قبل يومين.. أعلن الدكتور محمد معيط، وزير المالية، مؤشرات للموازنة العامة للدولة للعام المالى المقبل 2020/2021 التى يجرى إعدادها حاليًا بالتنسيق مع الجهات المعنية.
المؤشرات مبشرة للغاية وتهدف لاستمرار التحسن لصالح الشعب المصرى والأجيال القادمة، لافتًا إلى أنه من المستهدف خلال العام المالى 2020/ 2021 تحقيق معدل نمو 6.4%، وتقليص العجز الكلى إلى 6.2%، وخفض حجم الدين العام للناتج المحلى إلى 80%، من خلال استكمال إجراءات الضبط المالى، بما يُسهم فى زيادة تنافسية الاقتصاد المصرى، بالتوازى مع جهود ضمان الاستدامة المالية، وتحقيق الاستقرار النقدى، والسيطرة على معدلات الارتفاع فى أسعار السلع والخدمات، وتحسين أوضاع ميزان المدفوعات، والنقد الأجنبى، لتهيئة بيئة مستقرة ومُحفزة للتنافسية، قادرة على مواجهة الصدمات الداخلية والخارجية الناتجة عن تقلبات الاقتصاد القومى والعالمى.
لكن الأهم فى تصريحات الدكتور محمد معيط هو الإشارة والتأكيد على ترجمة هذه الأرقام وبشكل حقيقى على أرض الواقع ليواكب إصرار القيادة السياسية على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، بحيث يستفيد المجتمع بكافة فئاته من عوائد التنمية خاصة المواطنين الأولى بالرعاية والطبقة المتوسطة، من خلال التركيز على طرح العديد من المبادرات الوطنية الفعَّالة التى تُسهم بشكل مباشر فى الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين، على غرار المبادرات الرئاسية الناجحة للرعاية الصحية، وتنمية القرى الأكثر فقرًا، والقضاء على العشوائيات، التى مازالت تحظى بإرشادات دولية.
الإصرار الرئاسى على الترجمة الحقيقية للأرقام لتحقيق التنمية الشاملة والاستفادة منها للمجتمع ككل وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، يأتى تفاديا لتجارب مرت بها مصر فى التنمية الاقتصادية فى مرحلة زمنية سابقة فى التسعينيات وبداية الألفية الثانية وحققت معدلات تنمية عالية لامست سقف الـ7% لكنها كانت تنمية ناقصة استفاد منها طبقة معينة ولم تتوزع عوائدها على باقى فئات المجتمع للارتقاء بالمستوى المعيشى وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والقضاء على العشوائيات وتوفير فرص العمل والعدالة فى توزيع الثروة.
فمعدلات التنمية المرتفعة تظل عالقة فى سقف المجتمع ومحصورة فى دائرة اجتماعية ضيقة للغاية، طالما لم تستفد منها الطبقات المستهدفة والمستحقة لها من خلال برامج التنمية المستدامة فى الصحة والتعليم والسكن والبنية الأساسية والثقافة، وبالتالى تبقى الأرقام بلا معنى مثلما حدث فى الماضى القريب.
فالنمو الاقتصادى عبارة عن عملية يتم فيها زيادة الدخل الحقيقى زيادة تراكمية ومستمرة عبر فترة ممتدة من الزمن، بحيث تكون هذه الزيادة أكبر من معدل نمو السكان، مع توفير الخدمات الإنتاجية والاجتماعية وحماية الموارد المتجددة من التلوث، والحفاظ على الموارد غير المتجددة من النضوب.
وفى معنى آخر تتضمن تحقيق معدل نمو مرتفع لمتوسط دخل الفرد الحقيقى خلال فترة ممتدة من الزمن على ألا يصاحب ذلك تدهور فى توزيع الدخل أو زيادة فى مستوى الفقر فى المجتمع، وزيادة الإنتاج بما يوفر السلع والخدمات التى ينتجها الاقتصاد الوطنى باستخدام عناصر الإنتاج الرئيسية وتوظيف كافة موارد الدولة واستغلالها فى دعم وتنشيط الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتوفير الموارد المالية لتلبية احتياجات الشعب.
كما يعرف النمو أيضا على أنه الزيادة فى كمية السلع والخدمات التى ينتجها اقتصاد معين، وهذه السلع يتم إنتاجها باستخدام عناصر الإنتاج الرئيسية، وهى الأرض والعمل ورأس المال والتنظيم، بالإضافة إلى أن النمو الاقتصادى هو الزيادة فى القيمة السوقية للسلع والخدمات التى ينتجها اقتصاد ما على مر الزمن.
ويعتبر أهم متطلب من متطلبات التنمية الاقتصادية هو العدالة الاجتماعية، حيث إن عدم توافرها يؤدى إلى إخلال فى عملية التنمية، وأيضا المشاركة المجتمعية فى عملية التنمية، وذلك بإشراك المجتمع فى قرارات التنمية، وذلك لزيادة تقبل المجتمع للتغير نحو التنمية الاقتصادية.
وبتطبيق ذلك مع مؤشرات وأرقام الاقتصاد المصرى التى أعلن عنها وزير المالية الدكتور محمد معيط، نجد أن التوقع بتحقيق نمو 6.4%، يعنى أن الاقتصاد المصرى، وبالمعنى الشامل للتنمية الاقتصادية واستمرار الجهد الحكومى المتوازن على الاستمرار بنفس الوتيرة لرفع معدلات الإنتاج والاستثمار وإطلاق المشروعات القومية الكبرى وتقليص العجز الكلى إلى 6.2%، وخفض حجم الدين العام للناتج المحلى إلى 80%، يعنى أن مصر فى العام 2022 قادرة على تحقيق معدل النمو السحرى الـ7% للانطلاق نحو قائمة أفضل الاقتصادات فى العالم.
فالتكليفات الرئاسية باستدامة تقليل عجز الموازنة، وخفض حجم الدين للناتج المحلى، ورفع معدلات النمو الاقتصادى، يعنى وبشكل واضح تعظيم الإيرادات العامة للدولة، وهو ما يمكنها من تلبية احتياجات المواطنين بزيادة أوجه الإنفاق على التنمية البشرية بمحوريها: الصحة والتعليم، باعتبارهما الركيزة الأساسية لبناء الإنسان المصرى، وبهما يتحقق التقدم الاقتصادى، وحتى تكون هناك فرصة لتحسين الأجور والارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، وتوفير الاعتمادات المالية المقررة لتحسين الخدمات العامة، وتيسير الحصول عليها بقيمتها الفعلية.
مصر قادرة على تحقيق نسبة التنمية المنشودة وفقا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى ومشروعها التنموى بحزمة إجراءات إضافية تعمل على تحسين الأداء الحكومى مثل برنامج الحوكمة والشمول المالى والتحول الرقمى فى كل الخدمات بما يضمن إرساء دعائم الحوكمة المالية والإدارية والنزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص من خلال ميكنة الخدمات الحكومية، والإجراءات والإدارات الضريبية والجمركية.
الاستقرار الأمنى والسياسى وتوافر الإرادة السياسية القوية لمواصلة الإصلاح الاقتصادى وفقا لخطة استراتيجية واضحة، كلها عوامل داعمة للنجاح وتحقيق أرقام ومؤشرات اقتصادية مبهرة للمؤسسات الدولية المعنية مثلما حدث فى الأعوام الأربعة الماضية.
العام المالى الجديد سوف يشهد العديد من الإصلاحات الهيكلية العميقة، التى تُسهم فى تهيئة مناخ الاستثمار وتشجيع المستثمرين؛ بما يدفع القطاع الخاص لقيادة قاطرة النمو الاقتصادى، ويدعم التحول إلى الأنشطة الإنتاجية، والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التحويلية، وكما يؤكد الخبراء فعندما يزيد معدل الدخل الصناعى فى الناتج المحلى هنا يصبح معدل النمو حقيقيا وله معنى ودلالات إيجابية كثيرة فى توفير فرص العمل وخفض معدلات البطالة ورفع معدلات الادخار وتحسين مستوى الدخول.
بالتأكيد ومع استقرار الأوضاع الداخلية، فنحن أمام مستوى جديد من الأداء الاقتصادى المصرى الذى دخل مرحلة أخرى للنمو ليجنى المواطنين ثمار النجاح بعد سنوات الصبر والتحمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة