أصدرت الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، تقريرًا لها عن الجهود المصرية لإعمال الحق فى الغذاء والذى يوضح الإطار الوطنى لحماية هذا الحق، إلى جانب الجهود التى اتخذتها الحكومة على مستوى السياسات والبرامج التنفيذية لتعزيز إعماله، وذلك بمناسبة احتفال العالم سنويًا منذ عام 1981 بيوم الأغذية العالمى فى السادس عشر من أكتوبر من كل عام.
أولا: الإطار الوطنى لحماية الحق فى الغذاء:
وجاء فى التقرير أن الدستور المصرى نص على حق كل مواطن فى غذاء صحى وكاف، وألزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة، وكفالة السيادة الغذائية بشكل مستدام، كما ألزمها بضمان الحفاظ على التنوع البيولوجى الزراعى وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال القادمة (المادة 79 من الدستور). وتعتبر هذه المادة خطوة مهمة من حيث وضعها للحق فى الغذاء فى إطار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى تلتزم الدولة بها بكافة أجهزتها ومؤسساتها. كما اعتبر الدستور أن الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطني، وألزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها، وتنمية الإنتاج الزراعى والحيواني، وتشجيع الصناعات التى تقوم عليهما. (المادة 29 من الدستور).
وأشار التقرير الى أنه تم إصدار تشريعات بشأن إستصلاح أراضى جديدة، ومنع التعدى على الأراضى الزراعية، ومراكز الخدمات الإرشادية والتدريبية، كما صدر قانون لإنشاء صندوق التكافل الزراعى لتغطية الإضرار الناتجة من الكوارث الطبيعية وغيرها من المخاطر التى تتعرض لها الحاصلات الزراعية لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة. وتم إصدار مجموعة من التشريعات المتعلقة بالأمن الغذائي، أهمها القانون الخاص بإنشاء الهيئة العامة لسلامة الغذاء وقانون حماية المستهلك، وان إستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" تتضمن عدة أهداف ذات صلة مباشرة بتعزيز الحق فى الغذاء، وأهمها: زيادة الرقعة الزراعية، زيادة الإنتاج الزراعى وتحقيق الإكتفاء الذاتى من عدد من السلع الإستراتيجية، حماية الأراضى الزراعية، تطوير التكنولوجيا الزراعية، إنشاء تجمعات للصناعات الزراعية، مراعاة البعد البيئى والتوجه نحو الزراعة المستدامة، تنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.
ثانيا: جهود الحكومة لتعزيز إعمال الحق فى الغذاء
ونوه التقرير الى أن الحكومة تبذل جهوداً متواصلة، وذلك على عدة مسارات متوازية فى سبيل إعمال الحق فى الغذاء ولرفع مستوى الأمن الغذائى فى مصر، أبرزها ما يتعلق بتطوير القطاع الزراعي، وزيادة الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، وزيادة دعم الغذاء خاصة للفئات الأكثر احتياجًا، وتقليل الفاقد والهدر فى الغذاء وزيادة التوعية بأهمية التغذية السليمة، وتحسين جودة المواد الغذائية من خلال تعزيز الرقابة على سلامة الغذاء، متابعا :" تقدمت مصر فى عام 2019 ستة مراكز فى مؤشر الأمن الغذائى العالمي، حيث جاءت فى المركز الـ55 عالميا، بعدما كانت فى المركز 61 خلال عام 2018. كما احتلت مصر المرتبة 23 عالميًا فى مؤشر إتاحة الغذاء بعدما كانت الـ 39 خلال العام 2018، وجاءت فى المركز الـ 50 فى مؤشر جودة وأمن الغذاء بعد أن كانت فى المركز الـ57، زادت القيمة الإجمالية لإنتاج الغذاء فى مصر لما يزيد عن 500 مليار جنيه فى العام المالى 2017/2018 بالمقارنة بـ 305 مليار جنيه فقط فى عام 2013/2014، وهو ما يؤشر على تحسن ملحوظ فى توافر الغذاء فى السوق المحلي، وقد ساهم تحسن نسبة الاحتياطى النقد الأجنبى فى تغطية نحو 6 أشهر من واردات الغذاء فى عام 2019 بالمقارنة بأقل من 2.5 شهر فى عام 2012 ، وقد ساعد ذلك على ضمان استقرار واردات السلع الأساسية. والجدير بالذكر أن هذا التحسن جاء كنتيجة لتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى عقب الإصلاحات الاقتصادية التى نُفذت بين عامى 2016 و2019. ويستهدف برنامج عمل الحكومة (2018-2022) تحقيق أعلى درجة ممكنة من الإكتفاء الذاتى فيما يخص توفير سلع الغذاء الرئيسية".
وفيما يلى إستعراض لأبرز المنجزات فى عدة محاور ذات الصلة بإعمال الحق فى الغذاء:
تطوير القطاع الزراعي:
تم رفع نسب الاكتفاء الذاتى من الحاصلات الزراعية الهامة، والتوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية الداعمة للأمن الغذائي
بلغت نسبة مساهمة القطاع الزراعى فى الناتج المحلى الإجمالى لعام 2019 ما يقرب من 12%.
يستهدف برنامج عمل الحكومة المصرية (2018-2022) زيادة إجمالى المساحة المحصولية الى ما يقرب 18 مليون فدان، ورفع مستويات إنتاجية الفدان من مختلف المجموعات ما بين 15% و25%.
تم إطلاق المشروع القومى لاستصلاح المليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولى من إجمالى مستهدف قدره أربعة ملايين فدان بما يكفُل نمو الناتج الزراعى ويشتمل هذا المشروع على توجه زراعى-صناعى متكامل لمحاصيل محددة وخضروات وفواكه محددة.
اتخذت الحكومة إجراءات حاسمة لمنع التعدى على الأراضى الزراعية.
حرصت الحكومة على زيادة الرقعة الزراعية تعوّيضا لما تفقده مصر جرّاء التجريف والتوبير والزحف العمراني، حيث تم إنشاء شركة تنمية الريف المصرى الجديد، وهى مختصة باستصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان، كما تعمل على انشاء مجتمعات جديدة مستدامة قائمة على الزراعة فى الأراضى الجديدة وفق منهج علمى وفنى واقتصادي.
ارتفع متوسط نصيب الفرد من الحبوب خلال السنة من 221.1 كيلوجرام عام 2012 الى 244.9 كيلوجرام عام 2018، وارتفع متوسط نصيب الفرد من القمح من 122.5 كيلوجرام عام 2012 الى 155.2 كيلوجرام عام 2018
يعد المشروع القومى للصوامع أحد المشروعات القومية الذى أولته الحكومة اهتماماً خاصاً، وذلك نظراً لأهمية القمح كسلعة غذائية استراتيجية، ويتضمن المشروع إنشاء 50 صومعة عملاقة لتخزين القمح والغلال وفقا لأحدث نظم تكنولوجيا التخزين يتم تنفيذها وانشاؤها فى 17 محافظة. وقد زادت القدرة التخزينية من القمح إلى 301 مليون طن قمح سنويًا خلال الفترة من يوليه عام 2014 وحتى يونيه 2020. يستهدف برنامج عمل الحكومة (2018- 2022) زيادة القدرة التخزينية من القمح عبر انشاء 13 صومعة، وضمان احتياطى استراتيجى (4030) ألف طن من القمح.
وقعت الحكومة المصرية اتفاقًا مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" عام 2018 يهدف إلى الجمع بين أفضل الممارسات الدولية المبتكرة والمعايير العالمية، وبين الخبرات الوطنية والإقليمية خلال فترة الشراكة الممتدة منذ عام 2018 وحتى عام 2022، ووفقًا لهذا الاتفاق ستقدم المنظمة الدعم للحكومة المصرية لتنفيذ إطار البرنامج الوطنى والقائم على الأولويات التالية؛ تحسين الإنتاجية الزراعية، ورفع مستوى الأمن الغذائى للسلع الغذائية الاستراتيجية، والاستخدام المٌستدام للموارد الزراعية الطبيعي.
زيادة الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة
- تعمل الدولة من خلال برنامج قومى متكامل العناصر يقوم على المحافظة على الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية الحالية وتنميتها لمواجهة الطلب المتزايد، بهدف زيادة المعروض من ناحية وتحسين الجودة وخفض التكلفة من ناحية أخرى.
فى مجال الثروة الحيوانية، تستهدف خطة الحكومة زيادة الإنتاج من 950 ألف طن عام 16/2017 إلى 1.75 مليون طن عام 21/2022، مما يرفع نسبة الاكتفاء الذاتى من اللحوم الحمراء من 79٪ إلى 82٪ فى عام 21/ 2022. وكذلك زيادة الإنتاج المحلى من الألبان من نحو 6 مليون طن عام 16/2017 إلى حوالى 10.5 مليون طن فى 21/2022، مما يرفع نسبة الاكتفاء الذاتى من 90٪ إلى 99٪ بنهاية21/2022.
فيما يخص الثروة الداجنة، تم رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من اللحوم البيضاء إلى نحو 95٪
فى مجال تنمية الثروة السمكية، تم التوسع فى مشروعات الاستزراع السمكي، وإنشاء وتطوير موانئ الصيد وورش الإصلاح والصيانة ومعدات التصنيع المُلحقة بها. تستهدف الحكومة زيادة الإنتاج السمكى من 1.9 مليون طن عام 2016/ 2017 إلى نحو 3 مليون طن عام 21/2022، بحيث يرتفع الإنتاج من نهر النيل بنسبة 7٪ سنوياً، ومن البحيرات بنحو 13٪، ومن الاستزراع البحرى بنحو 20٪ .
جهود الدولة فى تقديم غذاء صحى إلى الفئات الأكثر احتياجًا:
انتهجت الحكومة السياسات والبرامج لتوفير الغذاء بأسعار مدعومة للفئات الأكثر احتياجًا. وقد بلغت قيمة مخصصات الدعم السلعية خلال 2020/2021 مبلغ 89 مليار جنيه. ويبلغ عدد المستفيدين من نظام البطاقة التموينية المطبق فى مصر ما يقرب من 69 مليون نسمة، ويبلغ عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز 79 مليون مواطن، وتبلغ نسبة دعم الخبز من الموازنة 6%.
تعتمد منظومة الدعم الغذائى الجديد على توجيه الدعم لمستحقيه، مع إتاحة الحرية للمستفيدين للاختيار بين 20 سلعة.
تساهم الحكومة فى توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مخفضة من خلال شبكة توزيع منضبطة ومنتظمة تتكون من 1172 منفذ لفروع شركات تابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية تغطى كافة أنحاء المحافظات، إلى جانب المشروعات التى نفذتها الحكومة مثل مشروع "جمعيتي" بإجمالى عدد 4605 منفذ توزيع سلعي، ومستهدف الوصول إلى 6000 منفذ فى عام 2020، إضافة إلى مشروعات المنافذ والخدمات المتنقلة بإجمالى 2414 سيارة متنقلة فى مختلف المحافظات، ومقرر الانتهاء من إضافة 1000 سيارة بحلول عام 2022، إلى جانب العديد من المعارض الموسمية.
إدخال بعض التعديلات على برنامج دعم المواد الغذائية بهدف تحسين القيمة الغذائية للسلع المقدمة فى إطار البرنامج وتشجيع المستفيدين على اتباع نظم غذائية صحية وأكثر تنوعاً.
التوسع فى برامج التغذية المدرسية المجانية لتستوعب أكثر من 11 مليون طالب بنسبة تصل إلى 81% من الطلاب المقيدين بمرحلة التعليم الأساسى بالتعليم العام والأزهري، وقد اعتمدت وزارة المالية فى موازنة العام المالى 2019 /2020 نحو 2 مليار جنيه للتغذية المدرسية حيث تم إنتاج 70 مليون وجبة خلال العام الدراسى 2019/2020. كما تم توزيع 40 مليون وجبة مدرسة خلال الفصل الدراسى الأول من عام 2019/2020 على تلاميذ المدراس فى 13 محافظة من محافظات الجمهورية.
وفى إطار سياسات تطوير شبكات الأمان الاجتماعي، تدعم السياسات الحكومية التجربة المجتمعية المصرية لمكافحة الجوع من خلال مؤسسة "بنك الطعام المصري" وهى مؤسسة أهلية غير هادفة للربح هدفها القضاء على الجوع فى مصر. وقد شهد عام 2019 مساعدة البنك لحوالى 3.5 مليون أسرة ضمن برنامج الإطعام الشهرى والموسمي، فضلًا عن توفير ما يقرب من 3 مليون وجبة مدرسية لعدد 24 مدرسة.
زيادة التوعية بأهمية التغذية السليمة وتقليل الفاقد والهدر فى الغذاء
إجراء عدد من حملات التوعية للحد من هدر الطعام وأهمية التغذية السليمة التى تقى من الإصابة بالأمراض المزمنة خاصة بين الفئات الأكثر تعرضاً للأمراض المرتبطة بسوء التغذية.
- أطلقت وزارة الصحة فى عام 2019 برنامج الكشف عن الأمراض المرتبطة بسوء التغذية بين أطفال المدارس مثل أمراض السمنة والأنيميا والتقزم، على أن يتم العلاج عن طريق تحويل الطفل إلى التأمين الصحى للمتابعة وتلقى العلاج بالمجان. وقد استهدفت هذه الحملة نحو 11.5 مليون طالب فى أكثر من 22 ألف مدرسة.
تناقص نسبة انتشار مرض نقص وسوء التغذية بين السكان خلال عام 2018 مقارنة بـ 2017 لتصل إلى 4.5% وكذلك نسبة الأطفال الذين يعانون من التقزم من حوالى 30.7% عام 2012 إلى حوالى 22.3% عام 2018، كما تناقصت قيمة مؤشر زيادة وزن الأطفال دون الخامسة من 20.5% عام 2012 إلى 15.7% عام 2017.
استطاعت الحكومة المصرية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) من خلال مشروع "تقليل الفاقد والهدر فى الغذاء وتطوير سلسلة القيمة لضمان الأمن الغذائى فى مصر" تدريب وتنمية قدرات حوالى 7895 مزارع، ومرشد زراعي، وتاجر بشأن كيفية الحد من الفاقد والمهدر للمحاصيل لمرحلة ما بعد الحصاد.
تطوير جهود الرقابة على سلامة الغذاء:
تأسست الهيئة القومية لتأمين جودة وسلامة الغذاء فى عام 2017، وهى هيئة تتبع رئيس الجمهورية وتهدف إلى حماية صحة المستهلك عن طريق التأكد من أن الغذاء المنتّج، والمصنّع، والموزّع أو المتداول فى السوق يحقق أعلى معايير السلامة والصحة. ويعكس إنشاء الهيئة تبنى أسلوب وفكر وقائى جديد يرتكز على متابعة عملية تداول الغذاء بغرض تجنب أى مصدر للتلوث خلال كافة مراحل السلسلة الغذائية.
تقوم الهيئة بوضع وتطبيق نظام للرقابة على المنشأت الغذائية والتحقق من تطبيقها لأحكام التشريعات الغذائية عبر جميع مراحل تداول الغذاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة