حالة من القلق تنتاب الدول الأوروبية من احتمالات عودة هجمات الذئاب المنفردة وارتكاب جرائم وعمليات إرهابية مع اقتراب احتفالات رأس السنة، خاصة بعد واقعة ذبح أستاذ التاريخ الفرنسي صامويل باتي على يد أحد الشباب ذوى الأصول الشيشانية، وهو ما قابلته السلطات الفرنسية بحملة أمنية واسعة طالت مراكز وجمعيات إسلامية على صلة وثيقة بجماعة الإخوان الإرهابية.
اعتقال امام بسبب التطرف
المخاوف الفرنسية انتقلت بدورها إلى مدريد، حيث أقدمت السلطات الإسبانية على حملة رصد شاملة طالت المساجد والجمعيات الأهلية التي تمثل ذوو الأصول العربية والمسلمة داخل البلاد، وهي الحملة التي تزامنت مع أولي جلسات محاكمة هشام إف إم إس، الثلاثاء الماضى، فى المحكمة الوطنية العليا بعد اتهامات بإنشاء منظمة مقررها فى أليكانتى لنشر الفكر المتطرف فى المساجد والتى ستكون بمثابة ملجأ للعائدين من سوريا والعراق الذين انضموا لتنظيم داعش.
امام فى اسبانيا
وقالت صحيفة لاراثون الأسبانية، فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى، إن وزارة الداخلية أصدرت مؤخرا بيانا أكدت فيه أن 100 من أصل 1300 مسجد، كانت تتبع هذا النوع من التطرف، وتركز التحقيقات على بعض الأئمة اكثرها من تركيزها على المساجد نفسها، لأنها لا تتعلق بتجريم دين يكون معظم اتباعه غرباء عن التنظيمات الارهابية.
الحملة الأسبانية جاءت بعد سلسلة من التحذيرات من تنامي نشاط الجمعيات الممولة من دول بينها قطر وتركيا، والتي تدفع بأئمة وثيقي الصلة بجماعة الإخوان الإرهابية.
اعتقال الارهابين فى اسبانيا
وأكدت الصحيفة أن قوات الأمن الإسبانية حددت مواقع العديد من هذه المعابد أو المراكز الإسلامية التى يشتبه فى قيام أئمتها بنشر أيديولوجية متطرفة، وعندما تتوفر الأدلة، يتم إبلاغهم إلى السلطة القضائية، وكما حدث بالفعل، يتم طردهم من إسبانيا.
ويزداد عدد المساجد ذات الأئمة المتطرفين فى مدريد فقط عن 14 إمام، وتم الكشف عنهم خلال عمليات من قبل الأمن الإسبانى، حتى العام الجارى 2020، وهذا الرقم من المتوقع أن يزداد فى الأسابيع المقبلة بسبب التحقيقات الجارية وتكثيف الجهود للكشف عن المتطرفين فى إسبانيا فى الوقت الحالى.
الدواعش فى اسبانيا
وأوضح التقرير أن ما يثير قلق الأمن الإسبانى حول انتشار الائمة التطرفين هو وجود عدد من المساجد بشكل غير قانونى والتى يتم إقامتها فى أماكن مختبئة مثل المرآب أو الغرف الخلفية لبعض المنازل، والمساجد الكبيرة مثل التى تم اكتشافها خلف مسجد ام 11 الذى يوجد فى العاصمة مدريد.
وأشار التقرير إلى أن كتالونيا أيضا من أكثر المناطق التى ينتشر بها متطرفين فى إسبانيا، وذلك بعد ان كشفت عدة تقارير أن غالبية المقاتلين الإسبان المنضمين إلى داعش فى سوريا والعراق من الإقليم.
وأوضح التقرير أن بعض الائمة الذين لهم دور كبير فى نشر التطرف فى أوروبا، ولذلك فإن إسبانيا تكثف جهودها لاعتقال الائمة المتطرفين كما فعلت فى عام 2018 عندما طردت 5 أئمة معتبرة أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومى، وذلك لاستخدام المبانى غير القانونى والمراكز الثقافية للعمل على تجنيد الشباب وتحويلهم إلى إرهابيين تحت مسمى "جنود الله".
وكان الأئمة المطرودون في ذلك الوقت هم "أ. إي"، 40 ، الذي كان يخطب في مسجد في منطقة سان أوجستين دي إل إيجيدو "المريا" ، مما يدل على أن رسائله تشكل خطراً على الأمن القومي، كان هو من انتقل إلى المزارع. بمجرد مغادرتهم التراب الوطني ، تم إغلاق المسجد لأنه كان في وضع غير نظامي، كما في ذلك الوقت ، كما تم فتح ملف طرد ضد إمام مسجد في جيرونا، والذى يبلغ من العمر 39 عامًا كان إمامًا للجالية الإسلامية في لا رابيتا (غرناطة) بسبب رسائله المتطرفة والعنيفة التي أطلقها مستغلًا نفوذه.
وأشار التقرير إلى أن هناك العديد من المخاوف لدى إسبانيا من نمو هذا التيار خاصة أن منهم من يحمل الأفكار المتشددة الإرهابية ويسعى جاهدا لإعلان الحرب على اسبانيا الذى يعتبرونها ملكا للكفار الآن، وبذلك فهم يستعدون لشن ما يسمونه "الحرب المقدسة" ضد المسيحيين المذنبين الأشرار.
وتتوالي تحذيرات العديد من دوائر أسبانيا الأمنية من وجود تمويلات خارجية مستمرة للأئمة والجمعيات التي تمثل ظاهريا أتباع الدين الإسلامي في أسبانيا، خاصة التمويلات القطرية، حيث قالت صحيفة "لا ثيسمو" الإسبانية إن قطر من أولى الدول التى تنشر الفكر المتطرف وتغذى وتمول الارهاب فى إسبانيا ، من خلال تمويل المساجد ودور العبادة، ودفعت أكثر من 72 مليون يورو لتمويل 140 مركزا للعبادة والمدارس الاسلامية والجمعيات فى 14 دولة فى القارة العجوز.