قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فرضت إدارة الرئيس دونالد ترامب ( 8 أكتوبر) عقوبات اقتصادية تستهدف 18 مصرفًا إيرانيًا في أحدث حلقة من سياسة الضغط الأقصى التي تتبعها الإدارة الأمريكية في مواجهة طهران منذ انسحابها من خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي مع إيران" في 2018 ، وبعد نحو شهرين من فشلها في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بتمديد حظر توريد الأسلحة المفروض على إيران إلى أجل غير مسمى ( 14 أغسطس).
مارست الولايات المتحدة على مدار الولاية الأولى سياسة الضغط الأقصى، حيث أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بيانًا أعلنت فيه تصنيف القطاع المالي بالاقتصاد الإيراني وسيلة إضافية لتمويل الأنشطة الخبيثة، وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة عقوبات على 16 مصرفًا إيرانيًا للعمل في القطاع المالي الإيراني وبنك واحد لكونه تابعًا لبنك إيراني خاضع للعقوبات، وتم تصنيف بنك إيراني مرتبط بالجيش.
كما حاولت الولايات المتحدة تمديد حظر توريد الأسلحة المفروض على إيران من قبل الأمم المتحدة والذي من المفترض أن ينتهي ( 18 أكتوبر) وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2231 لعام 2015 ، ولكن جاء تصويت مجلس الأمن رافضًا لهذا المسعى، ومن ثم أكدت واشنطن عزمها إعادة فرض العقوبات على إيران من طرف واحد بفعل آلية "سناب باك" التي نصت عليها خطة العمل الشاملة المشتركة.
المسار البديل الذي كان متوقعًا اتخاذه من قبل واشنطن لاستمرار الضغط الأقصى على طهران ومنعها من إبرام صفقات أسلحة ضخمة بعد انتهاء حظر توريد الأسلحة هو فرض العقوبات الُأحادية على طهران، ومن ثم تأتي العقوبات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت النظام المالي الإيراني في هذا الإطار، نحو تقويض قدرات الاقتصادالإيراني وعزله عن النظام المالي الدولي.
وكان اتبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه الحكم عام 2017 سياسة مناوئة لإيران بانسحابه من الاتفاق النووي وفرض العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني بشكل موسع مستهدفًا كافة قطاعات الاقتصادالإيراني الذي بات يرزح تحت أزمات صعبة.
أهداف العقوبات الأمريكية
وتهدف إدارة ترامب من العقوبات الأخيرة إيصال عدة رسائل للناخبين الأمريكيين قبيل التوجه إلى صناديق الاقتراع 3 نوفمبر مفادها أن سياسة الضغط الأقصى ضد إيران التي أفقدت نظام طهران كثيرًا من قوته وقدرته على زعزعة الأمن والسلم الإقليمي والدولي – حسب رأي الجمهوريين - مستمرة إذا ما أُعيد انتخاب ترامب لفترة رئاسية جديدة، وأنها هي التي ستُجبر النظام الإيراني على التراجع واللجوء إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن، وأن ذلك ما سيتحقق في ولايته الجديدة.
وتهدف الإدارة الأمريكية من وراء العقوبات تضييق الخناق على النظام الإيراني واقتصاده المُنهار وغلق أي منفذ يمكن لطهران الحصول على إيرادات ومن ثم خفض الإيرادات المالية إلى وكلاء طهران في المنطقة عبر الحرس الثوري الإيراني الذي ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن تمويله ارتفع بمقدار الثلث خلال العامين الماضيين، وصولًا إلى تحجيم عملياتها المزعزعة للاستقرار.
سيناريوهات الرد الإيرانى
بيد أن الوضع الراهن قد يدفع طهران إلى سيناريو آخر، ففي ضوء المواجهة المندلعة على الأراضي العراقية مع الميلشيات المسلحة التابعة لإيران التي تستهدف المصالح الأمريكية في العراق بصورة دورية مما أدى إلى تلويح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بسحب البعثة الدبلوماسية الأمريكية من بغداد وغلق السفارة، يمكن أن تزيد هذه العقوبات الأخيرة من نشاط هذه الميلشيات الإيرانية في العراق لاستهداف المصالح الأمريكية والدولية، وزعزعة تصورات الإدارة الأمريكية الجمهورية أمام الناخبين الأمريكيين والعالم حول الاستقرار وأمن المصالح الأمريكية في المنطقة.
وبينما تنجح واشنطن من خلال العقوبات التي استهدفت البنوك الإيرانية في تعميق الأزمة الاقتصادية وزيادة معاناة الإيرانيين المعيشية والاقتصادية ومن ثم زيادة الغضب الشعبي ضد النظام الإيراني، وإعاقة تنفيذ مخططاته في إبرام صفقات أسلحة ضخمة مع كل من روسيا والصين، فإن هذه العقوبات تدفع نظام طهران إلىتعميق تحالفه مع موسكو وبكين على الصعيدين الاقتصادي والأمني وبصورة أكثر عمقًا من صفقات التسليح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة