يتجه رئيس الحكومة اللبنانية السابق زعيم (تيار المستقبل) سعد الحريري، لتولي منصب رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة للبنان، وذلك في ضوء ما أعلنت عنه العديد من التكتلات النيابية عقب انقضاء القسم الأكبر من الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الوزراء الجديد، والتي أظهرت توجها عاما نحو اختيار الحريري للمنصب.
وينص الدستور اللبناني على أن يقوم أعضاء المجلس النيابي، سواء كنواب أفراد أو تكتلات نيابية، بتسمية شخصية لتولي رئاسة الوزراء، ليقوم في أعقاب ذلك رئيس الجمهورية، وبعد التشاور مع رئيس مجلس النواب، بتكليف من يحظى بأغلبية أصوات النواب بترؤس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة ليبدأ في أعقاب ذلك مسار تأليف الحكومة.
وكان الرئيسان السابقان للحكومة اللبنانية النائب نجيب ميقاتي والنائب تمام سلام، ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، قد أعلنوا تسمية الحريري لرئاسة الوزراء.
وأعرب ميقاتي، عن أمله في أن تتضافر الجهود لتشكيل حكومة فاعلة وقادرة على إجراء الإصلاحات المطلوبة والتي يحتاجها لبنان لاستعادة ثقة الشعب والمجتمع الدولي.
وقال سلام، إن لبنان أمام محاولة جديدة للإنقاذ في ظل متابعة ورعاية دولية، لاسيما مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإنقاذية، متطلعا أن تقوم القوى السياسية بمعاونة الحريري على إنجاز تشكيل حكومة إنقاذ من الاختصاصيين ولو لفترة أشهر معدودة، بعيدا عن العرقلة والمناكفات السياسية والتعطيل، في ظل الحاجة المُلحة لإجراء الإصلاحات لإيقاف الانهيار الذي تعاني منه البلاد.
من جانبه، أكد الفرزلي، أن اختياره للحريري باعتبار أن الأخير يمثل صورة لبنان التعايشية على مستوى الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة)، آملا أن تتشكل حكومة جديدة تحقق الغاية الرئيسية في عملية إنهاض لبنان ومنعه من الاستمرار في الانهيار.
وعلى صعيد الكتل النيابية، أعلن النائب سمير الجسر أن الكتلة النيابية لتيار المستقبل والتي تضم 18 نائبا، قد اختارت زعيمها سعد الحريري لترؤس الحكومة الجديدة، مؤكدة دعم الكتلة لكافة المساعي الرامية لإنهاض لبنان ومساعدته على تجاوز أزماته، مرجحا ألا تستغرق عملية تشكيل الحكومة الجديدة فترة طويلة.
من جهته، قال النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (التكتل النيابي لحزب الله ويضم 12 نائبا) إن الكتلة لم تُسم أحدا لمنصب رئاسة الحكومة، مبررا هذا الموقف بأن "التفاهم الوطني" هو الممر الإلزامي للحفاظ على لبنان وحماية سيادته ومصالحه، وباعتبار أن نجاح العملية السياسية في البلاد وتحقق مصالح لبنان واللبنانيين يتوقفان على هذا التفاهم.
بدوره، أعلن النائب طوني فرنجيه أن كتلة التكتل الوطني (الكتلة النيابية لتيار المردة وتضم 5 نواب) اختارت الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، معربا عن تطلعه للإسراع في عملية التأليف الحكومي بمنأى عن الخلافات والمزايدات السياسية، مشيرا إلى أن اللبنانيين سئموا من السياسة لاسيما في ظل الشُح في الأدوية والمحروقات والمواد الغذائية والدمار الذي تُعاني منه العاصمة بيروت في أعقاب انفجار ميناء بيروت البحري.
من جهته، شدد فرنجيه على أن "المظلة المسيحية" تتوافر للحريري لتكليفه ترؤس وتشكيل الحكومة الجديدة، وأن المسيحيين في لبنان لا يريدون الدخول في معارك أو صراعات من أي نوع مع الطائفتين السُنّية أو الشيعية، وإنما يريدون أن تكون هناك حكومة للبنان قادرة على الإنجاز.
من جانبه، ذكر النائب تيمور جنبلاط رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي (التكتل النيابي للحزب التقدمي الاشتراكي والذي يضم 7 نواب) أنه جرى تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، مشيرا إلى أن البلاد تعاني من انهيار كامل يستدعي الحفاظ على المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان.
بدوره، قال النائب جان عبيد إن كتلة الوسط المستقل (التكتل النيابي لتيار العزم والذي يضم 4 نواب) اختارت الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، داعيا إلى وحدة الموقف السياسي لمواجهة الكم الكبير من الصعاب والأزمات التي يمر بها لبنان.
من جانبه، أعلن النائب أسعد حردان أن الكتلة القومية الاجتماعية (التكتل النيابي للحزب السوري القومي الاجتماعي والذي يضم 3 نواب) قامت بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة لإنهاء الفراغ الذي يعاني منه لبنان على مستوى المؤسسات الدستورية، مشيرا إلى أن الكتلة سألت رئيس الجمهورية ميشال عون خلال جلسة الاستشارات عن المرشحين للمنصب، فأجابهم أن هناك مرشحا واحدا هو الحريري، وهو الأمر الذي ترتب عليه اختيارهم له لترؤس وتشكيل الحكومة.
بدوره، أشار النائب الوليد سكريه إلى أن كتلة اللقاء التشاوري (تجمع للنواب السُنّة حلفاء حزب الله وعددهم 4 نواب) امتنعت عن تسمية أحد لمنصب رئيس الوزراء، معتبرا أن "المرشح الوحيد" المطروح اسمه خلال جلسة الاستشارات النيابية يمثل السياسات الخاطئة التي أوصلت لبنان إلى الأزمات التي يعاني منها.
ومن جانبه، قال النائب جورج عدوان إن كتلة الجمهورية القوية (التكتل النيابي لحزب القوات اللبنانية ويضم 14 نائبا) لم تُسم أحدا لمنصب رئاسة الحكومة، في إطار قناعة أن المرحلة الحالية من عمر لبنان تتطلب ضرورة تشكيل حكومة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية، يُطبق فيها مبدأ المداورة في تولي الحقائب الوزارية وعدم تخصيص أي وزارة لأي فريق بعينه، وأن تنفذ مهمة محددة تتمثل في الإنقاذ وإجراء الإصلاحات وفق جدول زمني محدد.
وأكد عدوان أنه إذا شُكلت الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري وفقا لهذه الشروط التي يراها حزب القوات اللبنانية، فإنه حينها سيتم اتخاذ "القرار المناسب" خلال جلسات منح الثقة النيابية للحكومة الجديدة في البرلمان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة