افتتح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، واللواء عبد المجيد صقر محافظ السويس، اليوم الجمعة، مسجد المصطفى – بمدينة الملك عبد الله – بحى عتاقة، مشاركة لأبناء محافظة السويس الاحتفال بالعيد القومى للمحافظة، بحضور الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور عبدالله رمضان نائب محافظ السويس.
وأكد وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة بمسجد المصطفى، أن الإيمان الحقيقى يُقوِّم سلوك صاحبه ويُهذِّب أخلاقه، يقول نبينا "صلى الله عليه وسلم": "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ"، وقال رجلٌ يا رسولَ اللهِ إنَّ فلانةَ فذَكَرَ من كثرةِ صلاتِها وصدقتِها وصيامِها غيرَ أنَّها تُؤْذِى جيرانَها بلسانِها، قال: "هى فى النارِ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذى لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم) :" مَا آمَنَ بِى مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ"، ويقول أيضًا "صلى الله عليه وسلم":"مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ"، فالإيمان ليس بالكلام وإنما سلوك وأخلاق وقيم.
كما بين جمعة، أن خلق الحياء من الأخلاق الأصيلة للإسلام، يقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ" ، والسيدة عائشة (رضى الله عنها وأرضاها) تؤكد هذا فتقول : "إِنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ عَشَرَةٌ : صِدْقُ الْحَدِيثِ ، وَصِدْقُ الْبَأْسِ فِى طَاعَةِ اللَّهِ ، وَإِعْطَاءُ السَّائِلِ ، وَمُكَافَأَةُ الصَّنِيعِ ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ ، وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ ، وَالتَّذَمُّمُ لِلْجَارِ ، وَالتَّذَمُّمُ لِلصَّاحِبِ ، وَقِرَى الضَّيْفِ ، وَرَأْسُهُنَّ الْحَيَاءُ" ، والحياء من الأخلاق الراسخة التى أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية ، والتى لم تُنسخ فى أى ملة من الملل ، ولا شريعة من الشرائع ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "الإيمانُ بِضْعٌ وسَبْعونَ أو بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعبةً: فأفضلُها قولُ لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وأدْناها إماطةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإيمانِ" ، ويكفى الإنسان ذمًا وعيبًا أن يُقال "فلان لا يستحي" فتلك خصلة من أسوء الخصال، حتى إنهم قالوا أهجى بيت قالته العرب:
إن يغدروا أو يجبنوا أو يبخلوا
يغدوا عليك مرجلين كأنـهم لم يفعلوا
يفعل الفعلة الشنعاء ولا يستحيى من الله ولا من الخلق.
ويقول الشاعر:
إذا قلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤهُ
فلا خيرَ فى وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ
حياءَك فاحفظْه عليك فإنَّما
يدلُّ على فضلِ الكريمِ حياؤهُ
ويقول الشافعى ( رحمه الله تعالى):
فلا والله ما فى العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير
ويبقى العود ما بقى اللحاء
إذا لم تخش عاقبة الليالي
ولم تستح فاصنع ما تشاء
ويقول الآخر:
اذا ما خلوت بريبة فى ظلمة
والنفس داعية إلى العصيان
فاستحى من نظر الإله وقل لها
إن الذى خلق الظلام يراني
وتابع وزير الأوقاف:"وهذا ما كان من فعل الفتاة التى طلبت منها أمها أن تخلط اللبن بالماء ، فقالت لها يا أماه أما سمعت عزمة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضى الله عنه وأرضاه) إذ نادى مناديه "لا يخلطن أحد اللبن بالماء " فقالت لها: "أين منادى عمر الآن"؟ فقالت لها: يا أماه "إنى لأستحى من الله أن أطيعه على الملأ، وأعصيه فى الخلاء" .
قال الشاعر:
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ
خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَى رَقِيْبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً
وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيْبُ
وأكد جمعة أن الحياء من الله تعالى يقتضى أن تراقب الله (سبحانه وتعالى) فى خلوتك وفى ظلمتك كما تراقبه فى ملأ من الناس ، فإذا كنت تستحيى من الله فى الخلوة كما تستحيى منه على الملأ فأنت تحسن مراقبة الله ، وهذا جزاؤه عند الله عظيم ، فمن السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله : " ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"، ويقول ( صلى الله عليه وسلم ) : "اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ ( صلى الله عليه وسلم) : "لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ".
وفى سياق متصل، بين جمعة، أن صفحات الجماعات الضالة تجنح إلى السب والقذف والخروج عن أخلاق الإسلام ، والإسلام منهم براء ، لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول : " الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِى الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِى النَّارِ" ، وهذا ما تجده من كتائب الجماعات الضالة التى تدعى زورًا أنها تحمل لواء الإسلام ، والإسلام منها براء ، فالمؤمن الحق لا ينطق بلفظ نابٍ أبدًا ، فهو ليس بشتام ولا بذيء ، ومن لم يتعظ بتخطف الموت لمن حوله هذه الأيام فلا واعظ له.
كما أكد جمعة أن الحملات المأجورة التى قامت بها الجماعات المأجورة حول قضية بناء المساجد فى مصر حملات كاذبة لا أساس لها من الصحة، فإنه خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر تم افتتاح 383 مسجدًا وهذا المسجد هو رقم 383 فى الافتتاحات ، وأسأل الله العلى العظيم أن يجزى كل من أسهم أو قدم أو قام على مثل هذا المسجد خير الجزاء، مضيفا:"هذه الجماعات كانت تختلس على أرض مغتصبه ما يحقق أهدافها ومصالحها ؛ زاوية صغيرة هنا على أملاك الدولة، وأخرى هناك على حافة الترع وخلف قطبان القطارات والمقابر ليختبئوا بأفكارهم الضالة عن أعين الناس ، فلما عادت الدولة تستبدل فى طريقها الإصلاحى بكل زاوية تعيق طريق الناس مسجدًا على هذا النحو بمفهوم المسجد الجامع فقدوا صوابهم وأخذوا يروجون لشائعاتهم وأكاذيبهم التى يدحضها الواقع ، فالدولة تبنى ولا تهدم ، وأن ما حدث من عمارة للمساجد فى السنوات الست الماضية غير مسبوق وربما لا يتكرر بسهولة فى أى مكان ، إذ بلغ إجمالى ما تم إحلاله وتجديده وصيانته ما يزيد على 3600 مسجدًا ، كما عبر عن سعادته بهذا الصرح، مؤكدًا أن هذا هو مفهوم المسجد الجامع ، وبه يتبين الفرق بين عمل الدولة ومؤسساتها وبين أفكار تلك الجماعات الضالة ، فالدول تبنى ، ونحتاج أن نقوى دولنا ونقوى مؤسساتنا الوطنية ولا نسمح لتلك الكيانات التى كانت تريد أن تصنع كيانات موازية لا تنشأ إلا على أنقاض الدول بتعطيل مسيرة البناء
وأشار وزير الأوقاف إلى أن هذا المسجد لم يُبن فى الهواء الطلق بل بُنى فى مدينة عامرة على تراث معمارى وهندسي، فالدولة لا تبنى المساجد فقط ، وإنما تبنى المسجد والمسكن والمدارس وتُعبّد الطرقات ، وهذا هو ما يجعل من تقوية الدولة الوطنية فرض عين على كل إنسان وطنى يحب وطنه ، ومن الظلم تشويه الحقائق، فهذه الجماعات لا تعرف إلا التشويه والهدم.
حضر افتتاح المسجد النائب سليمان وهدان وكيل مجلس النواب والسفير عبد الله الطليحى القنصل العام السعودي، والدكتور السيد الشرقاوى رئيس جامعة السويس، وخالد سعداوى سكرتير عام المحافظة، والعميد إيهاب حسن مساعد سكرتير عام المحافظة، والشيخ ماجد راضى مدير مديرية أوقاف السويس، والشيخ إسماعيل الراوى مدير مديرية أوقاف جنوب سيناء، ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية بمحافظة السويس، وبمراعاة الضوابط والإجراءات الوقائية.
\
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة