عقب مقتل زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، في أكتوبر الماضي، اعتبرت وسائل الاعلام الامريكية والدوائر السياسية العملية انتصارا سياسيا كبيرا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وقف يتباهي معلنا نجاح القوات الامريكية في قتل المطلوب الآول في العالم.
تكرر المشهد، مع مطلع 2020، معلنا اغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، مهندس العمليات الخارجية وقيادة الوكلاء في المنطقة.
مقتل سليماني، في غارة جوية أمريكية خارج مطار بغداد، شكل صدمة في انحاء المنطقة والعالم بالنظر إلي أهميته كاحد محاور النظام الإيراني فضلا عن تبعات ما قد يسفر عنه الآمر من تصعيد واحتمال نشوب مواجهة مباشرة مع طهران، يخشى الجميع عواقبها.
لكن يبدو ان الرئيس الأمريكي لم يفكر في العواقب الخارجية بقدر اهتمامه بالتبعات الداخلية، فإقدام وزارة الدفاع على الإعلان سريعا ان العملية تمت بناء على أوامر من ترامب تحمل في طياتها دوافع العملية وهى تحقيق مكاسب في الداخل في ضوء امرين هما إجراءات العزل في الكونجرس وحملة الانتخابات الرئاسية 2020 لاعادة انتخابه.
فما اشبه اليوم بالبارحة، ففي 16 ديسمبر عام 1988، قبل أيام قليلة علي التصويت علي عزله من قبل الكونجرس ذهب الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى الإعلان عن توجيه ضربات جوية على العراق بزعم انتهاك نظام صدام حسين للعقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة وقد كرر كلمات شبيهة تماما لتلك التي استخدمها ترامب عقب تنفيذ عملية سليماني، بشآن حماية امن الولايات المتحدة. لكن على الاغلب لا يتعلق قرار ترامب بقتل سليماني بقضية العزل بقدر تعلق الامر بتحقيق مزيدا من الانتصارات السياسية التي تدعمه في انتخابات 2020.
لكن تيم مورتو، مدير الاتصالات في حملة إعادة انتخاب ترامب، قال في تعليقات لمجلة تايم إن فكرة أن ترامب أمر بتوجيه الضربة لتحقيق مكاسب سياسية هى "سخيفة للغاية".
وأضاف إن ترامب تصرف في ضوء "الهجمات الأخيرة والتخطيط المستمر للهجمات المستقبلية".
وتساءل "كم من الوقت ينبغي أن تستغرقه الولايات المتحدة قبل أن تقاتل؟"
لكن حملة ترامب أشادت بقرار الرئيس واحتفت بأخبار اغتيال سليماني على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت كيلي ماكناني المتحدثة باسم الحملة على قناة فوكس: "لقد كان ذلك بمثابة عرض للقوة الأمريكية.. لقد كان حازماً".
وغرد حساب على تويتر تديره حملة ترامب ساخرا من شريط فيديو لمتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني يبكي على شاشة التلفزيون بسبب نبأ وفاة سليماني.
ويرى جوليان زيلزر، أستاذ التاريخ والشئون العامة بجامعة برينستون، انه مهما كانت دوافع ترامب لقتل سليماني في هذه اللحظة بالذات، فمن الصعب التنبؤ بكيفية تأثير هذه الخطوة على محاولة الرئيس لإعادة انتخابه.
وأضاف: "لا شيء يحرك الرأي العام في هذه المرحلة، وبالتأكيد ليس الأمر كما لو أن الأشخاص الذين لا يحبون ترامب سيحبونه فجأة بسبب عملية عسكرية ناجحة".
ووفقا للمؤرخ الأمريكي آلان ليشتمان، فإن حتى يعلن البيت الأبيض استراتيجية فعالة في التعامل مع ما بعد العملية فإن الامر ربما يساعد الديمقراطيين. لكن وفقا لجون الن، المحلل السياسي لدى شبكة ان بي سي نيوز، فإن ترامب وضع خصومه الديمقراطيين المحتملين لانتخابات 2020 في مأزق سياسي قوي.
إذ يشعر الديمقراطيون بالقلق من أن ترامب يتجه إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه، يبدو عليهم الحذر من عدم الإشادة باغتيال شخص كان ينظر إليه في الولايات المتحدة على أنها واحدة من أبرز الأشرار في العالم.
التحدي بالنسبة للديمقراطيين هو الناخبين المتأرجحين الذين سيكونون أهدافًا حاسمة في الانتخابات العامة والذين ربما يتم إقناعهم بالفكرة أن قتل أحد المتشددين هو أمر جيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة