عندما تذهب إلى أى دولة فى العالم للسياحة أو العمل أو العلاج، أول شيئ ستجده أمامك فى الفندق أو الشارع أو محطة القطار أو مترو الأنفاق، هو "الخريطة"، التى توضح أهم المعالم فى المدينة التى تزورها، وأين يمكنك أن تتحرك وخطوط المواصلات التى تستطيع من خلالها التحرك بسهولة، وتكون دائما واضحة المعالم بشكل الأماكن السياحة والأثرية التى تستهدف الدولة تكثيف الزيارات لها، كأن تجد صورة متحف قديم، محطة سكك حديدية تاريخية، تمثال شهير، حديقة معروفة، بحيث يمكنك التحرك بسهولة ويسر، حال اتباع الخريطة والتحرك من خلالها.
هذه الخرائط تجدها دون مقابل، وفى أغلب الأحيان يتم طباعتها من خلال شركات السياحة التى تقدم رحلات اليوم الواحد، من خلال الأتوبيسات المكشوفة، لتستطع من خلالها التجول فى كل أرجاء المدينة، واكتشاف معالمها بتذكرة موحدة وبأى عدد من المرات، فالتذكرة غالبا ما تكون ليوم كامل أو 48 ساعة، وربما أكثر وتكون مصحوبة أحيانا برحلات بحرية أو نهرية حسب طبيعة الدولة، أو رحلات بالدراجات، وذلك كله ضمن تكلفة التذكرة.
للأسف رغم بساطة الفكرة ومحدودية الموارد التى تحتاجها، إلا أنها غائبة فى مصر، التى تتمتع بأهم وأكبر المواقع الأثرية فى العالم، وبها متاحف ومعابد ومواقع أثرية نادرة لا توجد فى أى بلد آخر، وعلى الرغم من ذلك كله لم تملع هذه الفكرة السهلة والبسيطة فى عقل أى من مسئولى السياحة أو الآثار أو المحليات أو أى مسئول سابق أو حالى، على الرغم من أن كل من تولوا مسئولية هذه الوزارات سافروا قطعا إلى الدولة الأوروبية والأمريكية، حتى الآسيوية المختلفة التى توزع خرائط أحيائها وشوارعها فى كل مكان.
أبسط ما يمكن أن نقدم للسائح الأجنبى أو حتى السائح المحلى أن نعطيه خريطة شاملة لكل المعالم السياحية فى المدينة التى يزورها، بالإضافة إلى شبكة المواصلات التى يمكنه من خلالها أن يتنقل بين المدن أو المناطق المختلفة، بصورة سهلة ومريحة، بالإضافة إلى أرقام اتصال للمساعدة، ونقاط إسعاف ومستشفيات وشوارع للتنزه وشراء الهدايا التذكارية، دون أن نترك الأمر يتحرك بصورة عشوائية لكل شركة حسب تفكيرها، أو أن يتم توجيه كل الأفواج السياحية إلى شرم الشيخ او الغردقة لمجرد الاستمتاع بالبحر والطبيعة، فأوروبا التى تشكل أهم سوق سياحى لمصر لديها طبيعة ساحرة، ومساحات مميزة للتنزه والمتعة، بما يجعلنا نفكر كثيرا فى استعادة السياحة الثقافية واستغلال المناطق الأثرية والتراثية، خاصة أن السائح الذى يستهدف هذه المناطق غالبا ما يكون له ذوق خاص، ويمكنه الإنفاق بصورة تحقق عوائد مناسبة للشركات السياحية.
الأفكار الجذابة والقابلة للتنفيذ كثيرة ومتنوعة، لكن العقبة دائما فى التنفيذ، بل طريقة التنفيذ، فأحيانا يتم عرض الفكرة فتكون "حريرا " سهلة وناعمة الملمس وملفتة للنظر، لتتحول فى التنفيذ النهائى إلى "صوف" خشن وباهت لا نطيق تحلمه إلا فى الليالى الباردة، والظروف الجوية المتقلبة... فدعونا نفكر فى شكل التنفيذ ونبدأ العمل بإخلاص، حتى نضع المقصد السياحى المصرى فى مكانة مختلفة خلال السنوات المقبلة، ونضاعف الأرقام السياحية القادمة إلى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة