اليوم 14 أكتوبر هو عيد القوات الجوية المصرية بل هو عيد مصر وجيشها الباسل وشعبها الصامد. اليوم هو ذكرى تلقين إسرائيل درسا في فنون القتال الجوى لم ولن تنساه إذا قدر لها البقاء في المستقبل. درسا في معركة جوية اسطورية مازال العالم ومعاهده العسكرية المتخصصة وخبراءه العسكريين يقفون في دهشة وذهول واعجاب أمام المقاتل الطيار المصرى الأسطورة بشجاعته وبسالته وابداعه العسكرى.
14 أكتوبر 73 يوم لن ينساه العالم وسيقف أمامه طويلا لأنه لم يتكرر في تاريخ الحروب العالمية وربما لن يتكرر بعد ذلك. فماحدث هو خروج عن المألوف والتقليدى في المعارك الجوية التي لا تستغرق حسب العلوم والمقاييس العسكرية أكثر من دقيقتين أو ثلاثة دقائق على الأكثر وهو ما يستحق التذكير به للأجيال التي لم تعش تلك اللحظات المجيدة منذ 47 عاما في واحد من أشرس معارك حرب أكتوبر المجيدة عام 73.
معركة المنصورة في الحقيقة لم تنل النصيب الأكبر من الاهتمام الاعلامى والفنى وابرازها كواحدة من البطولات الأسطورية للمقاتل المصرى وقدرته على اذلال العدو وسحقه حتى لو كان في السماء واسقاط اسطورته الجوية التي تفاخر وتباهى بها واعتبرها انها الذراع الطولى في المنطقة فجاء الرد والردع القوى والساحق الماحق من الطيران المصرى والدفاع الجوى الذى جعل إسرائيل بلا أذرعة ولا ارجل حتى.
يأتي يوم القوات الجوية في مناسبة عظيمة ومجيدة.. مناسبة معركة جوية لا مثيل لها فى تاريخ الحروب العالمية منذ إنشاء سلاح الطيران، وهى معركة المنصورة التى استمرت فوق الأجواء المصرية لمدة 53 دقيقة، لتسجل أطول معارك الجو فى التاريخ، وشهدت أول، وربما آخر مواجهات مباشرة بين سلاح الطيران فى قتال مباشر بين طائرة وأخرى.
ظن العدو الاسرائيلى على أنه مازال قادرا على الوصول الى العمق المصرى في الدلتا وطالبت رئيسة وزراء الهزيمة والخيبة جولدا مائير من وزير الحرب والعدوان موشيه ديان أن يفعل شيئا حفاظا على ما تبقى من سمعة إسرائيل التي هوت تحت أقدام جنود مصر ظهيرة يوم السادس من أكتوبر. ديان المهزوم حاول يائسا القيام بأكبر هجوم جوى لتدمير مطارات وسط الدلتا في المنصورة وطنطا والبحيرة
راهن العدو المهزوم على اختراق الأجواء المصرية فوق دلتا مصر فى معركة انتحارية كان الغرض منها تدمير المطارات المصرية، وأنظمة الدفاع الجوى، مثلما حدث فى 5 يونيو67، وهاجم العدو بـ 120 طائرة مقاتلة فى وقت واحد، ودارت أشرس معركة جوية، ولقن سلاح الجوى المصرى العدو درسًا لن ينساه، ورغم التفوق العددى للطائرات الصهيونية، فإن نسور الجو، خاصة قاعدة مطارات المنصورة واجهوا العدو بحوالى 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط، واستطاعوا ببسالة وشجاعة فائقة ومنقطعة النظير هزيمة العدو، وإسقاط 18 طائرة له، مما اضطر باقى طائراته للفرار.
خاضت اسرائيل هذه المعركة بطائرات حديثة، ومن طرازات مختلفة، مثل الفانتوم، والميراج، والسكاى هوك، وكنا نقاتل بطائرات الميج، لكن الفارق كان فى عبقرية الطيار المصرى وابداعه وبسالته وصموده، واستطاعت 7 طائرات ميج مصرية أن تسقط للعدو 17 طائرة حديثة.
هذه المعركة الأسطورية التي أصبحت عيدا للقوات الجوية وعيدا لمصر كلها مازالت تدرس فى أكبر المعاهد العسكرية فى العالم.
ولى رجاء وأمل وأمنية ان نتعامل مع بطولاتنا بالشكل الصحيح، ونحتفل بها كما ينبغى، مثلما يفعل أعداؤنا وأصدقاؤنا أيضًا.. فالدول التى شاركت فى الحرب العالمية الثانية مازالت آلتها السينمائية تنتج أفلامًا تمجد فى بطولات جيوشها وجنودها رغم مرور ما يقرب من 75 عامًا،
أدعو هنا – كما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى- بإنتاج أفلام توثق بطولاتنا للحفاظ على الوعى والذاكرة المصرية وان تصبح هذه المعارك كتبًا ووثائق بين أيدى الأجيال الجديدة وحصص تدرس فى المدارس للتلاميذ فى المرحلة الابتدائية والإعدادية لتشكيل الوعى والحس الوطنى، وبث روح الاعتزاز والفخر بشجاعة وبطولة الجندى المصرى فى معركة الشرف والتضحية والفداء.