لقطات استثنائية وثقتها الكاميرات، ورحلة طويلة تكشف كواليس وأسرار حياة الرئيس الذى طالما تؤثر قراراته ليس على أبناء شعبه وإنما يمتد صداها لدول خلف المحيطات.. فيوميات رئيس الولايات المتحدة على مدار التاريخ تستحق أن توثق، وحكايات من يلتقطون الصور، تحمل ما يكفي لأن تتم روايتها.
وفى تقرير لها، سلطت شبكة سى إن إن الأمريكية الضوء على "مصور الرئيس" فى البيت الأبيض، مسلطة الضوء ، مشيرة إلى أنه دون هذا المنصب ما لم يكن سهلا أن تطالع الأجيال الحالية جون كينيدى يلعب مع أولاده فى الجناح الغربى من البيت الأبيض، وربما تتذكر أن ريتشارد نيكسون هو القائد المبتسم ولكنه القاسي الذى كان يصافح إلفيس بريسلى فى المكتب البيضاوى.. أو لم يكن متاحاً توثيق حياة أول رئيس أمريكى من أصل أفريقى، باراك أوباما.
وأشارت شبكة سى إن إن، إلى أن المصورون الرسميون للبيت الأبيض هم صناع الصور الذين يكتبون بهدوء المحفوظات المرئية لقادة القوات الأمريكية ويصنعون هذه الانطباعات التى تبقى فى ذاكرة العالم.
كنيدى فى ساحة البيت الأبيض
ولم يكن دور مصور البيت الأبيض معترف به رسميا قبل رئاسة كينيدى فى عام 1961 ولكن قام العديد من المصورين العسكريين بالتقاط صور خلال أحداث مثل حفلات العشاء والزيارات الخارجية، وكتب الصحفى كينيث ت. والش في كتابه لعام 2017 "المطلعون النهائيون: مصورو البيت الأبيض وكيف يصورون التاريخ" أن الرئيس كينيدى فهم أهمية الصورة حيث اختار سيسيل ستوتون مصور فيلق إشارات الجيش الأمريكى وقتها ليصبح مصور البيت الابيض لتوثيق فترة رئاسته.
أسس ستوتون نظرة مختلفة طبيعية للرئيس الأمريكى من خلال وصوله إلى كينيدى، حيث عرض على الجمهور أول رأى شخصى لحياة الرئيس الحالى. لكنه أبلغ كينيدى الذى بدوره حد من الظروف التي يمكن فيها تصويره وتحكم في الصور التي تنشر على الملأ وأشار والش إلى أن "الزوجين كينيدي فرضا قيودًا على حماية صورتهم كزوجين أنيقين ".
وساهم فريق عمل ستوتون في توثيق أساطير "Camelot" التي بنيت في جزء كبير منها من قبل السيدة الأولى جاكلين كينيدي واحدة من أهم الأحداث التي تم الاستيلاء عليها من قبل ستوتون وقعت بعد ساعات فقط من اغتيال كينيدي في 22 نوفمبر 1963، عندما أدى نائب الرئيس ليندون جونسون اليمين الدستورية على Air Force One بعد مغادرته المستشفى حيث أعلن وفاة كينيدى.
جونسون يؤدى اليمين على متن الطائرة
وقام جونسون بعد توليه منصبه بتغيير مسار تصوير البيت الأبيض عن طريق السماح بوصول من يعينه وفى هذه الحالة كان يويتشي أوكاموتو الذي عمل جونسون معه كنائب للرئيس حيث التقط صور لجونسون وهو يلهو بسعادة مع كلبه وفي اجتماعات تاريخية مع قادة الحقوق المدنية وعندما كان يتعافى من عملية جراحية في السرير.
تأثير هذه الصور هو تأثير الذبابة على الحائط، وهي عين عامة توضع في الغرفة مع أحد أقوى الرجال على وجه الأرض.
وقال بيت سوزا كبير مصوري البيت الابيض لدى باراك اوباما "كنت دائما اتطلع الى يويتشي اوكاموتو.. كمستوى الوصول الذي أردت الوصول اليه." وثق سوزا صعود أوباما من سناتور جديد في عام 2005 إلى الرئاسة في عام 2009 ويصف أوباما بأنه "شخص يفهم قيمة السجل التاريخي المرئي لإدارته" حيث تم منحه التصريح الأمني الأعلى الذي سمح له بالوصول إلى القائد الأعلى طوال فترة ولايته.
وقال سوزا: "لقد رأيت دوري كمن يحاول إنشاء أرشيف للصور الفوتوغرافية للتاريخ، وكان هذا هو الشيء الأول في ذهني كل شيء آخر لم يكن مهمًا بالنسبة لي. المهم هو أنني كنت أقوم بخدمة للمستقبل أن يكون لدي هذا الأرشيف الذي سيعيش إلى الأبد."
جونسون يداعب كلبه
ووفقا للتقرير يحتوي الأرشيف الوطني على ما يقرب من مليوني صورة التقطها سوزا خلال سنوات أوباما، إلى جانب أعمال مصوري البيت الأبيض الرسميين السابقين - على الرغم من أن المكتبة الرئاسية لكل زعيم لها دور في إدارتها، وليس كل الصور متاحة للجمهور الا ان إدارة أوباما أول من استخدم موقع الويب الخاص به ومنصات الوسائط الاجتماعية، مثل Flickr وInstagram، التي تنشر الصور.
لكن مناخ نشر الصور قد تغير إلى حد كبير على مر العقود حيث خدم سوزا لأول مرة كمصور في البيت الأبيض خلال فترة رئاسة ريجان من عام 1983 إلى عام 1989، عندما كان نشر الصور أكثر حذراً. "كان هذا في يوم لم يكن فيه شيء مثل الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا كانت الصورة ستُنشر، فعلموا أنه من المحتمل أن تستخدمها ABC وCBS وNBC، وكانوا حذرين للغاية وقال سوزا حول ما تم إطلاقه لأن هذه الشبكات الثلاث كانت لديها مثل هذه القوة، اضاف "أعتقد أنهم كانوا أكثر قليلاً في السيطرة على الصورة."
في ظل إدارة أوباما كان الوضع مختلفا حيث قال سوزا إنه في النهاية كان لديه الخيار النهائي للصور التي تنشر طالما أنها لا تحتوي على مواد حساسة لكن إدارة أوباما حدت من وصول المصورين الصحفيين إلى بعض الأحداث، وبدلاً من ذلك أصدروا صور سوزا، والتي تشبهها جمعية مصوري أخبار البيت الأبيض بتسليم "بيان صحفي مرئى".
أجاب نائب المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست في نوفمبر 2013 وقتها جزئياً: "لقد استفدنا من التكنولوجيا الجديدة لمنح الجمهور الأمريكي وصولاً أكبر إلى صور الرئيس خلف الكواليس".
وقال ديفيد هيوم كينيرلى، المصور الرسمي لجيرالد فورد ، لصحيفة نيويورك تايمز: "الجميع يحاول أن يتعامل مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، لا أعرف ما هو التوازن الصحيح ، لكننى أفهم موقف (سوزا) من حيث السجل التاريخي حيث ان للصور الملتقطة داخليًا وخارجيًا دورًا في فهم الرئاسة ، كما أصبح واضحًا مرة أخرى أثناء إدارة ترامب الحالية".
شيلا كرايجيد ، التي تشغل حاليا منصب كبير مصورى البيت الأبيض الرسمي، تعاملت مع الدور بشكل مختلف تماما عن من سبقوها حيث عملت سابقًا كمصورة شخصية للورا بوش ، بالإضافة إلى عملها مع سارة بالين وماركو روبيو ، وتم تعيينها بعد فترة وجيزة من توثيق تنصيب ترامب.
كما لاحظ إيان كراوتش في مجلة The New Yorker في مارس 2017: "ترامب هو أكثر رئيس يمكن الوصول إليه في التاريخ الأمريكي: خاصة عبر تويتر حيث لدينا اتصال مباشر بما يبدو أنه أجزاء حيوانية من دماغه. ومع ذلك، في الأشهر الاولى من رئاسته، ترامب الذي رأيناه في الصور هو تقريبا ترامب الرسمى الذى يواجه الجمهور، وكان استخدام إدارته للتصوير الفوتوجرافى أكثر محدودية من سابقه".
وقالت كريجيد ، عندما سئلتها PBS NewsHour في أغسطس 2017 عن مستوى السماح بالاقتراب من الرئيس: "هناك مستوى من الثقة يتعين علينا أن نؤسسه مع بعضنا البعض. وهذا، فى الوقت المناسب، سوف يتطور إلى مستوى من الراحة ."
قام نيكسون بتقييد وصول مصوره، أوليس أتكينز ، وجيمى كارتر هو الرئيس الوحيد الذي لم يستأجر مصوراً رسميًا في البيت الأبيض وفي كلتا الحالتين كما هو الحال مع ترامب حتى الآن فقد الجمهور فرصة لفهم قائده بشكل أفضل فيما وراء الصور السياسية المبتذلة مثل مصافحة "القبضة والابتسامة".
وأضاف سوزا انه خلال فترة عمله في البيت الأبيض فإن التصرف كظل دائم للرئيس سمح له بالتقاط "اللحظات الصغيرة" لرئاسة أوباما، وغالبًا ما تقول تلك الصور أكثر ما يتعلق بالموضوع حيث تعتبر أكثر إبداعًا لا سيما إذا كنت تبحث عن صور خلال 50 أو 100 عام، لمعرفة الشخص الذى كان عليه الرئيس وقتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة