عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مقره في البيت الأبيض بعد تسعة أيام مليئة بالأحداث الدرامية بداية من إعلانه الإصابة بفيروس كورونا، ونقل إثرها جوا إلى مستشفى والتر ريد العسكري القريب من واشنطن، حيث عولج باستخدام عقاقير وأمصال اختبارية وخرج لتحية مؤيديه المتجمهرين خارج المستشفى بينما كان لا يزال مريضا.
وحاولت هيئة الإذاعة البريطانية في تقرير لها الإجابة عن السؤال الأهم "كيف أصيب بالفيروس وهل شفي منه"، والإجابة أنه لا يوجد معلومة مؤكدة ودقيقة عن الوقت الذي أصيب به ترامب بعدوى الفيروس ولا بالكيفية التي أصيب بها، ففي الساعات الأولى من 2 أكتوبر، كتب ترامب علي حسابه بموقع "تويتر" إن نتيجة فحص فيروس كورونا الذي أجري له في اليوم السابق كانت إيجابية، وبما أن أعراض مرض كوفيد-19 لا تظهر في العادة إلا بعد مضي فترة تتراوح بين يومين وأسبوعين من وقت الإصابة بالعدوى، فمن الصعب تخمين الموعد الحقيقي لإصابة ترامب.
ويرفض طبيب ترامب الخاص، الدكتور شون كونلي، الإفصاح عن تاريخ آخر فحص سلبي أجري للرئيس، مما يثير أسئلة كثيرة تتعلق بما إن كان ترامب يخضع للفحص بشكل يومي أم أن هذه الفحوص كانت تجرى له في فترات أكثر تباعدا - مما يثير التكهنات بأنه ربما أصيب قبل التاريخ المعلن.
ومما زاد من حالة الغموض والشك التصريح الذي أدلى به الطبيب كونلي يوم السبت الثالث من أكتوبر ، والذي قال فيه إن مرض ترامب شخّص "قبل 72 ساعة" - أي يوم الأربعاء وليس يوم الخميس كما قيل من قبل. وإضطر البيت الأبيض إلى توضيح الأمر بالقول إن الطبيب أخطأ فيما قاله.
وتوالت التصريحات المتناقضة والمثيرة للحيرة حول وضع ترامب الصحي، إذ أدلى مدير مكتبه بتصريح أكثر تشاؤما مما كان يقوله الأطباء مما أثار تساؤلات حول ما اذا كان الرئيس يعاني من المرض لفترة أطول مما كان يلمح إليه المسؤولون، أما ترامب، فلم يقل سوى "دخل أحدهم، فأصيب الكثيرون بالعدوى"، دون أني يدلي بمزيد من التفاصيل.
ففي 26 من سبتمبر، أعلن ترامب عن اختياره القاضية أيمي كوني باريت لتكون عضوة في المحكمة العليا، وذلك أمام حشد بلغ عدده نحو 200 من المدعوين تجمعوا في حديقة الزهور في البيت الأبيض، وقد أثبتت الفحوص أن ترامب وعدد كبير من أفراد حاشيته الذين حضروا ذلك التجمع أصيبوا بالفيروس رغم أننا لسنا متأكدين من الأماكن التي التقطوا العدوى منها- إن كان التجمع نفسه أو أي مكان آخر.
جرافيك عن الحفل
ووصف الدكتور أنتوني فاوتشي، العضو في فريق البيت الأبيض الخاص بمواجهة فيروس كورونا، التجمع المذكور بأنه كان عبارة عن "مناسبة انتشار خارق" للفيروس، مشيرا إلى أن الحاضرين كانوا قريبين من بعضهم البعض وأنهم لم يكونوا يرتدون كمامات.
فهناك عدد متصاعد من المسؤولين الحكوميين البارزين والمساعدين العاملين في البيت الأبيض أثبتت الفحوص إصابتهم بالفيروس، بمن فيهم قرينة ترامب ميلانيا ومساعدته هوب هيكس وعدد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، كما أثبتت الفحوص إصابة السكرتيرة الصحفية كيلي مكيناني وثلاثة على الأقل من أعضاء المكتب الصحفي في البيت الأبيض بالعدوى.
المصابين بكورونا في البيت الابيض
وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، البالغ من العمر 78 عاما، إنه لم يزر البيت الأبيض منذ شهر أغسطس الماضي بسبب الطريقة التي تعاملت بها إدارة ترامب مع تفشي وباء كوفيد-19.
ورغم أن التعليمات الأمريكية الرسمية تنصح بارتداء الكمامات والابتعاد عن الآخرين بمسافة مترين خارج المنازل، لم تطبق هذه النصائح في البيت الأبيض بشكل صارم أو دائم، وعوضا عن ذلك، كان مسؤولو البيت الأبيض يعتمدون على إجراء فحوص سريعة للتأكد من سلامة الموظفين والزائرين من الإصابة بالفيروس.
يذكر أن التجمعات الكبيرة، كالذي جرى في حديقة الزهور في البيت الأبيض، محظورة في العاصمة واشنطن بسبب انتشار الفيروس، ولكن المباني الفدرالية - كالبيت الأبيض - مستثناة من هذا الحظر.
أما عن سر الدواء الذي تناوله ترامب، والذي قضى ثلاث ليالي فقط وهو يتناولها من يوم الجمعة الثاني من أكتوبر إلى يوم الإثنين الخامس منه - وهو يخضع للعلاج في مركز والتر ريد الطبي، حيث قال الفريق الطبي المشرف على علاجه إنه أعطي عن طريق الوريد عقارات ريمديسفير المقاوم للفيروسات وريجينيرون (وهو خليط من الأجسام المضادة) وعقار ديكساميثازون (من عائلة الستيرويدات)، علاوة على أدوية ومواد مساعدة أخرى. كما عولج بغاز الأوكسجين.
أما العقار الثالث الذي أعطي لترامب، وهو عقار ريجينيرون (وهو اسم الشركة التي تنتجه) والذي يعتمد على الأجسام المضادة، فما زال يصنف كعلاج قيد الاختبار - مما يعني أن ترامب كان واحدا من حفنة من الناس الذين استخدم معهم من خارج مجال الاختبارات السريرية.
و عاد ترامب بعد أيام قليلة ليؤكد أنه بصحة جيدة، حيث قال في مقابلة أجرتها معه شبكة فوكس الإخبارية في وقت متأخر من يوم الخميس إنه "يشعر أنه يتمتع بصحة جيدة"، كما حضر تجمعا أقيم في البيت الأبيض يوم السبت، كما أكد إنه توقف عن أخذ معظم "الأدوية"، ولكنه ما زال يواظب على أخذ الستيرويدات وإنه سيخضع "قريبا" للفحص مرة أخرى.
وقال مدير مكتبه مارك ميدوز إنه تم اعتماد إجراءات سلامة جديدة، وإن كل الذين تواصلوا مع ترامب كانوا يرتدون "معدات وقاية كاملة، بما فيها الكمامات والنظارات الوقائية وغيرها".
ودعت مذكرة صدرت في البيت الأبيض يوم الإثنين إلى خفض الوجود في الطابق الأول من الجناح الغربي وفي جناح إقامة الرئيس، وبوجوب التقيد بإجراءات صارمة تتعلق بارتداء المعدات الواقية واستخدام منظفات الأيدي وعدم الاقتراب من الرئيس بمسافة تقل عن المترين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة