نظمت كلية الإعلام جامعة القاهرة اليوم الأربعاء، حلقة نقاشية تحت عنوان "الدراما ونصر أكتوبر..ملحمة العبور والبناء"، وذلك بحضور عدد من أبطال حرب أكتوبر، تحت رعاية الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، والدكتورة هويدا مصطفى عميدة كلية الإعلام، وإشراف الدكتور حنان جنيد وكيلة الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
وشهدت الحلقة النقاشية، كوكبة من الخبراء والمثقفين والنقاد الفنيين، وهم لواء محى نوح بطل المجموعة 39 قتال بقوات الصاعقة، وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، والذى تناولت بطولته فى الحرب عدد من الأعمال السينمائية، وإبراهيم حجازي الكاتب الصحفى الكبير وأحد الضباط فى حرب أكتوبر، والكاتبة والناقدة الفنية ماجدة خير الله، ود. مروة ياسين زميل كلية الدفاع الوطنى ووكيل كلية الإعلام جامعة بنى سويف سابقا، ومشاركة الصحفى محمد الشافعي، الكاتب والمؤرخ السياسي.
وفى بداية كلمتها قدمت الدكتورة هويدا مصطفى عميدة الكلية الشكر لضيوف المنصة المشاركين فى الحلقة النقاشية، موضحة أن كلية الإعلام استضافت ندوة اليوم للاحتفال بالذكرى 47 لانتصار حرب أكتوبر، ومناقشة النماذج المشرفة المعبرة عن روح أكتوبر، مشيرة إلى أن الإعلام والأعمال الدرامية دائما هى مصدر لتوثيق الأحداث الفاصلة فى عمر الأوطان وأنها المعبر عنها دائما.
وأشارت عميدة الكلية إلى أن الحلقة النقاشية التى تستضيفها كلية الإعلام تميزت بمشاركات عدد من أبطال حرب أكتوبر، واستجابتهم لدعوة الحضور، موضحة بأن حرب أكتوبر وانتصاراتها لا يمكن أن يتناوله الإعلام بمعزل عن صناع هذا النصر من قيادات وجنود الحرب، ممن كانوا أداة فاعلة فى توثيق أحداث تلك الفترة المهمة من عمر الوطن.
وقالت الدكتورة حنان جنيد، إن نصر أكتوبر ملحمة عبرت عن صمود الشعب المصرى فى وجه الهزيمة ، والإعلام كان أحد العوامل التى ارتكن لها صانع قرار الحرب، منوهة إلى أن وكالة كلية الإعلام جامعة القاهرة تسعى دوما لرصد دور الإعلام المجتمعي، لأجل تعزيز دور الإعلام ورفع الروح المعنوية للمواطن، لاسيما وأن الإعلام كان أحد أهم الأدوات التوثيقية لقرار الحرب.
بدوره وخلال مشاركته، استعرض اللواء محى الدين نوح، قائد المجموعة 39 عمليات، وأحد أبطال نصر أكتوبر، ذكريات انضمامه للعمل الحربى داخل القوات المسلحة فى الكلية الحربية، وقال أنه كان أحد المشاركين فى تأسيس المجموعة 103 قتال، والتى كان من ضمن صفوفها الشهيد محمد المنسي، والتى تحارب المجموعات الإرهابية حاليا فى سيناء، مشيرا إلى أن القوات المسلحة وتاريخ حرب أكتوبر يزخر بالعديد من البطولات، والتى من بينها قيام مجموعته 39 بتنفيذ 92 عملية قتالية ضد القوات الإسرائيلية، كانت فى سيناء وفى قلب تل أبيب، وأن هذه العمليات توجت بأول أسير إسرائيلى وهو يعقوب روئيل فى حرب الاستنزاف.
وأشار "لواء المجموعة القتالية 39"، إلى أن القوات المسلحة قدمت نماذج لتدريبات قتالية، حاكت ما كان لدى العدو الإسرائيلى حينها، موضحا أن القيادة السياسية تحت رعاية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كانت تعمل دوما على رعاية الجنود والاستماع لشروح كيفية تنفيذ العمليات القتالية وتقييم ملاحظاتها بدقة، موضحا بأنه التقى الرئيس جمال عبد الناصر والذى استمع لبطولات تلك المجموعة القتالية التى استطاعت تدمير العديد من المواقع العسكرية للعدو الإسرائيلى فى قلب سيناء وفى الأرض المحتلة.
وكشف اللواء محى نوح عن إحدى العمليات الحربية السرية التى قامت بها المجموعة القتالية 39، والتى كان منها تدمير مطار الطور، خلال حرب الاستنزاف، والذى كان مستعدا فى ذلك الوقت لاستقبال رئيسة الوزراء الإسرائيلى جولدا مائير.
وخلال كلمته قال إبراهيم حجازى عضو مجلس الشورى، وأحد أبطال حرب أكتوبر، إن ما تم من بطولات فى حرب الاستنزاف والتى تجاوزت 500 يوم قتال، تشى بالكثير عن استعدادات مصر للحرب، منوها إلى أن الإعلام المصرى كان محفزا على استعادة الأرض ورفض فكرة الاستسلام أول القبول بمنطق الأمر الواقع وبفكرة الهزيمة والعيش على أرض الوطن دون قتال، حسب قوله.
وأشار الكاتب الصحفى ، إلى أن الإعلام فى فترة الاستعداد لحرب أكتوبر كان له دور كبير فى تكملة مشهد الاستعداد والتحضير لحرب أكتوبر، حيث تم استخدامه فى خطة الخداع الاستراتيجى للحرب لأجل تضليل العدو، وأن الإعلام بكافة أدواته ساهم مع إبداع الأعمال الدرامية وما قدمه صناع السينما لتوثيق فترة الحرب وما قبلها.
وخلال مداخلته، عبر الكاتب الصحفى محمد الشافعي، ، عن بالغ سعادته وتقديره لاستضافة كلية الإعلام الحلقة النقاشية، موضحا أن مصر لم تهزم فى حرب 1967، لأن مصر لم تخض حربا بالمعنى الحرفى بل تعرضت لمؤامرة، مضيفا بأن مصر لم تقبل بفكرة الانسحاب والوقوف أمام قطعة ثمينة من الأرض المصرية، موضحا بأن الرئيس عبد الناصر بدأ فى تكليف القيادات العسكرية الجديدة لقيادة الجيش المصرى من 11 يونيو 1967، منوها إلى أن الإعلام الصهيونى يروج لهذه الأكذوبة المتعلقة بهزيمة الجيش المصرى فى عام 1967 وهو خلاف حقيقة الأمر.
ولفت "الشافعى، إلى أن تناول معركة "رأس العش" فى الأعمال السينمائية والدرامية القادمة، والتى تعد من أمهات معارك حرب الاستنزاف والتى يشار إليها بالبنان عند ذكر وتسطير بطولات حرب أكتوبر، موضحا بأن هذه المعركة أوضحت مدى وحقيقة القدرات القتالية موضحا بأن خسة القوات الإسرائيلية فى الحرب كانت بضرب المدنيين، وذلك لتلافى روح الهزيمة التى نالت من القوات المحتلة الإسرائيلية، حسب تعبيره.
وقال إن القوات المصرية خلال حرب أكتوبر وضعت خطة استراتيجية وهى تدمير العدو فى عمقه الاستراتيجي، وأن القوات المصرية قامت ببناء نماذج المحاكاة القتالية التى كانت تستهدف الاستعداد لساعة الحرب، التى أطلقها الرئيس أنور السادات، موضحا أن ما سبق توضيحه من بطولات ظهر فى العديد من الأعمال الدرامية التى كشفت عن تفاصيلها المخابرات المصرية وتم انتاجها فى عدة أعمال درامية نالت استحسان وإشادة أبطال حرب أكتوبر، ممن شهدوا على واقعية ما تم انتاجه تلفزيونيا فى الأعمال السينمائية.
وأضاف "الشافعي" بأن الصهاينة فى عام 1967 كانوا يريدون ابتعاد مصر عن حضن العالم العربي، وأن الرئيس جمال عبد الناصر رفض ذلك، وقال إن استعادة الأرض ستكون من منطلق القوة العسكرية وعدم الانصياع لفكرة قبول الهزيمة، أو الابتعاد عن تبنى القضية العربية الفلسطينية، وهو ما ظهر جليا فى استعادة الروح القتالية المصرية بإنشاء حائط الصواريخ المصرى عام 1970، والذى يعد من أهم الجهود الحربية، والتى ظهر فيها تميز المقاتل المصري، واسقاط منظومة تفوق الطيران الإسرائيلي، لافتا إلى أن العقيدة القتالية المصرية كانت ولا تزال تعلى من قيمة الأرض المصرية، والذود والدفاع عنها والسلام فقط من منطق القوة والكرامة، موضحا بأن حرب سيناء خير شاهد ودليل على ذلك.
وخلال الحلقة النقاشية تم عرض جزء من فيلم الممر، وعقبت ماجدة خير الله، الناقدة الفنية والكاتبة الصحفية، بأن الأعمال السينمائية والدرامية أبرزت الحالة النفسية للمحاربين على الجبهة فى سيناء وبين المواطنين المدنيين، موضحة أن الأعمال السينمائية كشفت بتميز عن هذه الحالة النفسية وعبرت عن السياق المجتمعى وقامت بتأصيله وهو ما عمق من ثراء ذاكرة الحرب الدرامية التليفزيونية.
وذكرت الناقدة الفنية أن مواجهة العدو المحتل ظهر فى الأعمال السينمائية رغم بعض الانتقادات مثل عدم إعطاء جدية لشخصية المحارب العدو ووضعها فى قالب الاستهزاء والسخرية، وذكرت أن فيلم الممر قدم نموذجا للعمل السينمائى الناجح، الذى قدم صورة واقعية لقدرات الأعداء لإظهار قيمة النظر والتفوق فى حرب أكتوبر، حيث قام صناع الفيلم بالتجسيد الواقعى للجانب الحربى والجانب المجتمعى والسياق المتعلق بظروف الحرب، كما قدم الشخصيات وحالتها النفسية بصورة واقعية.
وقالت الدكتورة مروة ياسين زميل كلية الدفاع الوطنى ووكيل كلية الإعلام جامعة بنى سويف سابقا، إن حرب أكتوبر قامت بسبب معنى كبير هو حب الوطن، والتعرف على العدو والتحضير والاستعداد له بكامل قوتها، لافته إلى أن الموقف الحالى هو ضرورة الاستعداد لحرب الوعى والمعرفة ومحاربة التضليل الذى يستخدمه العدو حاليا للتعتيم على انتصار أكتوبر وصناعة الزيف بتحقيق الهزيمة للجيش المصرى عام 1967، موضحة بأن الأعمال السينمائية هى نبض الأمة وذاكرة التاريخ وأن انتاج هذه الاعمال التى تستعرض البطولات الوطنية يجعل هناك مقاومة ضد محاولات تزييف العدو للتاريخ الماضى والحاضر.
وشهدت الندوة مداخلة تعقيبيه، مع اللواء د. حماده هندي، قال فيها أن الإعلام الإسرائيلى يسعى لتزييف التاريخ الحربى للأجيال الجديدة واستغلال المنصات الإعلامية الاجتماعية فى إقحام الأكاذيب وتصنيعها، وأن المهمة الوطنية الآن هى محاربة أى محاولة للنيل من تاريخ الحرب التى شهد العالم فيها بتفوق مصر العسكرى وفى معركتها للسلام واستعادة الأرض والكرامة.
من جانبها وفى مداخلتها الإليكترونية، أشادت د. منى الحديدى عضو الهيئة الوطنية لتنظيم الإعلام، بجهود الدولة والتى فتحت التاريخ أمام كاتبى الأعمال الدرامية، وكشفت البطولات الملحمية لجنود القوات المسلحة، موضحة بأن تلك البطولات المصرية تحتاج دوما إلى الإبراز بالأدوات الإعلامية التى تحاكى متطلبات العصر وتتوافق مع تفضيلات الجمهور.
وقال الدكتور على عجوة أستاذ الإعلام فى جامعة القاهرة، إن الجهود التاريخية فى توثيق حرب أكتوبر كانت مفتاحا أساسيا للأعمال الدرامية، وأن مرحلة الاستنزاف فى تاريخ الحرب المجيدة شهدت إعلاء الإعلام لقيم التفانى والتضحية من أجل الوطن، وأنها ساعدت على إذكاء الروح الدينية ورفع الروح المعنوية لجنود الجيش، وتسجيل البطولات.
وفى تعقيبه على المناقشة اكد د. بركات عبد العزيز الأستاذ بقسم الإذاعة والتليفزبون أن حرب اكتوبر تجلت فيها عبقربة الشعب المصرى، وصموده، ووقوفه خلف قيادته لتحقيق النصر، واشاد بدور الرئيس الراحل أنور السادات فى معركتى العبور والسلام، وحكمته فى تقدير المواقف داخليا وخارجيا، كما تحدث عن الضربة الجوية خلال حرب اكتوبر، وبطولة قادة القوات الجوية، وشدد على أهمية الدور الشعبي، واعتزازنا بوطننا مصر.
وفى تعقيب له قال د. محمد منصور هيبه المستشار الإعلامى لجامعة القاهرة ، أنه التقى فى بداية عمله الصحفى بالأهرام بعدد من رموز حرب أكتوبرمنهم الفريق كمال حسن علي، والفريق احمد بدوى والفريق عبد الحليم ابوغزالة، والذين كانوا رموزا كبيرة فى حب الوطن والذود عن ترابه وحماية مقدراته.
وفى نهاية الحلقة النقاشية عبرت الدكتورة هويدا مصطفى عن بالغ شكرها للحضور من المشاركين على المنصة أو من الحضور الذى شهد مشاركة طلاب من جامعة الأزهر فى الحلقة النقاشية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة