقتل ظابط الشرطة بعد سرقة المجوهرات من أجل الفرار بالمسروقات او كمن يقتل شاهد الاثبات فى جريمة القتل من اجل التخلص من شهادته ضده.
فمتى توافرت رابطة السببية بهذا الشكل نكون بصدد ارتباط جريمة القتل العمدي بجريمة تعد جناية او جنحة بغض النظر عن الفترة الزمنية التي تفصل بين الجريمتين.
المحامى سامى البوادى
وتقدير توافر رابطة السببية أمر موضوعي متروك للقاضي تحقيقه ومتى توافرت رابطة السببية فإنه يجب عليه أن يبين تلك الظروف في حكمة وإلا كان حكمة معيباً يستوجب البطلان وتطبيقاً عليه يكون ما قضت به المحكمة في حكمها صحيحاً حينما قضت بإدانة المتهمين وتوقيع عقوبة القتل المشدد نظراً لما أستخلصته من أقوال المتهمين واعترافهم وشهادة شاهدي الأثبات بأن قتل المجني عليها قد تم بهدف سرقة الحلى الخاصة بها وتسهيل عملية الفرار بالمسروقات
عقوبة القتل المرتبط بجناية أو جنحة: - هي الإعدام أو السجن المشدد.
وللمحكمة كامل السلطة في الأخذ بأي اعذار مخففه أو ظروف تراها أن لها أثر علي اتيان الجريمة بما لها من سلطة تقديرية موضوعيه في استخلاص وتطبيق ذلك متي كانت الوقائع تؤدي اليه وتبرزه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة