خرج النبي مم مكة قاصدا المدينة المنورة، وفى الطريق حماه الله سبحانه وتعالى من قريش الذين حاولوا قتله، وكان ممن التقى بهم فى طريقه "أم معبد الخزاعية"، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "قصة أم معبد الخزاعية"
قال يونس عن ابن إسحاق، فنزل رسول الله ﷺ بخيمة أم معبد، واسمها عاتكة بنت خلف بن معبد بن ربيعة بن أصرم فأرادوا القرى.
فقالت: والله ما عندنا طعام ولا لنا منحة ولا لنا شاة إلا حائل، فدعا رسول الله ﷺ ببعض غنمها فمسح ضرعها بيده ودعا الله، وحلب فى العس حتى أرغى وقال: «اشربى يا أم معبد».
فقالت: اشرب فأنت أحق به، فرده عليها فشربت ثم، دعا بحائل أخرى ففعل مثل ذلك بها فشربه، ثم دعا بحائل أخرى ففعل بها مثل ذلك فسقى دليله، ثم دعا بحائل أخرى ففعل بها مثل ذلك فسقى عامرا، ثم تروح.
وطلبت قريش رسول الله ﷺ حتى بلغوا أم معبد فسألوا عنه.
فقالوا: أرأيت محمدا من حليته كذا وكذا؟ فوصفوه لها.
فقالت: ما أدرى ما تقولون، قدمنا فتى حالب الحائل.
قالت قريش: فذاك الذى نريد.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن معمر، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عقبة، بن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، ثنا أبى عن أبيه عن جابر قال: لما خرج رسول الله ﷺ وأبو بكر مهاجرين فدخلا الغار، إذا فى الغار جحر فألقمه أبو بكر عقبه حتى أصبح مخافة أن يخرج على رسول الله ﷺ منه شيء.
فأقاما فى الغار ثلاث ليال ثم خرجا حتى نزلا بخيمات أم معبد فأرسلت إليه أم معبد أنى أرى وجوها حسانا، وإن الحى أقوى على كرامتكم مني، فلما أمسوا عندها بعثت مع ابن لها صغير بشفرة وشاة، فقال رسول الله ﷺ: «أردد الشفرة وهات لنا فرقا» يعني: القدح.
فأرسلت إليه أن لا لبن فيها ولا ولد.
قال: «هات لنا فرقا» فجاءت بفرق فضرب ظهرها فاجترت ودرت فحلب فملأ القدح فشرب وسقى أبا بكر، ثم حلب فبعث فيه إلى أم معبد.
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد.
وعبد الرحمن بن عقبة لا نعلم أحدا حدث عنه إلا يعقوب بن محمد وإن كان معروفا فى النسب.
وروى الحافظ البيهقى من حديث يحيى بن زكريا بن أبى زائدة، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، ثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني، سمعت عبد الرحمن بن أبى ليلى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه.
قال: خرجت مع رسول الله ﷺ من مكة فانتهينا إلى حى من أحياء العرب، فنظر رسول الله ﷺ إلى بيت منتحيا فقصد إليه، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة فقالت: يا عبد الله! إنما أنا امرأة وليس معى أحد، فعليكما بعظيم الحى إن أردتم القرى، قال: فلم يجبها وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز لها يسوقها، فقالت: يا بنى انطلق بهذه العنز والشفرة إلى هذين الرجلين فقل لهما تقول لكما أمي: اذبحا هذه وكلا وأطعمانا.
فلما جاء قال له النبى ﷺ: «انطلق بالشفرة وجئنى بالقدح».
قال: إنها قد عزبت وليس بها لبن.
قال: «انطلق».
فجاء بقدح فمسح النبى ﷺ ضرعها، ثم حلب حتى ملأ القدح.
ثم قال: «انطلق به إلى أمك».
فشربت حتى رويت، ثم جاء به فقال: «انطلق بهذه وجئنى بأخرى».
ففعل بها كذلك ثم سقى أبا بكر، ثم جاء بأخرى ففعل بها كذلك، ثم شرب النبى ﷺ، فبتنا ليلتنا، ثم انطلقنا، فكانت تسميه المبارك.
وكثرت غنمها حتى جلبت جلبا إلى المدينة، فمر أبو بكر فرأى ابنها فعرفه، فقال: يا أمه هذا الرجل الذى كان مع المبارك.
فقامت إليه فقالت: يا عبد الله من الرجل الذى كان معك؟
قال: أو ما تدرين من هو؟
قالت: لا.
قال: هو نبى الله.
قالت: فأدخلنى عليه.
قال: فأدخلها فأطعمها رسول الله ﷺ وأعطاها - زاد ابن عبدان فى روايته - قالت: فدلنى عليه.
فانطلقت معى وأهدت لرسول الله ﷺ شيئا من أقط ومتاع الأعراب.
قال: فكساها وأعطاها.
قال: ولا أعلمه إلا قال: وأسلمت، إسناد حسن.
وقال البيهقي: هذه القصة شبيهة بقصة أم معبد، والظاهر أنها هى والله أعلم..
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة