بالرغم من الحملة الإعلامية التى تقودها كلا من تركيا وقطر لمقاطعة المنتجات الفرنسية، فى محاولة منهم للتشويش على حملة المقاطعة العربية التى نجحت مؤخرا للحد من شراء المنتجات التركية بسبب سياساتها العدوانية فى المنطقة العربية، إلا أن البلدان لديهم أكبر استثمارات لبلدان أجنبية داخل فرنسا نفسها.
واعترف وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، منذ عام أن حجم التبادل التجارى بين تركيا وفرنسا سوف يتم رفعه إلى 20 مليار دولار سنويًا، وهو ما حدث بالفعل خلال الشهور الأخيرة من استثمارات وتجارة متبادلة بين البلدين.
وتعد قطر من أكبر الدول المستثمرة فى فرنسا بل أنها من أكبر 5 دول أجنبية تستثمر الأموال فى الأراضى الفرنسية، ولم تعمل قطر حتى اليوم على سحب استثماراتها من بلاد النور، ولم تغلق أحد أكبر وأشهر النوادى الفرنسية التى يمتلكها صديق أميرها الحكام تميم بن حمد، ناصر الخليفى وهو نادى "باريس سان جيرمان" وغيرها من المشاريع الضخمة التى تستثمر فيها.
التقارير الإعلامية الفرنسية تكشف أن الاستثمارات القطرية الضخمة فى باريس تتركز فى النوادى الرياضية والملاهى الليلية ومجالات العقارات والصناعة.
ووفق تقرير لصحيفة "لاكروا" الفرنسية، فإن قطر من أولى الدول العربية المستثمرة فى البلاد منذ 11 عاما وتحديدا منذ عهد ولاية الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزى وفرنسوا هولاند.
أحدث التقديرات الفرنسية كشفت أن الاستثمارات القطرية فى فرنسا وصلت لأكثر من 40 مليار دولار، وزادت فى عام 2017 وحده بنحو 30%، حيث قامت الدولتان خلال السنوات الأخيرة بتوقيع اتفاقيات متعددة منها اتفاقيات بقيمة 12 مليار يورو خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الدوحة فى ديسمبر 2017، منها العقود التى وقّعها البلدان لتشغيل وصيانة مشروع "مترو الدوحة" ومشروع "ترام لوسيل" لمدة 20 عامًا مقبلة، حيث تم توقيع العقد مع مؤسستى "را تى بي" و"أس أن سى أف" الفرنسيتين الرائدتين فى مجال النقل عالميًا، وبما يسمح من الاستفادة من كفاءة 400 ألف عامل يعلمون فى كلتا المؤسستين، إلى جانب الفوائد التى تعود على الاقتصاد الفرنسى جراء ذلك. هذا إلى جانب مشاريع الطاقة الاستراتيجية بين "قطر للبترول" و"توتال الفرنسية" والتى يمتد أغلبها لـ 25 عاما.
وتُعد قطر المستثمر الأول من بين دول المنطقة فى فرنسا، وتسهم فى بعض أهم الشركات الفرنسية فعلى سبيل المثال لا الحصر تستحوذ قطر على نسبة 100% من نادى باريس سان جرمان، و100% من عمارة الإليزيه، 85.7% من ورويال مونسو، وتوتال 2%، وفيوليا 5%، ولاجاردير 16.75% وفينشى 5.5%.
ورغم تراجع أسعار النفط والغاز فى مختلف الأوقات، فتشهد الاستثمارات القطرية فى فرنسا نموًا متواصلًا، وتشمل العديد من القطاعات مثل الطاقة والعقارات والفنادق والخدمات المالية والاتصالات والرياضة.
وأدت هذه الاستثمارات، فى قطاع الفنادق وحده، إلى خلق 1500 فرصة عمل مباشرة فى فرنسا وآلاف فرص العمل غير المباشرة. وان استثمارات جهاز قطر للاستثمار تصل إلى 25 مليار يورو (30 مليار دولار) أى ما يوازى 11% من قيمة استثمارات الجهاز، بالإضافة إلى الاستثمارات الخاصة التى تصل إلى 10 مليارات دولار".، كما تساعد الاستثمارات القطرية فى فرنسا على توفير نحو 60 ألف فرصة عمل.
ووفقا لوسائل الإعلام العالمية فتأتى فرنسا فى المرتبة الخامسة بين موردى قطر، حيث وصل حجم المبادلات التجارية إلى مليارى يورو فى عام 2015، كما أن هناك العديد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، أهمها التى وقعت بين جامعة قطر وشركة داسولت إفياشن، واتفاقية تعاون بين وزارة الصحة العامة، وشركة سانوفى، والسفارة الفرنسية فى قطر، إضافة إلى اتفاقية تدريب بين شركة ألستوم ترانسبورت وHEC
وتأتي "الحملة التركية" المتصاعدة ضد فرنسا في وقت تصاعدت فيه دعوات المقاطعة العربية للمنتجات التركية التي انتشرت كالنار في الهشيم خلال الساعات الماضية على منصات التواصل الاجتماعي، وانضمام مصر للحملة السعودية الإماراتية التونسية رفضًا للسياسات العدائية للرئيس لأردوغان، حيث شنّ أنصار الديكتاتور التركي معركة حامية الوطيس لمقاطعة فرنسا بالمقابل كان مصدرها العاصمة القطرية الدوحة التي تسكن فيها القوات التركية لحماية عرش أميرها تميم بن حمد آل ثاني.
وفي السياق نفسه، تستخدم المنظمات التي تقف وراءها قطر وتركيا آليات لخداع الجاليات المسلمة في أوروبا وخاصة فرنسا ودفعهم إلى تقديم التبرعات لمشاريعهم الدينية.
ويري مراقبون أن الهجوم الشديد الذي تقوده الدوحة وأنقرة ووسائل الإعلام المؤيدة لجماعة الإخوان ظاهره الدفاع على الدين، في أعقاب أزمة الرسوم المسيئة، إلا أن المتابع الجيد لتسلسل الأحداث في منطقة الشرق الأوسط يكشف أن السبب الرئيسي للهجوم، يكمن في عرقله فرنسا لأجندات الخراب التي تقودها قطر وتركيا فى كلاً من ليبيا وشرق المتوسط.
وأظهرت دول أوروبا قلقاً بشأن دعم كل من تركيا وقطر للجماعات المتطرفة، تحت غطاء بناء المساجد والجمعيات الخيرية، واتجهت بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى إغلاق العديد من المساجد التي يديرها أتراك وأخرى ممولة من قبل قطر، ورفضت استقبال أئمة جدد من تركيا، بعد كشف حقيقة أن الأئمة الأتراك يمارسون أنشطة تجسسية لصالح الاستخبارات التركية، ويتلقون تمويلا من تركيا.
وكانت قد كشفت صحيفة "دير شبيجيل" الألمانية في يناير عام 2019، أن أردوغان يستخدم شبكة "DITIB" اتحاد الأئمة التركي في برلين "كجزء من شبكات التحكم في الأتراك المغتربين من أجل أهدافه الخاصة، وأشار الموقع ذاته إلى أن "ديتيب" تلقت أموالا في السنوات الماضية من صناديق مالية مختلفة تابعة للدولة الألمانية ودول أوروبا، على رأسها صندوق خاص بالدعم في إطار الخدمة التطوعية لدى الجيش الألماني، وبرنامج "أن تعيش الديمقراطية" الذي تشرف عليه وزارة شؤون الأسرة الألمانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة