قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن ديننا دين الرحمة، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبى الرحمة وسيد الرحماء وإمامهم، أرسله ربه (عز وجل) رحمة للعالمين، فقال سبحانه : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء : 107) ، ويقول سبحانه : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " (ال عمران:159) .
وأضاف جمعة، فى مقال له اليوم بعنوان " سيد الرحماء (صلى الله عليه وسلم) فى ذكرى مولده":"وقد شملت رحمة نبينا (صلى الله عليه وسلم) الإنس والجن ، البشر والحجر ، الحيوان والجماد ، من ذلك ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) عندما رأى (صلى الله عليه وسلم) حُمَّرة وهي: (طائر صغير يشبه العصفور) ، نزع عنها فراخها ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : "مَنْ فجعَ هذهِ بولدِها؟ ردوا ولدَها إليها" ، ومنها قصـة ذلك الجمــل الـذى رأى النبى (صلى الله عليه وسلم) فحَنَّ وذَرَفَت عيناه ، فأتاه النبى (صلَّى الله عليه وسلم) فمسح ذِفْـراه فسكتَ ، فقال (صلَّى الله عليه وسلم) : "من ربُّ هذا الجملِ؟ لمن هذا الجملُ؟ "، فجاء فتى من الأنصارِ، فقال: لى يا رسول الله، قال : " أفلا تتقى اللهَ فى هذه البهيمةِ التى مَلَّككَ اللهُ إياها، فإنه شكا إلى أنك تُجِيعُه وتُدْئبه" (سنن أبى داود).
ومنها حنين الجذع ، الذى كان (صلى الله عليه وسلم) يخطب عليه ، فلما صنعوا له منبرًا وصعد النبى (صلى الله عليه وسلم) عليه حنََّ الجِذْعُ إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ ، وفى رواية "فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ" (صحيح البخاري) .
ولم تقف رحمة النبى (صلى الله عليه وسلم) عند حدود الإنسان أو الحيوان ، بل تعدت ذلك إلى الجماد ، فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يقول :" إِنِّى لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَى قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّى لَأَعْرِفُهُ الْآنَ" (صحيح مسلم).
وتابع جمعة:"وتتجسد رحمته (صلى الله عليه وسلم) فى أسمى معانيها عندما ذهب إلى الطائف فعندما سلط عليه أهل الطائف عبيدهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفتين ، وأرسل الله (عز وجل) إليه ملك الجبال يناديه: يا محمد لو شئت لأُطْبقَنَّ عليهم الأخشبين، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): ” لا ، ولكنى أقول: اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون، إنى لأرجو أن يخرج من أصلابهم من يقول: “لا اله إلا الله”، وهنا قال له جبريل (عليه السلام): صدق من سماك الرءوف الرحيم ، ومن رحمته ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة، حيث قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
واختتم وزير الأوقاف:"على أن ما يجب أن نتعلمه من رحمته (صلى الله عليه وسلم) هو الدرس العملى فى التخلق بخلق الرحمة فيما بيننا ، فمن لا يَرْحَم لا يُرحمْ ، والراحمون هم من يرحمهم الله ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ " (صحيح مسلم) ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : " لا تنزع الرَّحْمَة إلَّا من شقى " (سنن الترمذي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِى شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ "(صحيح مسلم)، و يقول (صلى الله عليه وسلم) : "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ" (سنن الترمذي) .