كشفت وثائق الخارجية الأمريكية المفرج عنها بقرار من الرئيس ترامب، والتي تخص هيلاري كلينتون حينما كانت وزيرة للخارجية ما بين يناير 2009 وفبراير 2013، عن تعاون وثيق بين إدارة أوباما ومحمد مرسي عضو مكتب إرشاد تنظيم الإخوان وذلك قبل وأثناء توليه منصب رئيس الجمهورية، وأن السفارة الأمريكية في القاهرة لعبت دور ضابط الاتصال بين القيادي الإخوانى والإدارة الأمريكية.
الوثيقة رقم C05739624 التابعة لحقيبة الوثائق رقم 04841-2015-F بسجلات الخارجية الأمريكية تتضمن مراسلات السفارة الأمريكية عن مرسي، إذ تفيد أن القيادي الإخواني كان على اتصال مع السفارة الأمريكية منذ صيف عام 2011 على الأقل، وذلك قبل تأسيس حزب الحرية والعدالة –المنحل– الذراع الحزبي لتنظيم الإخوان ما بين عامي 2011 و2013، وكان مرسي على رأس الحزب قبل توليه رئاسة الجمهورية.
اتصالات مرسي مع السفارة قبل رئاسة الحزب وبعده كانت سيًلا من المعلومات عن لقاءاته مع الساسة والنخب المصريين وإبلاغ السفارة الأمريكية أوًلا بأول عن تفاصيل تلك اللقاءات وطلب المشورة الأمريكية، ولاحقا حينما أصبح رئيسا للحزب وجرت لقاءات بين رؤساء الأحزاب ورجالات المجلس العسكري الحاكم في مصر وقتذاك، قام مرسي بإبلاغ السفارة الأمريكية وإدارة أوباما بكافة تفاصيل لقاءاته مع ضباط المجلس العسكري وباقي رؤساء الأحزاب المصرية.
وعقب توليه رئاسة الجمهورية لم تتوقف مشاورات مرسي مع الإدارة الأمريكية، والملاحظ أن البرقيات الأمريكية المتتالية تصف المباحثات بـ "السرية" ما يعني أنها جرت بعيدا عن أعين الإعلام والدوائر الدبلوماسية الرسمية مثلما ظن الجانبان الأمريكي والإخوانى.
وعكس الدعوات الإخوانية لإقامة استفتاء شعبي على اتفاقية السلام مع إسرائيل ورفضها تلك الاتفاقية والهجوم عليها في كافة المنابر الإعلامية والسياسية ما بين عامي 1977 و2012 ، يبلغ مرسي إدارة أوباما أن موقف الإخوان معتدل من إسرائيل والعالم غير الإسلامى مقارنة بأي تنظيم إسلامي آخر، مشيًرا إلى الحركات السلفية.
وقال مرسي نصا لأحد مسؤولي السفارة الأمريكية: "أن نجاح أو فشل نظامه مرتبط بشكل مباشر بقدرته على إقامة دولة إسلامية معتدلة يمكن أن تعمل مع مصالح الأعمال الغربية".
وفى 13 سبتمبر 2012 أبلغ مرسي السفارة الأمريكية بأنه بدأ يشعر بأنه يفقد السيطرة على الوضع السياسي في مصر على ضوء بدء التظاهرات الشعبية ضد حكمه، وللمفارقة فإن مرسي الذي استنجد بالأمريكان عقب 70 يوًما فحسب من بدء حكمه طالًبا المساعدة بسبب انفلات الاستقرار السياسي من يده، كان يخرج في المؤتمرات الرئاسية وقتذاك متحدًثا للشعب عن الاستقرار ومشروع المئة يوم ومشروع النهضة الجاري تنفيذه.
وحاول مرسي خداع الإدارة الأمريكية بالقول إن التظاهرات الشعبية التي جرت لم تكن ضد حكومته ولكن ضد سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، وأن الإسلاميين الراديكاليين في حزب النور متورطين في محاولة لتحويل السلفيين إلى فزاعة للسفارة الأمريكية، وأن الحل هو دعم أمريكا لحكومة الإخوان حتى لا تسقط الحكومة الإسلامية في يد الراديكاليين الإسلاميين، بينما يتضح من الوثيقة أن السفارة الأمريكية ترصد علاقات مرسي بحزب النور، مشيرة في نص منفصل أن مرسي تأخر في إدانة العمل الإرهابي بحق القنصلية الأمريكية في بنغازي مراعاة لعلاقاته مع حزب النور.
وتكشف الوثيقة أن مرسي بصفته قياديا إخوانيا قد نسق مع الرئيس الليبي المدعوم من الإخوان محمد المقريف والذي ترأس ليبيا ما بين أغسطس 2012 ومايو 2013، ونسقت الإدارة الأمريكية في تعضيض دعم إخوان مصر لإخوان ليبيا من أجل تنفيذ اجندة أوباما بتسليم دول الشرق الأوسط إلى قوى الإسلام السياسي سواء تنظيم الإخوان بنسخته المحلية أو التنظيم الدولي إضافة إلى تركيا وقطر وإيران، وثلاثتهم شارك اخوان مصر في دعم اخوان ليبيا.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تكشف وثيقة أمريكية عن اتصال مرسي بالسفارة الأمريكية حيث سبق ونشر موقع ويكيليكس في ديسمبر 2010 وثيقة من الخارجية الأمريكية تكشف لقاءات عقدها مرسي مع السفارة الأمريكي لسرد تفاصيل لقاءاته حول بعض الملفات التي تهتم بها السفارة الأمريكية. ويعود تاريخ تلك الوثيقة إلى عام 2008 في زمن إدارة جورج بوش الابن.
يمكن القول إن وثيقة الخارجية الأمريكية المفرج عنها في أكتوبر 2020 عن تعاون مرسي حينما كانت رئيسا للجمهورية مع الإدارة الأمريكية ونقل أسرار عسكرية وسياسية وحكومية بالمخالفة للقانون والدستور المصري كانت تكفل محاكمة سريعة ومضمونة بتهمة الخيانة العظمى، ولكن قانونيا لا يمكن محاكمة شخص رحل عن عالمنا في 17 يونيو 2019.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة