أثار اغتيال قاسم سليمانى، القائد العسكرى الإيرانى، فى ضربة جوية أمريكية استهدفت سيارة كان يستقلها فى مطار بغداد الدولى، ردود فعل مختلفة داخل الولايات المتحدة وخارجها، فبينما هاجم البعض وعلى رأسهم الديمقراطيين القرار لاسيما أنه تم بدون تفويض من الكونجرس، أشاد به آخرون على اعتبار أن سليمانى عدو واضح للولايات المتحدة.
قالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن الضربة الجوية أثارت ردود فعل مختلفة بشكل هائل استنادا على التوجهات الحزبية داخل الكونجرس، ففى حين أثنى الجمهوريون على الرئيس دونالد ترامب، أعرب الديمقراطيون عن مخاوفهم بشأن مدى قانونية الهجوم وعواقبه.
وكانت البنتاجون قد أمد فى بيان اليوم، الجمعة، أن ترامب أمر بالضربة، وقال إن سليمانى كان يطور بشكل فعال خططا لمهاجمة الدبلوماسيين والجنود الأمريكيين بالعراق وعبر المنطقة. وأضاف أن سليمانى ولواء القدس كانا مسئولين عن وفاة المئات من الجنود الأمريكيين والتابعين للتحالف وإصابة آلاف آخرين.
وعلق السيناتور الجمهورى البارز ليندسى جراهام، أحد أقوى حلفاء ترامب قائلا إنه يقدر التحرك الجرئ للرئيس ضد العدوان الإيرانى، ووجه حديث للحكومة الإيرانية قائلا: لو أردتم المزيد سنقدم لكم المزيد.
ونقلت "سى إن إن" عن مصادر أن أعضاء اللجان المعنية بالأمن القومى والمخصصات بمجلس الشيوخ إلى جانب قيادات أخرى سيتم إطلاعهم اليوم الجمعة فى جلسة سرية على تفاصيل الأمر من قبل مسئولى الإدارة.
ولم يتم إبلاغ بعض الأعضاء الرئيسيين فى مجلس الشيوخ مثل زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر، وهو عضو مجموعة قيادية يتم إطلاعهم على الأمور السرية، بالهجوم قبل حدوثه، ولم يعرف ما إذا كان هناك نواب آخرون قد علموا مسبقا بالضربة.
أما عن الديمقراطيين، فقد عارضوا ثناء الجمهوريين على الهجوم، وأكدوا على العواقب المحتملة وانتقدوا تنفيذه دون تفويض من الكونجرس.
وأكد السيناتور الديمقراطى كريس مورفى أن سليمانى كان عدوا لأمريكا، لكنه قال :السؤال هو، كما تشير التقارير هل قامت أمريكا باغتيال ثانى أقوى شخص فى إيران بدون أى تفويض من الكونجرس وهى تعرف أنه قد يمهد لحرب إقليمية هائلة محتملة.
أما وكالة بلومبرج، فقد ربطت قرار ترامب بشئون الداخل الأمريكى، وقالت إن اتخاذ هذا القرار فى العام الذى يسعى فيه الرئيس الأمريكى لإعادة انتخابه.
وأشارت الوكالة إلى أن ترامب فى عام 2011، اتهم الرئيس باراك أوباما بالتخطيط لحرب ضد إيران من أجل تأمين إعادة انتخابه لأنه ضعيف وغير كفء، على حد قوله فى هذا الوقت. لكن بعدما أصبح رئيسا، أظهر ترامب من خلال سحبه للقوات الأمريكية فى سوريا فى البداية ثم اغتيال سليمانى، أنه سيتصرف بالشكل الذى يعتقد أنه يحقق أفضل مصلحة لأمريكا حتى فى ظل عواقب محتملة لا يستطيع هو أو مستشاروه أن يتنبأوا بها بشكل واثق على الإطلاق.
من جانبها، وصفت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية اغتيال سليمانى بأنه قد يكون التصعيد الأكثر دراماتيكية فى صراع الشرق الأوسط منذ حرب العراق.
وقالت المجلة إن الإعلان عن الاغتيال سليمانى جاء بعد يوم من مهاجمة أنصار جماعة عراقية مدعومة من إيران لمقر السفارة الأمريكية فى بغداد، والتى اعتبرت انتقاما من طهران على ضربات جوية أمريكية سابقة قتلت 25 من مقاتلى كتائب حزب الله.
وأوضحت "فورين بوليسى" أن بعض الخبراء أشاروا إلى أن ما كان حتى الآن حرب منخفضة المستوى بين الولايات المتحدة وإيران قد تنفجر قريبا.
وقال سيث جونز، الخبير فى التطرف فى الشرق الأوسط فى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأمريكى: إننا ننتقل إلى فترة حيث هناك احتمالا قويا بتصعيد الحرب والصراع المباشر بين واشنطن وطهران. وأضاف أن الشرق الأوسط مشتعلا بالفعل بصراعات وحركات احتجاجية واسعة، والآن فإن الأمر أصبح أسوأ بكثير.
وأضاف جونز إن الأمر الأول هو أن الهجوم يقضى على أهم شخصية عسكرية فى إيران، فمنذ الحرب الإيرانية العراقية على الأقل، ركزت طهران سياستها الخارجية على بناء قدرات غير مكررة، لاسيما فى فيلق القدس، وقد قاد سليماتى جهود إيران لنشر ما يقرب من 280 ألف مقاتل فى اليمن وسوريا العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وتوسيع نفوذ إيران فى الشرق الأوسط. وقد أشرف سليمانى بشكل شخصى على توسع إيران. ومن ثم، فإن وفاته سيكون ضربة قوية لإستراتيجية إيران.
الأمر الثانى، كما يقول الخبير الأمريكى، أن مقتل سليمانى سيشعل على الأرجح تصعيدا خطيرا للصراع بين إيران وواشنطن. فحتى الآن كان الصراع العسكرى بينهما غير مباشر، وانطوى على عقوبات أمريكية اقتصادية وهجمات عسكرية ضد شركاء أمريكا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة