يثير الرئيس التركى رجب طيب أردوغان جدلا واسعا، وغضبا حادا في أوروبا بسبب طموحاته التوسعية التى تنشر حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة، فى الوقت الذى تعانى تركيا من أزمات كثيرة منها أزمة مالية طاحنة تضرب اقتصاده بقوة، وقالت صحيفة "البوبليكو" الإسبانية إنه منذ "الانقلاب الفاشل في عام 2016" ، نقل الرئيس أردوغان القوات التركية إلى أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط، وذلك ضمن سعيه إلى دور مركزي لتركيا في المنطقة ،وهو موقف يثير رفض دول المنطقة وأوروبا التي ترى في هذا التوسع تهديدًا لمصالحها.
وأشارت الصحيفة إلى أنه فى سوريا وناجورنو كاراباخ، بما فى ذلك العراق وقبرص وليبيا وبحر إيجه، تلعب تركيا دورا عسكريا لم يسبق له فى مثيل فى القرن الماضى، وهذا الدور يثير القلق من التوسع الافتراضى للديكتاتورية فى المنطقة، مضيفة أن الجيش التركى فى سوريا، وهو رهان محفوف بالمخاطر قام به الرئيس اردوغان ويصعب تبريره، حيث أن الوجود العسكرى فى سوريا يأتى بنتائج عكسية على مصالح تركيا الخاصة، كما ظهر بشكل خاص فى محافظة إدلب.
وفي بحر إيجة ، يواصل أردوغان التنقيب عن الغاز ، على الرغم من التحذيرات الأوروبية، ويمس هذا الصراع اليونان وقبرص بشكل مباشر، ويتطلب حوارًا عميقًا مع أثينا من أجل توزيع ثروات مياه شرق البحر المتوسط بطريقة عادلة ومنصفة.
وأثار الصراع في بحر إيجه ردود فعل من فرنسا وألمانيا ، اللتين منحتا تركيا فترة لسحب سفنها من المنطقة إذا لم تكن تريد فرض عقوبات، ومع ذلك ، فإن مواقف باريس وبرلين تتباين إلى حد أن إيمانويل ماكرون أكثر عدوانية بكثير من التصالحية التى تتبعها أنجيلا ميركل ، وهو عامل لا ينبغي نسيانه.
وعلى الجبهتين ، يشتبك ماكرون مع أردوغان ويبدو أنه مستعد للحد من توسع تركيا ، وهو أمر بالكاد يستطيع تحقيقه عن طريق السلاح،ولكن الرئيس الفرنسي لديه حليف مهم ، وهو جو بايدن ، الذي انتقد أردوغان في الأشهر الأخيرة ووعد بأنه إذا فاز في انتخابات 3 نوفمبر ، فسوف يتصرف بحزم ضد أنقرة ، وهو تهديد يرضي جميع خصوم تركيا، وهم ليسوا قليلين.
وأكدت الصحيفة أنه لا شك فيه أن التوسع التركى يمكن أن يكون له أثره على المدى القصير إلى المتوسط، فى الوقت الذى الدولة الوحيدة التى تتحالف مع أنقرة هى قطر، وتعرضهم للخسارة يزداد بشكل كبير.
وبخلاف الخلافات بين ماكرون وميركل ، لا يقدم الاتحاد الأوروبى موقفا موحدا، يعتبر الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى الرئيسى لأنقرة ويمكنه توثيق العلاقات.
وقال ماتيو بيريجو عضو مجلس النواب من حزب "فورتسا إيطاليا"، إن ما يحدث في ناجورنو قرة باخ يعود سببه الى الميول التوسعية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأضاف البرلمانى الإيطالى أن "حقيقة الصراع في ناجورنو قرة باغ لا تُعزى فقط إلى النزاع المستمر من قرون بين الأرمن والأذربيجانيين، والذي يستحيل تحقيق تهدئة حقيقية فيه، بسبب المشاعر بين الشعبين أولاً وقبل كل شيء".
وأضاف : "بل يرتبط بمخطط أردوغان لنشر العثمنة الجديدة في بلاد القوقاز، الذي دفع أذربيجان إلى شن هجوم عسكري يخيف روسيا بوتين وإيران أيضاً"، والذي "ينبغي أن يقرع ناقوس الخطر بشكل نهائي بالنسبة لأوروبا"، وفقا لوكالة "آكى"الإيطالية.
وذكر بيريجو أن "سوريا وليبيا وحقوق الأكراد، التنقيب في المياه القبرصية والآن ناجورنو قرة باغ، لا يمكن أن تكون أهدافًا توسعية لا يمكن المساس بها للرئيس أردوغان، الذي يعرف نفسه بأنه وريث السلطان عبد الحميد"، مشيرا إلى أنه "بعد كل هذا، لم تنجح إيطاليا بعد في ظل غموضها الجيوسياسي الدولي، بإعادة المواطنين الإيطاليين المحتجزين بشكل غير قانوني في سجن برقة".
كما انتقد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، استئناف تركيا التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، مندداً بما اعتبرها "استفزازات"، وقال "نندد بتصرفات واستفزازات تركيا الأحادية"، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يعتزم دراسة الوضع في ديسمبر للنظر في عقوبات ضد أنقرة.
وناقش القادة الأوروبيون هذا النزاع خلال قمة في بروكسل، بعدما أعادت تركيا سفينة أبحاث إلى المياه المتنازع عليها في تحد للدعوات الدولية التي تطالبها بالتراجع.
وقال الزعماء الـ27 في بيان قمتهم إن الاتحاد الأوروبي "يأسف لتجدد الإجراءات الأحادية والاستفزازية من جانب تركيا في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك النشاطات الاستكشافية الأخيرة".
وحضوا تركيا على التراجع عن خطوتها الأخيرة، وأكدوا مجددا "تضامنهم الكامل" مع اليونان وقبرص العضوين في الاتحاد الأوروبي.
كما أن اردوغان يثير الجدل واستفزاز الاتحاد الاوروبى من خلال العديد من الافعال المثيرة للجدل، جيث أنه يكرر استخدام اللاجئين وأزمة الهجرة كورقة مساومة وابتزاز الاتحاد الأوروبى، فى الوقت الذى أبحرت سفينة تركية للاستكشاف فى شرق المتوسط، مما دفع اليونان إلى الدعوة لفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبى على أنقرة فى خلاف حقوق التنقيب البحرى.
ودعا أردوغان، الاتحاد الأوروبى إلى الوفاء بمسؤولياته بشأن اتفاق الهجرة المبرم فى 2016، وفى بيان عن دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فقد بحث الرئيس أردوغان مع رئيس المجلس الأوروبى شارك ميشيل، خلال اتصال هاتفى العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبى، وقضايا إقليمية فى مقدمتها آخر المستجدات شرقى البحر المتوسط.
وأضاف البيان، أن أردوغان أكد لميشيل ضرورة إحياء العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبى ووفاء الاتحاد بمسؤولياته فى إطار اتفاق 18 مارس 2016 (بشأن الهجرة) عبر إحراز تقدم فى موضوعى الاتحاد الجمركى وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول لدول الاتحاد.
ويزعم أردوغان أن بلاده أنفقت 40 مليار دولار حتى الآن على استضافة السوريين وتصف اتفاقا أبرمته مع الاتحاد الأوروبى لتزويدها بستة مليارات يورو لدعم تلك الجهود بأنه غير كاف وتنفيذه بطيء للغاية، لكن ربما التهديدات الأخيرة التى أطلقها الرئيس التركى ما هى إلا ورقة تستخدم اللاجئين للضغط على الأوروبيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة