تخضع تركيا للمراجعة الدورية الشاملة الثالثة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، الثلاثاء، وفى هذا الإطار قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن مراجعة الوضع في تركيا أمام الأمم المتحدة يتيح فرصة للاعتراف بأزمة حقوق الإنسان في البلاد والتآكل الكبير في سيادة القانون.
وأشارت المنظمة الحقوقية في تقرير، صادر الاثنين، إلى أنه على مدار السنوات الأربع الماضية، قامت السلطات التركية باحتجاز ومحاكمة المعارضين الحكوميين والصحفيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان بتهم فضفاضة وغامضة تتعلق بالإرهاب، وغير ذلك من التهم لممارستهم السلمية لحرية التعبير وغيرها من الأنشطة غير العنيفة.
وأضافت أنه تم تقييد الحق في التجمع وتكوين الجمعيات بشدة في جميع أنحاء البلاد، وقد مارست الحكومة سيطرة سياسية شديدة على المحاكم، التي أصدر قضاتها بسهولة شديدة أحكام قاسية في تحد لمعايير حقوق الإنسان. وقال هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى لدى هيومن رايتس ووتش: "إن العدد الهائل من الصحفيين والسياسيين والنقاد الحكوميين القابعين في السجن والمحاكمة يقف في وجه التصريحات العلنية للحكومة التركية حول حالة حقوق الإنسان في البلاد".
ودعا ويليامسون الدول المشاركة فى استعراض الأمم المتحدة الضغط على تركيا بشكل عاجل لمواجهة التدهور الحاد في احترام الحقوق والحريات الأساسية وإجراء إصلاح حقيقي.
ويبرر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وحكومته العديد من الإجراءات القمعية كرد فعل شرعي على محاولة الإطاحة به من الحكم فى يوليو 2016. وتقول هيومن رايتس ووتش إنه فى فترة ما بعد الانقلاب، استولى أردوغان على سلطات أكبر مع الأخذ بنظام رئاسي يزيل الضوابط والتوازنات ويضع القضاء تحت سيطرة السلطة التنفيذية.
ولا يزال مستقبل أكثر من 130 ألف موظف حكومي مفصولين بموجب مرسوم بزعم صلاتهم بالإرهاب، غير واضح. ورفضت لجنة مختصة بتقييم قضاياهم حتى الآن غالبية الطلبات. وتقول رايتس ووتش أن الكثير منهم غير قادرين على العمل أو السفر أو الوصول إلى الخدمات العامة الأساسية. وفي جنوب شرق البلاد، بعد الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس 2019، قامت الحكومة التركية على الفور بإقالة رؤساء البلديات المنتخبين ديمقراطياً من الحزب الديمقراطي الشعبي (HDP) بتهم إرهابية زائفة.
وتضيف أن الفشل في التحقيق في التقارير المستمرة والموثوقة حول التعذيب وسوء المعاملة في حجز الشرطة، ادى إلى إحباط التقدم السابق الذي أحرزته تركيا في كبح هذه الانتهاكات، كما ان "الفشل في التحقيق في عمليات الاختطاف والاختفاء القسري للرجال الذين لهم صلات مزعومة بحركة فتح الله جولن، والتي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية مسئولة عن محاولة الانقلاب لعام 2016، هو تطور آخر يثير القلق."
ودعت المنظمة تركيا إلى انهاء احتجاز مئات السوريين ، وإكراههم على توقيع نماذج "العودة الطوعية"، ثم إعادتهم قسراً إلى سوريا.
وتابعت ان المحافظين في المدن الكبرى استغلوا سلطاتهم لإسكات المعارضين عن طريق حظر المظاهرات بذريعة المخاوف الأمنية التي لا أساس لها من الصحة. وأمرت المحاكم بالاحتجاز لفترات طويلة قبل المحاكمة للشخصيات السياسية والمدنية مثل صلاح الدين ديميرتاس وفيجن يوكسيكاج وعثمان كافالا. كما أدانت محكمة في إسطنبول رئيسة حزب الشعب الجمهوري في اسطنبول، كانان كافتانسيو أوغلو ، بتهم تشمل إهانة الرئيس وحكمت عليها بالسجن لمدة تسع سنوات وثمانية أشهر بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يرجع تاريخها إلى الفترة بين عامى 2012 و2017. وبينما لا يزال الحكم قيد الطعن، فإنه فى حالة تثبيه فقد يؤدي ذلك إلى منعها من ممارسة النشاط السياسي وسجنها.
واشارت رايتس ووتش إلى الصحفى أحمد التان، المسجون بسبب مقالات كتبها، بينما يواجه العديد من الصحفيين الآخرين المحاكمة بسبب أنشطتهم الصحفية. وقالت إن المحاكم التركية قضت على آلاف المواطنين إما بغرامات أو حتى بالسجن بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم.
ودعت المنظمة الحقوقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المشاركة في المراجعة الدورية الشاملة التركية، إلى حث أردوغان لوضع حد للاعتقال التعسفي للنشطاء والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والكتاب والمحاكمات التى لا تستند إلى أدلة موثوقة على وجود أنشطة إجرامية، وضمان وجود قضاء نزيه وإزالة الضغط السياسي على القضاة والمدعين العامين ووضع قوانين تحمي حقوق الإنسان.
كما دعت للضغط من اجل وضع حداً لاستخدام الحظر الشامل لفرض قيود تعسفية وغير متناسبة على الحق في التجمع السلمي، وتنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على إطلاق سراح كافالا وديميرتاس فوراً من الاحتجاز التعسفي الطويل. بالإضافو إلى مراجعة جميع مواد قانون العقوبات التركي وقانون مكافحة الإرهاب والقوانين الأخرى التي تُستخدم لتقييد الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع والحق في الوصول إلى المعلومات. وقال وليامسون "إن تجاهل تركيا لحقوق الإنسان هو إهانة لمواطنيها الذين يستحقون العيش بكرامة وحرية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة