- صناعة الصلب تفقد حصتها محلياً وخارجيًا لصالح المنافسين.. و5.5 دولار تكلفة المليون وحدة حرارية على الشركات مقابل 1.5 دولار فى كندا و2.8 دولار فى الولايات المتحدة و1.9 دولار فى روسيا
- 55% معدل الطاقة الإنتاجية الفعلية حاليًا لصناعة الصلب.. ورئيس جمعية الحديد والصلب: المؤشرات تؤكد عدم عدالة سعر الغاز الحالى
- تراجع متوقع بين 20 - 33% فى أسعار الغاز عالميًا حتى 2021.. واستمرار فى الفائض المصرى بدعم زيادة الإنتاج السنوات المقبلة
- 150 مليار جنيه حجم الاستثمارات و27 ألف فرصة عمل وتغذية احتياجات القطاعات الاستراتيجية .. ضمن مظاهر أهمية صناعة الصلب في مصر
تعتبر الصناعة هى المقوم الأساسى فى بناء الاقتصاديات المتقدمة، والمساهم الأكبر فى نموها وصعودها، فلا يوجد تجربة اقتصادية واحدة حول العالم استطاعت أن تحرز تقدماً ونجاحاً اقتصادياً دون أن تكون الصناعة هى اللاعب الرئيسى فيها.
وبالرغم من الحراك الاقتصادى الكبير الذى تشهده مصر حالياً، بالتزامن مع تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى والوصول لمراحله الأخيرة وتهيئة البنية التحتية وامتلاك الفرص المربحة فى مختلف القطاعات، فما زالت الصناعة المصرية تعانى أوضاعاً غير مستقرة، خاصة على صعيد قدرتها على المنافسة فى السوقين المحلى والعالمي.
وتؤكد الأرقام هذه الحقيقة، من خلال 3 مؤشرات رئيسية، المؤشر الأول؛ تسجيل قطاع الصناعات التحويلية أقل معدل نمو بين كافة قطاعات الاقتصاد خلال العام المالى الماضى 2018/2019، بتسجيله 2.8% مقارنة بأنشط القطاعات نمواً التى تمثلت فى السياحة بمعدل نمو 20.1% والاتصالات بمعدل نمو 16.7%، وكذلك أقل القطاعات نمواً حيث جاء قطاع الزراعة فى المرتبة الثانية من حيث الأقل نمواً بمعدل 3.3%.
ينما يتعلق المؤشر الثانى بالرقم الزهيد لنمو القطاع الصناعى مقابل نمو الناتج المحلى الإجمالى الذى يعبر عن النمو الصافى فى جميع قطاعات الاقتصاد، حيث سجل الناتج المحلى الإجمالى نمواً بـ 5.6% فى العام المالى 2018/2019 مقابل نمو بـ 2.8% فقط للقطاع الصناعي، وهو ما يؤكد وجود مشاكل تعرقل مجاراة الصناعة المصرية للتقدم الاقتصادى فى باقى القطاعات.
أما المؤشر الثالث فيرتبط بالتراجع الملحوظ فى معدلات نمو الصناعة عبر الزمن، حيث تراجع معدل نمو القطاع من 4.8% فى العام المالى 2017/2018 إلى 2.8% فى العام المالى 2018/2019، بما يعنى أن الصناعة تسبح عكس التيار وتشهد أداءاً مضطرباً بمرور الوقت.
يأتى ذلك بجانب أرقام التجارة الخارجية لمصر التى تؤكد مرور الصناعة بأزمة حقيقية من خلال تراجع الصادرات الصناعية لأول مرة منذ 2017 حيث تراجعت الصادرات السلعية المصرية للعالم فى أول 9 أشهر من 2019، لتسجل 18.995 مليار دولار مقابل 19.208 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2018 بتراجع قدره 1.1%، وذلك وفقاً لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وعلى صعيد الواردات شهدت استقراراً لتسجل واردات البضائع المصرية من العالم فى أول 9 أشهر من 2019 حوالى 52.256 مليار دولار، مقابل 52.087 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2018، بتطور طفيف قدره 0.32%، بما يشير إلى صمودها أمام منافسة المنتج المحلى، بالرغم من تراجع الواردات فى الأسواق الناشئة 0.4%.
وبالتالى تفرض كل هذه الظروف الصعبة والمتطورة التى تعانيها الصناعة المصرية ضرورة إعادة النظر فى المنظومة بشكل عام، وتعزيز مستوى تنافسيتها فى السوقين المحلى والأجنبى.
وذكرت تقارير اقتصادية محلية وإقليمية متعددة أن التراجع الذى تشهده الصناعة المحلية يعود إلى عدم قدرتها على تقديم منتجاتها للسوقين المحلى والأجنبى بسعر تنافسي، وأن هذا السعر يتأثر بعاملين رئيسيين، الأول؛ أسعار مكونات الإنتاج التى تحصل عليها الصناعة، مثل المواد الخام والأيدى العاملة وغيرها، والثاني؛ الفن التكنولوجى المستخدم فى الإنتاج والذى من الممكن أن يدفع التكلفة للارتفاع مقارنة بالفنون الإنتاجية المتقدمة فى البلدان المنافسة.
وفى هذا الإطار طالبت العديد من تجمعات الصناع ورجال الأعمال والشركات الصناعية فى مصر، بضرورة مراجعة أسعار مدخلات الإنتاج التى تحصل عليها الصناعة بقطاعاتها المختلفة، والتى يتم تحديدها من قبل الدولة، مثل أسعار الغاز والكهرباء وخدمات المرافق وغيرها، بالإضافة لأسعار الأراضى الصناعية التى تطرحها الدولة على المستثمرين.
ووضع مراقبون للقطاع سيناريو مقترح لانتشال الصناعة المصرية من عثرتها الحالية، يقوم هذا السيناريو على البدء بحل مشكلات القطاعات الصناعية ذات الاستثمارات الكثيفة مثل صناعة الصلب وصناعة الأسمنت وصناعة الأسمدة والكيماويات، على اعتبار أن هذه الاستثمارات المليارية هى الأكثر قدرة على خلق فرص التوظيف والأكثر استجابة للمحفزات الحكومية المختلفة، بحيث يمكنها صناعة الفارق للصناعة الوطنية بشكل عام خلال فترة قياسية.
واقترح المراقبون أن تبدأ الدولة بأعادة تقييم الطرق الحالية لتسعير واستغلال الموارد المملوكة لها، خاصة فى ضوء المتغيرات الأخيرة التى ارتبطت بالطفرة الكبيرة التى حققتها الدولة فى سوق الغاز الطبيعى وتحولها من الاستيراد إلى تحقيق الفائض والتصدير.
وطالبوا الدولة بإعادة النظر فى الأسعار الحالية التى تحددها للغاز الطبيعى المقدم للصناعة بشكل عام، وللقطاعات الصناعية الاستراتيجية مثل صناعة الصلب على وجه الخصوص، وذلك لانتشال هذه الصناعات من عثرتها الحالية وتحقيقها لخسائر ضخمة قد تعوق استمرارها فى السوق مستقبلاً وبالتالى خسارة استثمارات ضخمة وفرص عمل كثيفة ومساهمة كبيرة فى القيمة المضافة التى يتشكل منها الناتج المحلى للدولة.
حيث تعانى صناعة الصلب فى مصر من حصولها على الغاز الطبيعى بسعر مرتفع نسبياً يبلغ 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية، وذلك بعد تخفيض هذا السعر من 7 دولارات للمليون وحدة حرارية فى أكتوبر 2019، حيث ترى شركات الصلب فى مصر أن هذا السعر مازال مرتفعاً وفقاً لأكثر من مؤشر.
ونتج عن هذا السعر المرتفع تحديات كبيرة منها ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعى فى مصر لتمثل 12% من تكلفة إنتاج الطن، مقابل ما بين ٢: ٦٪ فى الدول المنافسة إقليمياً وذلك بالرغم من أن المصانع المصرية تستخدم نفس معدل الاستهلاك للطن، وهو من ١١-١٣ مليون وحدة حرارية فى المتوسط، وساهم سعر الغاز أيضاً فى وضع تكلفة إضافية بواقع 40 دولار فى المتوسط على كل طن حديد تسليح منتج فى مصر.
وقد تعوق هذه التحديات من استمرار صناعة الصلب فى المستقبل على أساس اقتصادي، وظهر ذلك من خلال الانخفاض الهائل فى معدل تشغيل الطاقات الإنتاجية حيث انخفضت نسبة الطاقة الإنتاجية المشغلة بمصنع حديد عز الدخيلة بالإسكندرية عام ٢٠١٥، على سبيل المثال، إلى ٥٠% فقط، لعدم انتظام امدادات الغاز هذا العام، مما كان له آثار متتابعة على الأداء المالى للشركة، منها هبوط مبيعات التصدير بنسبة 40%.
كما توقفت عمليات إنتاج الصلب المسطح فى مصنع العز بالسويس، وطاقته الإنتاجية السنوية ١٫٢ مليون طن، نظراً لعدم قدرته على تغطية التكلفة المتغيرة بأسعار الغاز الحالية، بالإضافة إلى توقف مصنع بشاى عن العمل عام ٢٠١٦، ومصنع السويس للصلب عن العمل فى ٢٠١٩.
وتعنى هذه التوقفات أيضاً حرمان وزارة البترول من إيراد مبيعات الغاز لصناعة الصلب. فمصنع السويس للصلب وحده، كان يوفر إيراد لقطاع البترول من مبيعات الغاز الطبيعى بما قيمته ١٦٠ مليون دولار سنوياً.
هل الـ 5.5 دولار سعراً عادلاً؟ .. 4 مؤشرات تجيب!
بمراجعة المؤشرات المحلية والعالمية التى يمكن اللجوء إليها لاختبار مدى عدالة سعر الغاز الطبيعى المقدم حالياً لمصانع الصلب فى مصر، تبين أن هذا السعر يعد مبالغاً فيه وفقاً لـ 4 مؤشرات رئيسية.
المؤشر الأول؛ يمثل هذا السعر حوالى ضِعف تكلفة استخراج الغاز فى مصر. حيث تترواح هذه التكلفة على الحكومة المصرية ما بين ٢٫٦٦ إلى ٣٫١ دولار للمليون وحدة حرارية، وذلك وفقاً لأكبر مكتبين استشاريين فى مجال الطاقة فى العالم، بما يعنى أن الشركة القابضة للغازات تحقق ربح ما بين 77% : 107% من بيع الغاز لصناعة الصلب، وهو ما لا يحققه أى تسعير لأى منتج آخر لقطاع البترول فى مصر، فى وقت تُحَقِق فيه شركات الصلب المصرية خسائر ضخمة، بما يشير إلى خلل واضح فى هذا السعر.
المؤشر الثاني: يعتبر هذا السعر مرتفعاً مقارنة بأسعار بيع الغاز لمصانع الصلب فى الدول الأخرى التى تستخدم نفس تكنولوجيا الإنتاج وتنافس صناعة الصلب المصرية فى السوقين المحلى والعالمي، حيث يقل سعر الغاز فى كل هذه الدول تقريباً عن ٤ دولار (فى ١٢ من إجمالى ١٣ دولة)، بل يقل سعر الغاز فى أغلب هذه الدول عن ٣ دولار (فى ١٠ دول إجمالى من ١٣ دولة)، وذلك وفق دراسة صادرة عن مؤسسة "وود ماكينزي" ٢٠١٩ عن تسعير الغاز لصناعة الصلب.
وأوضحت هذه الدراسة أن أسعار الغاز لمصانع الصلب فى كندا سجلت 1.5 دولار للمليون وحدة حرارية ترتفع فى الولايات المتحدة إلى 2.8 دولار وفى المكسيك إلى 4.1 دولار، بينما تنخفض فى روسيا إلى 1.9 دولار وقطر إلى 1.8 دولار والجزائر إلى 0.5 دولار فقط.
المؤشر الثاني؛ يعتبر سعر الـ ٥٫٥ دولار أعلى من السعر الذى يحصل به الأجانب على الغاز المصري، حيث بلغ متوسط سعر تصدير الغاز المصرى المسال ٤٫2 دولار للمليون وحدة حرارية، وفقاً لشحنات تصدير تمت فى ديسمبر ٢٠١٩ لكل من تركيا وتايلاند وكوريا الجنوبية واليونان، وبخصم تكلفة الإسالة (تبلغ ١ دولار للمليون وحدة حرارية) للوصول إلى سعر المليون وحدة للغاز فى حالتها الغازية – وهى نفس الحالة التى تتسلم بها مصانع الصلب الغاز المصرى يكون سعر التصدير للغاز المصرى فى حالته الغازية ٣٫2 دولار للمليون وحدة حرارية، بما يعنى أنه أقل بحوالى 42٪ من سعر البيع لصناعة الصلب.
المؤشر الثالث؛ سعر الـ ٥٫٥ دولار أعلى من أسعار تصدير الغاز فى منطقة البحر المتوسط. ففى ١٣ ديسمبر ٢٠١٩، طبقاً لنشرة Platts العالمية عن أسعار الغاز المسال اليومية، فإن سعر التصدير من دول البحر المتوسط للعالم فى حالته المسالة، يبلغ ٣٫٩٦ دولار للمليون وحدة، أى ما يعادل ٢٫٩٦ دولار فى حالته الغازية.
المؤشر الرابع؛ سعر الـ ٥٫٥ دولار أعلى من كل الأسعار العالمية للغاز الطبيعي، حيث بلغ الرقم القياسى لسعر الغاز فى السوق الأوروبية فى صورته المسالة ٤٫٤٦ دولار تسليم شهر يناير ٢٠٢٠، بما يعنى أن سعر الغاز فى صورته الغازية ٣٫٤٦ دولار، وبلغ الرقم القياسى لسعر الغاز فى أمريكا الشمالية فى صورته المسالة ٣٫٥٢ دولار تسليم يناير ٢٠٢٠، بما يعنى أن سعر الغاز فى صورته الغازية ٢٫٥٢ دولار.
وبلغ الرقم القياسى لسعر الغاز فى السوق البريطانية ٤٫٦٦ دولار تسليم شهر يناير ٢٠٢٠، بما يعنى أن سعر الغاز فى صورته الغازية ٣٫٦٦ دولار.
وبالتالى تؤكد المؤشرات أنه تحت هذه الظروف، يضع هذا التسعير المرتفع للغاز الطبيعى فى مصر تكلفة إضافية بواقع 40 دولار فى المتوسط على كل طن حديد تسليح منتج فى مصر، مما يخفض من تنافسية صناعة الصلب المصرية فى السوقين المحلى والأجنبي.
وفى ضوء هذه المتغيرات أصبحت مسألة إعادة النظر فى سعر الغاز الطبيعى المقدم للصناعة بصفة عامة وصناعة الصلب بصفة خاصة بمثابة ضرورة قصوى وتوجه استراتيجى حتمى لحماية الصناعة المحلية فى قطاع استراتيجى هام من الانهيار.
حيث تبلغ استثمارات هذا القطاع حوالى 150 مليار جنيه، ويساهم بحوالى ٥٫٣% من حصيلة الصادرات غير البترولية، بإجمالى ٩٤٩ مليون دولار وفقاً لإحصائيات عام ٢٠١٧/٢٠١٨، مع الإشارة إلى تحقيق القطاع صادرات بأكثر من مليار دولار فى فترات سابقة مثل عام ٢٠٠٧، ومن المحتمل أن ترتفع صادراته إلى ٢ مليار دولار سنوياً، إذا تم التغلب على التحديات التى تواجهها صناعة الصلب واستغلال الطاقة الإنتاجية الضخمة المتاحة لدى المصانع الوطنية والتى تبلغ ١٧٫١ مليون طن لمنتجات الصلب النهائية، يعمل منها الآن ٥٥ ٪ فقط.
كما يوفر القطاع نحو ٢٧ ألف فرصة عمل مباشرة وفقاً لبيانات الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، بالإضافة لعشرات الآلاف من فرص العمل غير المباشرة التى وفرها القطاع فى قطاعات أخرى متشابكة معه مثل التشييد والنقل والخدمات وغيرها.
ويعتبر قطاع الصلب القطاع الاستراتيجى الأهم فى توفير مدخلات الإنتاج المستخدمة فى العديد من القطاعات الإنتاجية الأخرى، مثل قطاع التشييد والبناء والبنية الأساسية، الصناعات التعدينية والكيماوية، الأجهزة الكهربائية، السيارات ووسائل النقل والطائرات، محطات الكهرباء، الصوب الزراعية، صناعات ترتبط بالأمن القومي، مثل الصناعات العسكرية.
وبالتالى فبدون وجود صناعة صلب وطنية قوية، تلجأ كل هذه القطاعات لاستيراد حديد التسليح أو مسطحات الصلب التى تحتاجها من الخارج، بما يعنى ذلك من ضغط على النقد الأجنبى المتوافر فى السوق المحلى واستنزافه فى الاستيراد، ووضع هذه القطاعات الوطنية تحت رحمة مورِّد أجنبي، سواء من حيث السعر أو انتظام التوريد، أو جودة المنتج.
ودفعت هذه التخوفات العديد من الدول لبناء صناعات صلب وطنية وتقويتها لتوفير احتياجات القطاعات المختلفة، وذلك مثل تجربة الإمارات التى وصل استهلاكها من حديد التسليح إلى ٧٫٨ مليون طن عام ٢٠٠٨ احتلت بها صدارة دول المنطقة من حيث استيراد حديد التسليح، ولتأمين هذه الاحتياجات من خلال صناعة وطنية خالصة بدأت فى عام ٢٠٠٨ بإنشاء شركة حديد الإمارات بطاقة إنتاجية ٣٫٢ مليون طن سنوياً، وواصلت العمل فى هذا الملف حتى خفضت من وارداتها من حديد التسليح إلى أقل من مليون طن فى عام ٢٠١٨.
ومن جانبها أشادت الدكتورة عالية المهدى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للحديد والصلب، بتخفيض الدولة لسعر المليون وحدة حرارية من 7 دولار لـ 5.5 دولار، مشددة على ضرورة تقديم الغاز لمنتجى الصلب بنفس سعر تصدير الغاز مخصوماً منه تكاليف الإسالة.
أشارت إلى أن سعر الـ 5.5 دولار للمليون وحدة حرارية لا يزال مرتفع جداً لعدة أسباب، تتمثل فى أن الدولة تقوم بتصدير الغاز المسال بسعر 4.2 دولار المكافئ لسعر الغاز فى حالته الغازية 3.2 دولار لأن تكلفة تسييل الغاز تبلغ 1 دولار، مما يعنى أن سعر التصدير أقل من سعر المنتج المحلي.
بالإضافة إلى أن أغلب الدول المنافسة لمصر فى صناعة الصلب تبيع الغاز للمصنعين بأسعار تتراوح من 2-3 دولار، مما يجعل المصانع المصرية خارج المنافسة تماماً، خاصة وأن الغاز ليس مصدر للوقود فحسب وإنما هو مدخل إنتاجى أساسى فى عملية التفاعل لإنتاج الصلب.
هل يوجد بديل للغاز؟!
بسؤال الخبراء حول مدى إمكانية قيام شركات الصلب بالاستغناء عن الغاز واستخدام بديل آخر لخفض تكلفة الإنتاج واستعادة القدرة على المنافسة، فقد أكدوا أن صناعة الصلب المصرية لا تستطيع أن تستبدل الغاز بأى مصدر طاقة آخر، كمصانع الأسمنت مثلاً التى أصبحت تستخدم الفحم بدلاً من الغاز، وذلك لأن صناعة الصلب الحديثة فى مصر لا تستخدم الغاز لتوليد طاقة أو حرارة، وإنما تستخدم الغاز ليتفاعل كيميائياً مع خام الحديد، فى أول عمليات التصنيع للحصول على حديد نقى (تسمى عملية الاختزال)، لهذا لا يمكن أن تستمر صناعة الصلب المصرية دون غاز طبيعي، والدليل على ذلك أنه فى فترة التوقفات فى إمداد مصانع الصلب بالغاز فى مصر (من ٢٠١٤ حتى ٢٠١٦)، لم تستخدم هذه المصانع الفحم كبديل للغاز، وإنما أوقفت 70٪ من إجمالى الطاقات الإنتاجية بها، فى المراحل التى يُستَخدَم فيها الغاز.
وبالتالى أصبحت الشركات لا تمتلك البديل للغاز الطبيعى الذى يعتبر بالنسبة لها أحد مدخلات الصناعة وليس بمثابة مصدراً للطاقة.
تساؤل آخر قد يحتاج إليه هذا التحليل؛ هل إعادة النظر فى أسعار الغاز الموجه لصناعة الصلب الخيار الأمثل أمام الدولة لدعم بقاء هذه الصناعة الاستراتيجية وانتشالها من عثرتها؟.
الإجابة تبدو بـ "نعم" فى ضوء أكثر من متغير، فمصر لديها وفرة فى الغاز الطبيعى وتحولت من العجز إلى الفائض والتصدير، بما يعنى امتلاكها ميزة نسبية فى هذا المورد، حيث حققت السوق المصرية للغاز فائضاً فى ٢٠١٩ يصل إلى بليون قدم مكعب، ومن المتوقع أن يستمر تحقيق الفائض حتى عام ٢٠٢٣، وذلك فى ضوء تطور العرض بمعدلات تفوق الزيادة المتوقعة فى الطلب والتى قدرتها بعض الدراسات بـ ٦% فى ٢٠٢٠، تنخفض إلى ٢٪ فى السنوات التالية.
كما أن سوق الغاز العالمية نفسها فى طريقها لتحقيق فوائض لسنوات قادمة، بسبب تراجع معدلات الطلب العالمية فى ظل توترات الحرب التجارية بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين من جانب، وبسبب التطور التكنولوجى الذى يؤدى إلى اكتشافات جديدة وبالتالى زيادة الإنتاج من جانب آخر وذلك وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة Morgan Stanley Research لعام ٢٠١٩.
وفى ضوء هذه المؤشرات، تتوقع كافة الأرقام الخاصة بقياس أسعار الغاز TTF Benchmark, JKM Benchmark انخفاض فى أسعار الغاز الطبيعى عام ٢٠٢٠/٢٠٢١، بنسب تتراوح بين ٢٠٪-٣٣٪ مع توقع استمرار انخفاض أسعار الغاز الطبيعى عالمياً فى الأجل المتوسط، لتسجل فى العقد القادم نصف مستواها تقريباً المحقق فى العشرة سنوات السابقة.
وبالتالى من الأجدى أن تبادر الدولة بإعادة النظر فى أسعار الغاز الطبيعى الموجهة للصناعة بشكل عام، ولصناعة الصلب على وجه الخصوص، حيث يرى مراقبون للسوق أن السعر العادل للغاز الطبيعى الموجه لهذه الصناعة لابد ألا يزيد عن 3.5 دولار للمليون وحدة حرارية، فى ضوء مؤشرات الإنتاج الحالية للغاز الطبيعى وأسعاره الإقليمية والمحلية، وفى ضوء ظروف صناعة الصلب والتهديدات التى تواجهها.
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح عبد النبي
صح جدا
دعم الانتاج هو الطريق الصحيح لتقدم الدول . انا لا اعمل في مصنع يحتاج للدعم لكن الطريق الصحيح لنمو اي وطن عن طريق الصناعه والزراعه اولا وهو مالا يمكن ان يتم الا بدعم الانتاج ومنها دعم الوقود . التحول من دعم الاستهلاك الي دعم الانتاج هو الاختيار الاصح والصحيح انا مش عاوز دعم لي في منزلي ولكن احتاج لدعم للمزارع والصانع لتوفير فرص عمل وتوفير احتياجات المواطن من السلع المحليه لتوفير العمله الصعبه وتقليل الاموال التي نخسرها للخارج بسبب ضعف التنافسيه المحليه لعدم وجود دعم حقيقي للانتاج المحلي